انخفضت كميات الأجبان التي تباع يومياً في مدينة القامشلي شمال شرقي سورية، إلى ما دون 10 بالمائة، مقارنة بالكميات التي كانت تباع في السنوات السابقة في المحال التجارية للمدينة، متأثرة بانخفاض القدرة الشرائية لدى السكان وارتفاع تكاليف الإنتاج، واعتماد المنتجين على السوق المحلي في تصريف ما ينتجون.
وامتدت الآثار السلبية لركود أسواق الأجبان إلى مربي الماشية، ما فاقم من معيشة السكان بالمناطق الريفية.
تهاوي المبيعات
يمتلك الحاج محمد حمزة محلاً لبيع الأجبان في مدينة القامشلي منذ نحو 22 عاماً، لكنه لم يشهد هذا الركود في سوق البيع سابقاً. وقال حمزة لـ"العربي الجديد" إن الكمية اليومية التي كان يبيعها كانت تتراوح ما بين 400 و500 كيلوغرام، بحسب النشاط في السوق، لكن الكميات المباعة انخفضت هذا العام لما بين 50 و60 كيلوغراماً.
وانخفاض الكميات المباعة عائد لتراجع القدرة الشرائية لدى سكان المدينة، كما أوضح حمزة، خصوصاً في موسم مونة الجبن الذي يبدأ في شهر إبريل/ نيسان، ويستمر حتى منتصف مايو/ أيار، فالمواطن الذي كان يموّن 100 كيلوغرام من الجبن أصبح يموّن في الوقت الحالي 10 كيلوغرامات، وفي الوقت الحالي يقدر سعر الكيلو الواحد من الجبن بنحو 10 آلاف ليرة سورية (الدولار = نحو 3900 ليرة).
وتابع: "لا يوجد إقبال هذا العام للسلعة التي تعتمد على السوق المحلي، وفي الوقت الحالي ليس هناك تصدير أو بيع خارجي، اليوم مليون ليرة لا تشتري شيئاً بالنسبة لي كصاحب محلّ".
انخفاض أعداد المواشي
وانعكس الركود في السوق على مربي المواشي ومنتجي الأجبان في المناطق الريفية المحيطة بمدينة القامشلي، إذ انخفض عدد رؤوس الأغنام والماعز بشكل كبير لدى المربين، لعدم قدرتهم على توفير الغذاء لها.
تقول مربية الماشية، ومنتجة الجبن، فدوى موسى، قالت لـ"العربي الجديد": "قلّ عدد رؤوس الأغنام التي نعتمد عليها في الدخل. من كان يمتلك ألف رأس من الأغنام لم يعد لديه سوى نحو 50 رأساً في الوقت الحالي، حتى كميات الحليب التي تنتجها الأغنام تراجعت، وبالتالي انخفضت معها كميات الجبن المنتج. سابقاً، كانت النعجة تنتج نحو كيلوغرامين من الحليب، لكن مع قلة الغذاء لم تعد تنتج ربع الكمية".
انعكس الركود في السوق على مربي المواشي ومنتجي الأجبان في المناطق الريفية المحيطة بمدينة القامشلي، إذ انخفض عدد رؤوس الأغنام والماعز بشكل كبير لدى المربين
ارتفاع أسعار الأعلاف
أيضاً، يطوق ارتفاع أسعار الأعلاف صناعة الجبن، كما أكدت مربية الماشية السورية، ففي السابق كان سعر التبن والشعير والقمح رخيصاً، لكن في الوقت الحالي يبلغ سعر طنّ التبن مليون ليرة سورية، والشعير مليوني ليرة، والقمح ثلاثة ملايين. تعلق: "في السابق كنا نبيع كيلو الجبن بنحو 5 ليرات، في الوقت الحالي سعر الكيلو في المحال التجارية يتراوح ما بين 10 و15 ألف ليرة".
ومع ارتفاع أسعار الأعلاف، والجفاف الذي يضرب المنطقة لم يعد هناك مراعٍ مجانية لمربي المواشي كما في السابق، وهذا أيضاً كانت له تبعات على أسعار الجبن، وفق مربي الماشية ومنتج الأجبان وليد شيخي، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن وضع المراعي سيئ للغاية، وعدد رؤوس الأغنام انخفض بشكل حاد، والكثير من المربين نفقت أغنامهم بسبب الجوع.
وأضاف شيخي: "اليوم البيع انخفض كثيراً وليس هناك حركة تجارة قوية في السوق، هناك تعب كثير في الإنتاج والنقل، سابقاً كنا نبيع كميات، فيما البيع خفيف جداً في الوقت الحالي. لا أحد يساعد أصحاب الثروة الحيوانية، لا منظمات ولا جهات مختصة أو غيرها.
كما كان الرعي سابقاً مجانياً، وفي الوقت الراهن أصبح مدفوع الأجر بكلفة كبيرة... لذلك، نطالب بدعم الثروة الحيوانية".