لم تمر أيام على بدء سريان مفعول الحظر الأوروبي على النفط الروسي المنقول بحراً، وتحديد سقف سعر الخام بـ60 دولارا للبرميل، حتى بدأت الإجراءات الأوروبية الجديدة تلقي بظلالها على أداء العملة الروسية الروبل، الذي اختتم تعاملات الأسبوع الماضي بتراجع لافت، وسط اقتراب الدولار من عتبة 65 روبلاً لأول مرة منذ منتصف مايو/أيار الماضي.
ومع ذلك، لم يدفع التراجع التدريجي للروبل المصرف المركزي الروسي إلى رفع سعر الفائدة الأساسية، بل قرر في اجتماعه الأخير لهذا العام، يوم الجمعة الماضي، الإبقاء عليها للمرة الثانية على التوالي عند مستوى 7.5%، وذلك بعد سلسلة من قرارات خفض الفائدة التي قفزت إلى مستوى 20% بشكل غير مسبوق في الأيام الأولى من اندلاع الحرب في أوكرانيا، في نهاية فبراير/شباط الماضي.
ويرجع مارك غويخمان، كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" للتداول، تراجع الروبل إلى انخفاض العوائد النفطية متزامنة مع زيادة الواردات، متوقعا مزيداً من الهبوط للعملة الروسية في الأشهر المقبلة.
ويقول غويخمان لـ"العربي الجديد": "حتى إذا ارتفعت أسعار النفط، وهو ما أخرج روسيا مراراً من أزمات، فمفعول ذلك سيكون ضئيلاً هذه المرة بسبب عزوف أوروبا والدول المتقدمة عن شراء الخام من روسيا". ويتابع أن "تراجع عوائد التصدير والنمو التدريجي للاستيراد سيؤدي إلى تراجع الروبل، إذ يشهد ديسمبر/كانون الأول الجاري تكونا لبوادر ذلك"، لافتا إلى إمكانية زيادة الطلب على النقد الأجنبي على عكس الأشهر الماضية.
وفي ما يتعلق بتوقعاته لأداء العملة الروسية في العام المقبل، يقول غويخمان: "نظرا للتجميد الجزئي للاحتياطات النقدية الروسية بسبب العقوبات الغربية، يمكن أن نتوقع زيادة في إصدار النقود ومعدل التضخم، ما قد يؤدي إلى استمرار انخفاض الروبل في الأشهر المقبلة، ولكنه، على الأرجح، لن يكون حاداً ما لم تحدث ظروف جيوسياسية قهرية".
ويتوقع صعود سعر صرف الدولار إلى مستوى يتراوح بين 69 و70 روبلا خلال الأشهر القادمة، على ضوء تراجع عوائد صادرات النفط إلى أوروبا التي سيتعذر توجيهها كاملة إلى وجهات أخرى على وجه السرعة.
وعلى الرغم من الآفاق السلبية التي يرسمها تراجع مكانة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية، إلا أن الكرملين يبدو متفائلا بصمود الاقتصاد الروسي في العام الذي يشرف على الانتهاء، رغم العقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة عليه.
ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في جلسة مجلس التنمية الاستراتيجية والمشاريع القومية يوم الخميس الماضي، أن الرهان الغربي على انهيار الاقتصاد الروسي لم يتحقق.
وقال بوتين إن "هذا الرهان، كما نرى نحن والجميع، لم يتحقق"، لافتا إلى أن روسيا تتعرض لعدوان عقوبات غير مسبوق، يهدف إلى إحداث انهيار لاقتصاد البلاد خلال فترة وجيزة، "عن طريق سرقة احتياطيات العملات وإحداث انهيار للعملة الوطنية الروبل وإثارة تضخم مدمر"، في إشارة إلى تجميد نحو 300 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية المودعة لدى الغرب.