يهدد الجفاف مزارعي منطقة الجزيرة السورية. وتتركز مصادر دخل المواطنين في المنطقة على الزراعة وتربية المواشي. تأخر هطول المطر سبّب خسائر قدرت من قبل مزارعين محليين بنحو 50 في المائة من الإنتاج، بموازاة ضعف سوق المواشي في المنطقة.
وأوضح نجم المحمد، أحد المزارعين من أبناء مدينة القامشلي لـ"العربي الجديد" أن منطقة الجزيرة بشكل عام تعتمد على الزراعة التي أصبحت مكلفة حالياً من حيث الحراثة وتوفير البذار والسماد.
وقال: "هذا العام يعتبر عام جفاف، ولكننا نتتبع الأرصاد الجوية التي تشير إلى بدء هطول المطر في 20 يناير/ كانون الثاني". وأضاف: "الجفاف ليس أزمتنا الوحيدة، لقد وقعنا ضحية تجار الحرب الذين يرفعون أسعار المواد الأولية الزراعية، وضحية فرق العملة بين الليرة السورية والدولار". أضاف المحمد "أكثر من 90 في المائة من الأراضي الزراعية بعلية، ونسبة الضرر نتيجة الجفاف وقلة الأمطار طاولت 50 في المائة من المحاصيل".
وشرح أنه "نتيجة الجفاف تراجعت الحركة التجارية في السوق، كون الدورة الاقتصادية تعتمد على الزراعة بشكل رئيس. الوضع مخيف حالياً. والزراعة المروية لاتشكل سوى 10 في المائة من أراضي المنطقة، وتحتاج مصاريف كبيرة، منها الوقود وصيانة محركات وضخ الماء وهذه التكاليف تسبب الخسارة للمزارع".
ولفت المحم د أنه خلال العقد الأخير عانت الجزيرة السورية من انخفاض منسوب المياه الجوفية، ومن بين الأسباب، السدود التي شيدت عند منبع الفرات وباقي الأنهر التي تصل سورية. وتابع "لو كانت هناك دراسة اقتصادية كان يمكن الاعتماد على محاصيل غير القمح، منها الذرة والبندورة والخيار والبيوت والبلاستيكية.
المنطقة موسمية وزراعية والمجتمع زراعي وتأخر المطر له تأثير سلبي جداً على الناس ومعيشتهم ومداخليهم التي تتناقص يومياً". وقال المزراع شلاش أبو حسين في حديث لـ"العربي الجديد" إن: "هناك الكثير من المشاكل التي تواجهنا كمزارعين، بعنا الطن الواحد من الشعير بنحو 60 ألف ليرة سورية بعد الحصاد الموسم الفائت (20.7 دولاراً)، وفي هذه الأيام بلغ سعر الطن الواحد نحو نصف مليون ليرة سورية (173 دولاراً)".
وتابع: "إذا بقيت الأوضاع على حالها واستمر الجفاف، قد يبلغ سعر الطن الواحد مليون ليرة (346 دولاراً)". أما سوق المواشي فـ"يعاني في الوقت الحالي في محافظة الحسكة من شلل السوق، وقد يكون هناك انهيار في أسعار المواشي في الفترة المقبلة".
والجفاف مشكلة حقيقية تواجه مربي المواشي فا المنطقة وفق أبو حسين، والسبب هو عدم قدرة المربين على توفير الغذاء لها، "فالمربي الذي لديه 100 رأس من الأغنام سيكون مضطرا في حال بقي الجفاف إلى بيع أكثر من نصفها وبأسعار رخيصة، ليكون قادرا على توفير الغذاء للبقية". وختم أبو حسين "لدي 100 دونم زرعتها قمحاً. التكاليف عالية.
سعر البذار ارتفع كثيراً إلى نحو 800 ألف ليرة سورية لتغطية المساحة، وأجور حراثة الأرض بلغت 250 ألف ليرة سورية، وهذا الموسم يعتبر خاسرا بكل المقاييس، مع تأخر المطر". وكشفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" في تقرير صدر عنها في سبتمبر/ أيلول عام 2019 أن إنتاج القمح في سورية عام 2019 قدر بنحو 2.2 مليون طن مقابل 1.2 مليون طن لعام 2018. بينما قدر إنتاج سورية من القمح قبل عام 2010 بنحو 4.1 ملايين طن. ويهدد الجفاف هذا العام إنتاج القمح في سورية عموما ومنطقة الجزيرة بشكل خاص.