كانت البنوك الأميركية تتوقع العقوبات الغربية التي أُعلنت حتى الآن بشأن عدوان روسيا على أوكرانيا، لكنها تعيش الارتباك وتشعر بالقلق من أن الإجراءات الجديدة قد تزيد تكلفة تطبيق القيود الجديدة وتعقيداتها.
فقد أذن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن عملية عسكرية في شرق أوكرانيا، اليوم الخميس، فيما بدا أنه بداية حرب في أوروبا بسبب مطالب روسيا بإنهاء توسع الناتو باتجاه الشرق.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إنه سيعلن المزيد من العقوبات على روسيا أيضاً، بالإضافة إلى الإجراءات المالية المفروضة هذا الأسبوع.
وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، يوم الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على روسيا بعد اعتراف موسكو بمنطقتين انفصاليتين في أوكرانيا. ومن أهم أهدافها: البنوك الروسية وقدرتها على العمل على المستوى الدولي.
فرضت واشنطن أقسى الإجراءات، يوم الاثنين، لحظر التجارة والاستثمار بين الأفراد الأميركيين والمنطقتين الأوكرانيتين الانفصاليتين، وتحركت يوم الثلاثاء لقطع "برومسفياز بنك" و"فنشيكونومبنك" المملوكين للدولة في روسيا و42 من الشركات التابعة لهما، عن النظام المالي الأميركي.
كما حظرت وزارة الخزانة الأميركية التداول في الديون السيادية الروسية الصادرة حديثًا، وأمرت بتجميد الأصول المتعلقة بحفنة من النخب الروسية وأفراد أسرهم.
وتعتبر المؤسسات المالية هي الجهات الرئيسية التي تطبق العقوبات. في الماضي دفع العديد من المؤسسات غرامات باهظة بسبب عدم التزامهم بالقرارات، لكن منذ عام 2014 عندما فرضت دول عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم، انسحبت البنوك من المنطقة وعززت برامج الامتثال للعقوبات.
وأنفقت البنوك الأميركية ما يقدر بنحو 35.2 مليار دولار على الامتثال للجرائم المالية، بما في ذلك العقوبات، وفحوصات مكافحة غسيل الأموال والضوابط ضد الأنشطة غير القانونية الأخرى في عام 2020 وحده، وفقًا لمسح أجرته شركة "ليكسيس نيكسيس" البحثية.
ومع تصاعد التوترات في المنطقة، كانت إدارة بايدن على اتصال مع قادة القطاع المصرفي لعدة أسابيع بشأن الإجراءات المحتملة وأبلغت البنوك قبل إعلان العقوبات يوم الثلاثاء حتى تتمكن الصناعة من الاستعداد، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر في القطاع.
"لا ينبغي أن تكون العقوبات الأميركية الجديدة صعبة التنفيذ لأنه، على الأقل في الوقت الحالي، تصنيفات البنوك الروسية منفصلة إلى حد ما، وكان لدى البنوك الأميركية والعالمية في مرحلة ما بعد القرم متسعاً من الوقت لمعالجة الفروق الدقيقة في هذه الأنواع من العقوبات، بما في ذلك تحديد مالكي الأصول"، وفق ماريو مانكوسو، الشريك التجاري الدولي في "كيركلاند أند أيليس" الاستشارية.
ومع ذلك، قال المسؤولون التنفيذيون في الصناعة الذين بدأوا في تطبيق القواعد يوم الأربعاء إنهم يسعون للحصول على توضيح إضافي من وزارة الخزانة بشأن بعض التفاصيل، والأهم من ذلك الحدود الجغرافية الدقيقة للمناطق الانفصالية.
وشرح أندرو شويير، الشريك في مكتب المحاماة "سيدلي أوستن"، أنّ مهلة الثلاثين يومًا التي منحتها وزارة الخزانة للشركات للامتثال تعتبر صعبة جداً.
وقال البيت الأبيض ودول أخرى إنّ إجراءات يوم الثلاثاء هي مجرد البداية. سيكون من السهل نسبيًا التعامل مع بعض العقوبات الإضافية، مثل توسيع نطاقها لتشمل المزيد من البنوك أو الأفراد الروس.
لكن المسؤولين التنفيذيين في المصارف أشاروا إلى مخاوف من أن نهج العقوبات قد يكون مختلفاً إذا نشأت خلافات حول كيفية معالجة العدوان الروسي. ذكرت "رويترز"، الأسبوع الماضي، أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها غير متفقين على كيفية الرد على الاعتداءات الروسية غير العسكرية، مثل الهجمات الإلكترونية مثلاً.
قال مسؤولون تنفيذيون إن أنظمة العقوبات المتضاربة ستكون أكثر تعقيدًا وتكلفة في التنفيذ.
السؤال الرئيسي الآخر هو ما إذا كان بايدن سيفرض "عقوبات ثانوية" على الأطراف الخارجية التي تتعامل مع الكيانات الأساسية الخاضعة للعقوبات. وهي أيضًا أكثر صعوبة في التنفيذ بسبب تعقيد تحديد العلاقات التجارية.
كما أخبر بعض المسؤولين التنفيذيين في الصناعة المالية الإدارة أنهم يعارضون أي عقوبات تستهدف وصول روسيا إلى مزود الدفع سويفت، والذي تستخدمه أكثر من 11000 مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة. إذ يمكن لهذه الخطوة أن تضر بالبنوك الروسية، لكنها ستكون أيضًا معطلة لنظام المدفوعات العالمي وتجعل من الصعب على الدائنين استرداد أموالهم من روسيا.
(رويترز، العربي الجديد)