أعلن البنك المركزي العراقي المضي في الاستغناء عن "التحويلات الخارجية" العام المقبل، فيما قرر حصر التعاملات التجارية الداخلية بالدينار بدلاً من الدولار، باستثناء تلك التي تسلّم للمسافرين.
وتحاول الحكومة العراقية السيطرة على سعر الدينار العراقي مقابل الدولار، إذ شهد الدينار تراجعا وعدم استقرار على أثر فرض وزارة الخزانة الأميركية أخيراً عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً بتهمة التعامل مع جهات معاقبة أميركياً، في إشارة إلى إيران، وهو ما انعكس سلباً على حركة السوق والأسعار.
وأكد محافظ البنك علي محسن العلاق، في بيان صدر الأحد، أن "الحوالات عن طريق البنوك المراسلة بلغت 60% من إجمالي الحوالات خارج المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي، فيما وصلت نسبة تنفيذ الحوالات المحقّقة إلى أكثر من 95%".
وأشار إلى أن "هذا التوجه جاء بعد اتفاق بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأميركي، أُسوة بدول العالم، حيث لا تمارس البنوك المركزية أعمالاً تنفيذية، ويتركز دورها في الإشراف والرقابة".
ولفت إلى أنه "يجري حالياً فتح قنوات التحويل بعملات مختلفة، منها الدرهم الإماراتي والليرة التركية والروبية الهندية واليورو".
وأشار أيضاً إلى أن "دخول معظم التجار إلى قنوات التحويل الرسمية وتوفير الدولار بسعر 1320 ديناراً كان سبباً مباشراً في السيطرة على المستوى العام للأسعار وانخفاض نسبة التضخم، الذي يعد مؤشراً أساس في فاعلية السياسة النقدية"، معتبراً أن سعر "السوق السوداء" لا يصلح كـ"مؤشر كونه يتعلق بالدولار النقدي للعمليات غير الأصولية، وليست مخصصةً لأغراض التجارة المشروعة".
ويأتي قرار البنك المركزي على أثر محاولات الحكومة السيطرة على أسعار الدينار العراقي، إلا أن انعكاساته سلبية على الاقتصاد العراقي وعلى المواطن، كما رأى ذلك الباحث في الشأن غسان علي، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "القرار ربما تكون له انعكاسات إيجابية بتعزيز الدينار العراقي بموازاة الدولار، إلا أن تأثيراته سلبية، وخاصة أن نسبة الحوالات المالية الخارجية لا يمكن الاستغناء عنها لما تحققه من مكاسب مالية للبلد".
وأكد أنه "لا يمكن أن تحسب الحوالات الخارجية التي تصل بالدولار بقيمة الدينار العراقي الرسمي 1320 دينارا للدولار، فيما السعر يزيد عن 1500 دينار للدولار في السوق العراقية، وأن كلفة الفرق بين السعرين سيتحملها المواطن، وهي كلفة كبيرة جدا".
وأشار إلى أن "سياسة البنك لا تخلو من التخبط"، مؤكدا "إننا نحتاج إلى تعزيز الدينار العراقي من خلال السيطرة على عمليات تهريب العملة ومنع المافيات التي تهربها، لا أن نقدم على إجراءات لها ارتدادات اقتصادية غير صحية".
وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية والبنك المركزي العراقي ضوابط صارمة على الحوالات النقدية التي تنفذها المصارف العراقية منذ مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، في محاولة للحد من غسل الأموال وتهريبها، إلا أن عمليات التهريب تشهد تنوعاً في طرق ووسائل خروج العملة، ما يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد الوطني العراقي.