البنك المركزي التركي يخفض الفائدة 1% والدولار بـ11.3 ليرة... إليك أبرز المؤشرات والتوقعات
خفض البنك المركزي التركي مجدداً سعر الفائدة على الليرة بنسبة 1%، ليصل إلى 15%، في اجتماع عقد اليوم الخميس، رغم التحذيرات من آثار ذلك على سعر الليرة، التي تراجعت مباشرة بعد قرار البنك المركزي من 10.7 إلى 10.85 ليرات، قبل أن تهوي لاحقا إلى 11.3 ليرة، مع توقعات باستمرار هبوطها لتقفل عند 12 ليرة في نهاية 2021.
إلا أن سعر الليرة تحسّن قليلا مع إقفال السوق الرسمية في البورصة ولدى القطاع المصرفي، مسجلا 10.99 ليرات، إلا أن الإغلاق الرسمي على هذا السعر لا يعني أن السعر سيبقى ثابتا لليوم التالي، باعتبار أن احتمال التذبذب يبقى قائما خلال الليل بفعل المضاربين وشركات الصرافة.
وخسرت الليرة نحو ثلث قيمتها هذا العام، مقارنة بسعر مطلع عام 2021، حينما كان سعر صرف الدولار لا يزيد على 7.4 ليرات.
يأتي قرار المركزي بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، أمام الكتلة النيابية لحزبه (العدالة والتنمية) في البرلمان التركي، إن "الحكومة عازمة على إزالة آفة الفائدة المرتفعة عن عاتق شعبها".
ولم يخرج قرار المصرف المركزي عن التوقعات، إذ رجح "دويتشه بنك" الألماني، الأسبوع الماضي، تخفيض المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسية بـ200 نقطة أساس أخرى حتى نهاية العام، متوقعاً أن يؤدي التخفيض إلى ارتفاع كبير للتضخم الذي يقترب بالفعل من 20 بالمائة، أي أربعة أضعاف المستهدف رسمياً.
وتباينت توقعات 14 مؤسسة مشاركة في مسح لوكالة "رويترز" بين إبقاء المركزي التركي لمعدل الفائدة دون تغيير وتخفيضه 150 نقطة أساس رغم ارتفاع التضخم والانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة التركية.
ورجح استطلاع أجراه القسم المالي في وكالة الأناضول بمشاركة 21 خبيراً اقتصادياً، تخفيض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 15 بالمائة.
ويستمر المصرف المركزي بتخفيض سعر الفائدة، بتوجيهات حكومية وتدخل من الرئيس أردوغان، الذي يرى أن بلاده تخوض حرباً اقتصادية على "مثلث الشيطان" المتمثل في الفائدة وأسعار الصرف والتضخم، معتبراً أن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب صعود التضخم.
مصلحة استراتيجية؟
وفيما ينسب أوزون أسباب تراجع سعر الصرف، فضلاً عن هبوط سعر الفائدة، إلى المضاربات وضغوط تمارس على الأسواق قبل الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة، يرى مراقبون أن هناك أسباباً اقتصادية كثيرة تؤثر في تراجع وعدم استقرار الليرة التركية.
ويقول الأكاديمي عبد الناصر آيدن إن عائدات السياحة المتراجعة عن المخطط سببت تراجع عرض العملات الأجنبية بالأسواق، كما أن لارتفاع فاتورة استيراد الطاقة دوراً مهماً باستنزاف الدولار، فـ"فاتورة تركيا باستيراد الطاقة تزيد سنوياً على 43 مليار دولار".
مؤشرات متضاربة
ويلفت من جهة أخرى إلى أن الصادرات هذا العام من المتوقع أن تزيد على 220 مليار دولار، و"لكن يبقى استحقاق الديون الخارجية سبباً مهماً لتراجع عرض العملات الأجنبية وزيادة الطلب على الدولار، إذ من المقرر دفع الشركات التركية ووزارة الخزانة والمالية ديوناً خارجية بمقدار 13 مليار دولار خلال الشهرين الأخيرين من العام الجاري".
ويضيف الاقتصادي التركي أن التوجه العام هو تحقيق فائض في الحساب الجاري، وقد سُجِّل فائض في المعاملات الجارية خلال الشهر الماضي بقيمة مليار و652 مليون دولار، ليتراجع العجز في الحساب الجاري على أساس سنوي إلى 18 ملياراً و444 مليون دولار، متوقعاً استمرار المصرف المركزي بالتركيز على الحساب الجاري والسياسة التيسيرية النقدية واستمرار تخفيض الفائدة، ولو وارتفع التضخم إلى أكثر من 20 بالمائة.
ولا ينكر الأكاديمي آيدن دور العامل النفسي ومخاوف الأسواق في استمرار المضاربة والتدخل بقرارات المصرف المركزي، ولكن، في المقابل، يلفت إلى ما تحققه تركيا من تراجع سعر عملتها، سواء على صعيد جذب السياح أو زيادة الصادرات.
ويأخذ مراقبون على أردوغان استمراره في التدخل بالسياسة النقدية على حساب استقلالية المصرف المركزي، مستندين إلى إقالة نائبي رئيس البنك المركزي، سميح تومان وأوغور نامق كوتشك، وعضو مجلس السياسات النقدية عبد الله يافاش، قبل تخفيض سعر الفائدة، الشهر الماضي، بعدما أقال في مارس/ آذار الماضي، محافظ البنك المركزي ناجي أغبال من منصبه، وعين البروفسور شهاب قافجي أوغلو خلفاً له، وذلك بعد تعيين أغبال في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلفاً للمحافظ السابق مراد أويصال، الذي جاء بعد إقالة سابقه مراد تشتين قايا، في يوليو/تموز 2019.
ويتخوف الأتراك من استمرار ارتفاع الأسعار جراء تراجع سعر صرف عملتهم، التي زادت بأكثر من 100% خلال عامين، الأمر الذي يستوجب تدخل الحكومة لجسر الفجوة بين الدخل والإنفاق الذي يزيد للأسرة، بحسب مختصين، عن 10 آلاف ليرة تركية شهرياً.
ويرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل أن حكومة بلاده "ستلحظ غلاء الأسعار والآثار على مستوى المعيشة، لذا تنصب الاهتمامات الآن على رفع الحد الأدنى للأجور في مطلع العام المقبل، بما يوازي نسبة تضخم الأسعار".