يواصل الذهب مساره نحو مستويات قياسية مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتأثيره في زعزعة ثقة المستثمرين الباحثين عن الأمان في المعادن الثمينة، وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهة إلى صراع إقليمي.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن رئيس أكبر شركة تعدين للمعادن الثمينة في العالم قوله، في مقابلة خاصة معها اليوم الاثنين، إن سعر الذهب قد يحطم قريباً مستويات قياسية إذا تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه منذ بدء العدوان على غزة ارتفع السعر الفوري للذهب بشكل حاد مع فرار المستثمرين بحثاً عن الأمان في المعدن الثمين، الذي يُنظر إليه على أنه مخزن للقيمة خلال أوقات عدم اليقين الجيوسياسي.
الرئيس التنفيذي لشركة "نيومونت غولد" توم بالمر قال في المقابلة إن "هناك بالتأكيد سيناريوهات يمكن تؤدي إلى رفع الذهب إلى مستويات قياسية".
وكان الذهب وصل إلى أعلى مستوى اسمي له على الإطلاق عند 2072 دولاراً الأونصة في أغسطس/آب 2020، عندما تضرر الاقتصاد الأميركي بشدة بسبب فيروس كورونا، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن السبائك في خضم معاناة الدولار.
وفي وقت سابق من هذا العام، اقترب الذهب من كسر هذا الرقم القياسي إلى حد كبير بسبب الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة.
ورغم الارتفاع الشديد في أسعار الفائدة على مستوى العالم، والذي من شأنه أن يخفض أسعار الأصول غير ذات العائد مثل الذهب، حيث تتمتع السندات الآن بعوائد جذابة، فقد أدى شراء المصارف المركزية المتزايد للسبائك إلى دعم الأسعار. كما ساعد الطلب الاستهلاكي القوي في الصين على دعم سعر الذهب.
وعلاوة على ذلك، ارتفع سعر الذهب بنسبة 10% تقريباً منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من الشهر الماضي، ليستقر عند حوالي 1992 دولاراً للأونصة يوم الجمعة.
لكن وفقاً لبيانات "رويترز"، انخفض الذهب، اليوم الاثنين، مع زيادة الإقبال على المخاطرة، بينما يترقب المتعاملون كلمة رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول وتصريحات مجموعة من أعضاء "المركزي" مقررة هذا الأسبوع للحصول على دلائل أخرى على المسار المتعلق بالسياسة النقدية.
وبحلول الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش اليوم، انخفض سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 1987.29 دولاراً. كما تراجعت العقود الأميركية الآجلة 0.2% إلى 1994.5 دولاراً.
ورغم أن خبراء السوق حذروا من أن تدفقات الملاذ الآمن للذهب في الأحداث الجيوسياسية عادة ما تكون قصيرة الأجل، إلا أن المتداولين يشعرون بالقلق من احتمال انتشار الصراع، ليجذب العالم العربي الأوسع.
وقال بالمر لصحيفة "فاينانشال تايمز" إن "الأشياء التي رأيناها خلال الأسابيع القليلة الماضية هي أحد العوامل التي جعلت الذهب يتمتع بالمستويات التي وصل إليها الآن".
وأبقى بنك الاحتياط الفيدرالي، يوم الخميس الماضي، أسعار الفائدة ثابتة للاجتماع الثاني على التوالي، عل الرغم من أنه أبقى الباب مفتوحاً أمام إمكانية المزيد من التشديد.
وقال بالمر: "عندما أفكر في سعر الذهب، أعتقد أن هناك الكثير من الأساسيات التي تقبع خلف المستويات التي ظلت صامدة خلال الجزء الأكبر من هذا العام. ولسوء الحظ، هناك تطورات تحدث في جميع أنحاء العالم تؤدي إلى ارتفاع سعر الذهب".
وتأتي تعليقاته في الوقت الذي أبرمت شركة "نيومونت" أكبر صفقة في تاريخ الصناعة، بشراء شركة "نيوكريست" للتعدين الأسترالية بقيمة 19 مليار دولار، ما يعزز ادعاء الشركة بأنها أكبر لاعب في هذا المجال.
ونقلت "رويترز" عن كبير المحللين في "أكتيف تريدز" ريكاردو إيفانجيليستا قوله إن خطاب باول الأسبوع الماضي، وبيانات الوظائف الأميركية التي جاءت دون التوقعات، رفعا الرهانات على أن البنك المركزي الأميركي سينهي دورة رفع أسعار الفائدة الحالية، ما أدى إلى زيادة إقبال المستثمرين على المخاطرة.
وأضاف أن أصولاً أخرى، مثل العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" ارتفعت، ما يشير إلى تحول التدفقات عن الذهب وبالتالي انخفاض أسعاره بشكل طفيف.
ويتوقع المتعاملون بنسبة 95% أن يثبت مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ويتوقعون بنسبة 86% أن أول تيسير للسياسة النقدية سيكون في يونيو/حزيران.
وقد أدى إلى انخفاض جاذبية الذهب ارتفاعُ عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.5953%، بعدما بلغت أدنى مستوى لها في 5 أسابيع يوم الجمعة.