لم تسلم أسعار الورق من التضخم في المغرب، إذ إن المنتجين ضاعفوا الأسعار منذ بداية العام الحالي، وهو ما يرده هؤلاء إلى زيادة الطلب على هذه السلعة في سياق التعافي الاقتصادي، في مقابل تناقص الإمدادات بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
ولم يكن لجوء محلات نسخ الوثائق الإدارية والشخصية في المغرب إلى رفع الأسعار مفاجئاً، فقد لاحظ المستهلكون قبل هذا الصعود الارتفاع الذي لحق بأسعار الورق والحبر في الفترة الأخيرة، والذي انعكس على المطابع التي توفر الكتب. ولجأت محلات ومطابع النسخ إلى زيادة تسعيرة نسخ الوثائق الإدارية والشخصية بنسبة 100 في المائة، بل إن نسخ الأوراق بالألوان انتقل من حوالي درهم إلى ثلاثة دراهم في بعض المحال.
ويؤكد ياقين مصباح، رئيس قطاع المطابع وصناعة الإشهار بالاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن أسعار الورق المستخدم في النسخ شهدت زيادات كبيرة في الأشهر الخمسة الأخيرة. ويضيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تلك الأسعار ارتفعت منذ العام الماضي، غير أنها شهدت قفزات كبيرة منذ مارس/ آذار تقريباً، حيث انتقل السعر من 3 دولارات للعلبة الواحدة من الورق إلى 7 دولارات.
ويشير إلى أن تلك الزيادات تؤثر سلبا على تكاليف الإنتاج بالنسبة للمطابع، هذا ما يبرر الزيادات التي شهدتها عملية نسخ الوثائق الإدارية والشخصية، والتي تتأثر كذلك بأسعار الحبر المستعمل في آلالات النسخ التي شهدت كذلك زيادات في الفترة الأخيرة.
ويسجل أن المطابع، خاصة الصغيرة منها، تجد صعوبات كبيرة في اقتناء الورق بسبب ثمنه المرتفع، الذي أثرت عليه ظروف الحرب الحالية. ويلاحظ مصباح أن ارتفاع تكاليف الإنتاج التي يأتي في مقدمتها الورق دفعت منتجي الكتب المدرسية إلى اتخاذ قرار بالزيادة في أسعارها، غير أن الحكومة أعلنت أن تلك الزيادة لن تطبق. وكانت "الجمعية المغربية للكتبيين" كشفت قبل القرار الحكومة أن أعضاءها سيرفعون سعر الكتاب المدرسي بنسبة 25 في المائة اعتبارا من الموسم الدراسي المقبل.
وبررت تلك الجمعية القرار الذي كانت ستتخذه بكون سعر الورق ارتفع في السوق الدولية بنسبة 100 في المائة. وكان الناشرون يتطلعون إلى زيادات في حدود 67 في المائة في سعر الكتاب المدرسي، قبل أن يستقروا على 25 في المائة، قبل أن تقرر الحكومة عدم الزيادة بالمرة. فقد أعلنت الحكومة عن أن سعر الكتاب المدرسي لن يشهد أي تغيير في العام المقبل، مؤكدة أنها ستبحث عن حلول مع الناشرين في ما يتعلق بارتفاع تكاليف الإنتاج.
ويفضل العديد من الناشرين بالمغرب طبع الكتب في تركيا ولبنان وإسبانيا نتيجة انخفاض التكاليف مقارنة بالمملكة، خاصة أن عدد النسخ المطبوعة لكل مؤلف لا تتعدى متوسط ألف نسخة. ويتساءل العديد من المراقبين حول جدوى الاستثمار في إنتاج الكتاب بالمغرب وتحمل مصاريف كبيرة في ظل ارتفاع التكاليف، وفي ظل منافسة غير مشروعة للمنتجين العاملين في القطاع غير الرسمي. ويستورد المغرب أغلب حاجيات الورق من الصين وأوروبا، وخاصة إسبانيا، غير أن ارتفاع الطلب في تلك البلدان وسعي الفاعلين فيها إلى تكوين مخزون أديا إلى صعوبات في التزود بهذه السلعة.
ويشير الباحث والمترجم، محمد جليد، إلى أن سعر الكتاب في المعرض الدولي للكتاب والنشر الذي شهدته الرباط أخيرا كان مرتفعا، وهو ما يبرره الناشرون بارتفاع أسعار الورق.
ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن العارضين لم يقوموا بتنزيلات جاذبة للمشترين في المعرض الأخير، رغم إعفائهم من ثمن إيجار أماكن العرض. ويسجل أن بعض الروايات التي يتراوح سعرها بين سبعة وعشرة دولارات، قفز سعرها إلى خمسة عشر دولاراً في المعرض الأخير، وهو ما ضغط على القدرة الشرائية للعديد من المشترين. وتواجه دور النشر ارتفاع الأسعار وطول مدة التسليم منذ عامين.
فقد أفضت الأزمة الصحية، اعتبارا من مارس/ آذار 2020، إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الذي لم يوفر حتى المؤسسات الكبيرة عبر العالم. وأفضت الظرفية الناجمة عن الجائحة والانتعاش الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة وأوروبا التي كونت مخزونا من الورق إلى ارتفاع الطلب، ما أفضى إلى صعوبات في التزود في المغرب، خاصة مع توقف بعض الوحدات في البلدان المتقدمة عن إنتاج الورق.
ويشير ناشرون إلى أن انخفاض العرض في السوق واكبه ارتفاع أسعار المكونات التي تدخل في إنتاج الورق والشحن، كما أن الظرفية الناجمة عن كوفيد أفضت إلى إطالة فترة تسليم الشحنات بحوالي ستة أشهر.