الحرب على غزة تكبح نشاط الشركات الألمانية في دولة الاحتلال.. خطط طوارئ وتجميد استثمارات
تتفاعل الشركات الألمانية في دولة الاحتلال الإسرائيلي بحذر مع تطورات العدوان على غزة، لما لبرلين من علاقات تجارية واستثمارية وثيقة معها، إذ تتخذ عشرات شركات التكنولوجيا والأدوية والصناعة وغيرها مقرات في تل أبيب، لما يتمتع به المنتج الألماني من سمعة ومكانة ممتازة هناك.
في هذا الإطار، أوردت تقارير اقتصادية اليوم الاثنين، أن الحرب تضع الشركات الألمانية في موقف صعب، واتخذت بالفعل في ألمانيا إجراءات احترازية، إذ عمد "المعهد الاتحادي للأدوية والمواد الطبية" في مدينة بون إلى تحليل مخاطر الاختناقات المحتملة في الإمدادات وفشل التسليم المحتمل من دولة الاحتلال.
وطُلب من جمعيات صناعة الأدوية الاستفسار من شركاتها عن نسبة المخاطر المحتملة المرتبطة بالأدوية ذات الإمدادات الحيوية وإحالتها إلى المعهد في بون، فضلاً عن التشديد على أهمية التأكد من خطط الطوارئ ووجود مواقع إنتاج احتياطية.
وتماشياً مع ما ذُكر، بيّنت شبكة "أن تي في" الإخبارية أن بعض الشركات تتخذ نهجاً حذراً وتعيش حالة انتظار وترقب وقد جمّدت استثمارات مخطط لها في دولة الاحتلال.
وعن مدى تأثير ذلك، نقلت الشبكة كلاما عن ممثلة الاتحاد الفيدرالي للشركات الألمانية متوسطة الحجم في تل أبيب، أندريا فراهم، قولها إن العديد من الموظفين الألمان غادروا ويعملون من ألمانيا الآن.
وفراهم التي تشغل أيضاً منصب رئيسة مكتب إسرائيل لجمعية "هيلمهولتز" لمراكز الأبحاث الألمانية، أفادت أيضاً أنه يتم العمل على إعادة جدولة أو تأجيل المؤتمرات والفعاليات مع شركات التكنولوجيا الفائقة والشركات الصناعية والتي كان مخططاً لها للأشهر القليلة المقبلة، أو تأجيلها لأجل غير مسمى، مشيرة إلى أنه لم يلاحظ انسحاب على نطاق واسع النطاق للشركات من أعمالها في دولة الاحتلال.
وفي السنوات الأخيرة، أقامت الشركات الألمانية العديد من العلاقات مع الشركات الناشئة الإسرائيلية.
ووفقاً لمعلومات واردة على المواقع الحكومية الرسمية، عيّنت شركات ألمانية كبرى، مثل "سيمنز" و"ميرك"، مهندسين كبارا لديها في إسرائيل، في حين، أن لدى شركات "تيلكوم" و"بوش" و"دايملر" و"فولكسفاغن" و"بي أم دبليو" مراكز أبحاث وتطوير هناك، حيث استثمرت في شركات ناشئة.
ووفقاً للبنك المركزي الألماني، فإن 103 شركات ألمانية لديها فروع وحوالي 10 آلاف موظف في دولة الاحتلال، وأن حجم التجارة معها بلغ 8.4 مليارات يورو العام الماضي.
وفيما تشير تقديرات بنك جيه بي مورغان الأميركي إلى أن الناتج الاقتصادي الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11%، أوردت "ميركور أون لاين" الأسبوع الماضي، أن 10% من موظفي شركات التكنولوجيا الفائقة (هايتك) هم من بين أكثر من 300 ألف جندي احتياط استدعتهم تل أبيب للمشاركة في العدوان على غزة، وسط خشية لدى الشركات من تداعيات الحرب وعدم قدرتها على تكاليف وقف العمل، ناهيك عن أن موظفين آخرين يعملون من منازلهم بسبب الوضع الأمني، فيما جرى توقيف عمال آخرين أو مُنحوا إجازات غير مدفوعة الأجر.
كما أشارت "ميركور" إلى أن العملاء حتى الآن ما زالوا متفهمين للغاية الوضع الأمني الخطر المستجد في دولة الاحتلال.
وثمة هواجس لدى الشركات بالحفاظ على الإنتاجية، لأنها في غاية الأهمية في مجال صناعة التكنولوجيا الفائقة التي تتطور بسرعة كبيرة، ولا يمكن الابتعاد والعودة بعد أشهر بالرؤية والفاعلية نفسها، هذا عدا عن أن هذه الصناعة الناشئة تعتبر في دولة الاحتلال القوة الدافعة للاقتصاد الإسرائيلي.
في هذا الصدد، ذكرت "ميركور" أنه وفقاً لهيئة الابتكار الإسرائيلية، شكل قطاع التكنولوجيا الفائقة 18% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 50% من الصادرات.
وبالنسبة لألمانيا، تُعد دولة الاحتلال الإسرائيلي رائدة في مجال الأمن السيبراني والتكنولوجيا الحيوية والصحة والطاقة المتجددة.
ورغم أنه من السابق لأوانه وضع توقعات لأن كل شيء يعتمد على المسار المستقبلي للحرب، فهناك قلق أيضاً لدى الشركات الألمانية من ارتفاع منسوب التصعيد العسكري، لأنّ بلداناً أخرى في المنطقة أضحت ذات أهمية متزايدة بالنسبة للمصدرين الألمان، بما في ذلك السعودية ومصر.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة الجمعية الألمانية للشرق الأدنى والأوسط هيلينه رانغ في تصريح لـ"دويتشه فيله" إن "العلاقات الاقتصادية مع منطقة الشرق الأوسط لها أهمية استراتيجية وجغرافية، نظراً لنمو المبيعات وتزايد الأسواق الاستهلاكية فيها، نظراً للعدد الكبير من السكان، وهذه الأسواق مهمة جداً ورافعة للاقتصاد الألماني".