الجزائر تطوي ملف انضمامها لـ"بريكس"... رهان على "سواعد أبناء الوطن"

06 أكتوبر 2024
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قررت الجزائر عدم الانضمام إلى تحالف "بريكس" الاقتصادي، مفضلة التركيز على الانضمام إلى بنك بريكس بشراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار لتعزيز قوتها الاقتصادية بشكل مستقل.
- يعتقد الخبراء أن رفض الانضمام قد يدفع الجزائر للبحث عن مقاربات اقتصادية جديدة وتكوين تكتلات مع دول مثل نيجيريا وتركيا وماليزيا، مما يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
- تتبنى الجزائر استراتيجية تنويع العلاقات الاقتصادية مع دول مختلفة لتحقيق مصالح مشتركة دون قيود التكتلات، مع التركيز على بنك بريكس لتحقيق تأثير أكبر.

طوت الجزائر نهائيا ملف انضمامها لتحالف "بريكس" الاقتصادي، وقطع الرئيس، عبد المجيد تبون، الشك باليقين في قضية انضمام البلاد للمجموعة الاقتصادية، مؤكداً طي هذا الملف نهائياً، وأوضح أنّ هذا الأمر لم يعد يشغل باله شخصياً في الوقت الحالي.
وقال تبون، خلال لقائه الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية الذي بُث أمسية السبت الماضي، إنّ رغبة الجزائر في الانضمام إلى "بريكس" دفعتها أسباب معينة، إلا أنّ هذه الأخيرة لم تعد واضحة المعالم حالياً، مشدداً على أن "الجزائر جمهوريةً ورئيساً معروفان بالنخوة، وبالتالي فهي لن تسعى للانضمام إلى مجموعة لا ترغب فيها، والجزائر ليست بحاجة إلى أي جهة فبناء اقتصاد قوي مرهون بسواعد أبناء الوطن".
وأضاف الرئيس الجزائري، في نفس الاتجاه، "أنّ الأطراف الذين رفضوا انضمام الجزائر إلى هذه المجموعة قد يكونون أفادوها بطريقة أو بأخرى والمستقبل كفيل بكشف ذلك"، إلا أنّه استطرد بالقول إن الأولوية هي الانضمام إلى بنك بريكس، من خلال شراء أسهم قدّرها بـ1.5 مليار دولار تسدّد على دفعات.

وتضم مجموعة البريكس قوى عالمية كبرى، مثل الصين وروسيا، ودولا تعد من الكبرى في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل. وسيبلغ عدد سكان المجموعة بعد توسعتها نحو 3.5 مليار نسمة، أي نحو 45% من سكان العالم. وتبلغ قيمة اقتصادياتها مجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي نحو 28% من الاقتصاد العالمي. وستنتج دول البريكس أيضا نحو 44% من النفط الخام في العالم.
في هذا الشأن، قال الخبير في المالية والاقتصاد، سليمان ناصر، إنّ إسدال الجزائر الستار عن ملف انضمامها لـ"بريكس"، موقف يرمي لاستعادة كرامتها بعد الرفض غير المبرّر لعضويتها في السابق.  ووفق ناصر فإنّ الجزائر تملك مقومات اقتصادية ترشحها بقوة، معتبراً جميع الحجج في هذا المجال واهية، إلا إذا ارتبط الأمر بتوجّهات سياسية "اصطدمت" بمواقف تتبناها الجزائر بل تدافع عنها بقوة في جميع المحافل.

ومع هذا، أكد الخبير لـ"العربي الجديد" أنّ الأولوية في الوقت الراهن هي التركيز على انضمام الجزائر إلى بنك بريكس، إذ يعتبر الجناح المالي للمنظمة.
وتبعه في هذه القراءة، الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص، حيث ذكر أنّ طي هذه الصفحة بعد رفض عضوية الجزائر في اجتماع جنوب أفريقيا، يندرج ضمن البحث عن مقاربة جديدة لرؤيتها الاقتصادية والعلاقات مع الشركاء، كونها دولة محورية كبرى مؤثرة على الصعيد الإقليمي.
وتوقع في إفادة لـ"العربي الجديد" ترجمة هذا التوجّه عبر تكوين تكتل جديد قد يضم الجزائر ونيجيريا من أفريقيا، فنزويلا والمكسيك من أميركا الجنوبية والشمالية توالياً، وتركيا وإندونسيا وماليزيا من آسيا، ويمكن ضم قطر بحكم العلاقة القوية مع الجزائر، وذكر أنّ هذه المجموعة تحتوي على كل المواصفات الاقتصادية لمواجهة التحديات التنموية.

الجزائر تنوع العلاقات الاقتصادية

وموازاة مع هذا، تتبنى الجزائر أطروحة تنويع العلاقات الاقتصادية، حسب الخبير، ضمن مبدأ تحقيق المصالح المشتركة أو ما يعرف بـ"رابح/رابح"، فهي ترتبط بعلاقات جيدة مع العديد من الدول في القارات الخمس، فضلاً عن الشركاء التاريخيين في القارة الأوروبية، إلى جانب علاقات صداقة مع بلدان القارة السمراء وقارة آسيا التي سرعان ما تحوّلت إلى استثمارات ومشاريع اقتصادية، ما يجعل الجزائر في منأى عن البحث عن الانخراط في تكتلات قد تلزمها بطريقة أو بأخرى.
أما الخبير المالي بوبكر سلامي فيرى أنّ مجموعة بريكس لم تعد بنفس القوة بعد دخول دول أقل قوة وتأثيراً اقتصادياً وسياسياً، فقد أصبحت تعاني مشاكل اقتصادية وسياسية عدة، على عكس ما كان عليه الأمر من قبل، وبالتالي فإنّ خيار الجزائر عدم دخول "بريكس" سيقابله حضور أقوى في بنك المجموعة "وسيكون للجزائر قوة وتأثير أكبر من الناحية المالية والاقتصادية، نظراً لاستقلالية البنك عن المنظمة إلى حد كبير"، حسب الخبير الجزائري.

المساهمون