التضخم في بريطانيا يعود إلى المعدل المستهدف لأول مرة منذ 2021: لا احتمالات لخفض أسعار الفائدة
- بنك إنكلترا يحذر من خفض أسعار الفائدة رغم التراجع، معبراً عن قلقه من ارتفاع أسعار الخدمات والأجور، بينما رئيس الوزراء وحزب العمال يعلقان على الوضع الاقتصادي.
- توقعات بإمكانية خفض بنك إنكلترا لأسعار الفائدة بحلول أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول، وسط توازن بين صناعات الخدمات، التضخم، والتوترات الجيوسياسية، مع انتخابات قد تغير الحكومة.
أظهرت بيانات رسمية اليوم الأربعاء، أن التضخم في بريطانيا عاد إلى المعدل المستهدف عند 2% في مايو/ أيار لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات مع تلاشي التأثير الاقتصادي لجائحة كوفيد-19 الذي أدى إلى مشاكل في سلاسل التوريد، إضافة إلى الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة. ويتماشى انخفاض التضخم السنوي لأسعار المستهلكين عن 2.3% في بيانات إبريل/نيسان مع متوسط توقعات خبراء اقتصاد استطلعت وكالة رويترز آراءهم، ويمثل هبوطاً حاداً عن أعلى مستوى له في 41 عاماً عند 11.1% والذي سجله في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وكشفت بيانات مايو/ أيار أن تضخم أسعار الخدمات بلغ 5.7% بانخفاض عن 5.9% في إبريل/ نيسان، لكنه لم يتراجع كثيراً إلى 5.5% كما توقع خبراء الاقتصاد. وقال بنك إنكلترا إن عودة التضخم إلى المعدل المستهدف ليس كافياً في حد ذاته بالنسبة إليه للبدء بخفض أسعار الفائدة.
ورغم أن الانخفاض يعني فقط أن الأسعار ترتفع بمعدل أبطأ مما كانت عليه في السنوات الماضية، إلا أن رئيس الوزراء ريشي سوناك، قال إن الانخفاض دليل آخر على أن "الاقتصاد تجاوز الآن مرحلة صعبة". إلا أن راشيل ريفز، التي ستصبح وزيرة للخزانة في حال فوز حزب العمال المعارض الرئيسي في الانتخابات، قالت إن الطبقة العاملة أسوأ حالاً، مع ارتفاع معدلات الرهن العقاري عما كانت عليه منذ سنوات، والضرائب عند أعلى مستوى لها منذ 70 عاماً.
ولا يزال بعض صناع السياسات يشعرون بالقلق إزاء ارتفاع الأسعار في قطاع الخدمات الحيوي ووتيرة الزيادات في الأجور، وهو ما يزيد من مخاطر انتعاش التضخم إذا خُفِضَت أسعار الفائدة في وقت مبكر. وبينما يعتقد معظم خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت رويترز آراءهم، أن البنك سيبدأ في أغسطس/ آب بخفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى لها في 16 عاماً عند 5.25%، تعتقد الأسواق المالية أن أول خطوة للبنك ستكون في سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول على الأرجح، وتقدر بنسبة 10% فقط بأنه سيخفضها هذا الأسبوع في اجتماعه المقرر يوم 20 يونيو/ حزيران الجاري، وهو الاجتماع الأخير قبل الانتخابات المقررة في 4 يوليو/ تموز المقبل.
تراجع التضخم في بريطانيا لن يعجّل بخفض الفائدة
وتوقع الاقتصاديون في "سيتي بنك" الأسبوع الماضي، خفض الفائدة من جانب الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا (المركزي) في سبتمبر/ أيلول المقبل، مشيرين إلى أن هذا التوقع يفترض محاولة إيجاد توازن بين ثلاثة عوامل مهمة، هي متانة صناعات الخدمات، واستمرار وجود معدلات تضخم أعلى من الأهداف التي حددتها السلطات، واستمرار التوترات الجيوسياسية.
وقال سورين ثيرو، مدير قسم الاقتصاد بمعهد المحاسبين القانونيين في إنكلترا وويلز إنه "رغم هذا الانخفاض التاريخي في التضخم، فإن المخاوف بشأن ضغوط الأسعار الأساسية وتغيير السياسة في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة تعني أن خفض سعر الفائدة في يونيو حزيران من شبه المؤكد ألا يكون مطروحاً على الطاولة".
وقال محللون في بنك نومورا الأسبوع الماضي، إنهم يتوقعون تصويتاً آخر بأغلبية سبعة مقابل اثنين لمصلحة إبقاء سعر الفائدة عند أعلى مستوياته منذ 16 عاماً عند 5.25% الأسبوع المقبل، لكنهم رأوا فرصة لاحتمال انضمام النائب المحافظ ديف رامسدن مجدداً إلى الأغلبية في قرار بأغلبية ثمانية مقابل واحد ضد الخفض. وخلافاً لما حدث في الانتخابات الماضية، لا يبدو أن نتائج التصويت في الرابع من يوليو لها تأثيرات فورية كبيرة ببنك إنكلترا. فقد وعد حزب العمال بالتزام قواعد الموازنة المماثلة لقواعد المحافظين والحفاظ على هدف التضخم في بريطانيا الذي حدده بنك إنكلترا عند 2%.
ورفع بنك إنكلترا، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى، أسعار الفائدة بقوة أواخر عام 2021 من الصفر تقريباً لمواجهة الزيادة السريعة في التضخم، الذي وصل إلى مستوى أعلى من 11%، وساعدت أسعار الفائدة المرتفعة -التي تعمل على تهدئة الاقتصاد من خلال جعل الاقتراض أكثر تكلفة- على تخفيف التضخم، لكنها أثرت أيضاً في الاقتصاد البريطاني، الذي لا ينمو إلا بالكاد.
وتجاوزت بريطانيا ركوداً لم يستمر مدة طويلة مع تسجيل نمو في الربع الأول من هذا العام. وسجّل الاقتصاد البريطاني انكماشاً ضئيلاً على مدى فصلين متتاليين في النصف الثاني من 2023، وهو ما يتوافق مع التعريف التقني للركود الناجم عن ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا الذي أطال أمد أزمة تكاليف المعيشة. وتُنظّم في بريطانيا في الرابع من تموز/ يوليو انتخابات يُتوقع على نطاق واسع أن يفوز فيها حزب العمال المعارض، وهو أمر من شأنه أن يسدل الستار على حكم المحافظين المتواصل منذ 14 عاماً.
(رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)