في الوقت الذي ألقت فيه جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية بظلالها على أداء أغلب المجالات، شهد قطاع العقارات في العاصمة الروسية موسكو انتعاشاً غير متوقع، وسط إقبال أصحاب المدخرات على الاستثمار الآمن وإنقاذها من تآكل قيمتها بسبب تراجع الروبل بنسبة تقدر بحوالي 20 في المائة أمام الدولار في العام الماضي.
ومع تزايد الطلب على العقارات، سجل متوسط سعر المتر المربع في موسكو خلال عام 2020 زيادة نسبتها 16% تقريباً بالروبل مع استقراره عند ما يعادل حوالي 2800 دولار بسعر صرف ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكان لإجراءات الحكومة والمصرف المركزي الروسي دور أيضاً في ارتفاع الطلب والأسعار، إذ أدى خفض سعر الفائدة الأساسية إلى أدنى مستوى تاريخياً بواقع 4.25% إلى تراجع أسعار الفائدة على الودائع المصرفية إلى ما دون معدل التضخم، فلم تعد تحمي المدخرات من تآكل قيمتها.
أما إطلاق آلية القروض الميسرة لشراء العقارات بالسوق الأولية (أي من شركة البناء مباشرة)، مع فائدة نسبتها 6.5% فقط، فدفع المستثمرين إلى الإسراع في إتمام عمليات الشراء. وفي هذا الإطار، يقدر نائب رئيس اتحاد الوسطاء العقاريين في روسيا، قسطنطين أبريليف، نسبة الزيادة في أسعار عقارات موسكو بما بين 12 و15% للسوق الثانوية و18 - 25 في المائة للسوق الأولية التي حققت أكبر استفادة من إجراءات الحكومة.
ويقول أبريليف في تعليقات لـ"العربي الجديد": "جاءت هذه الزيادة في الأسعار غير متوقعة، إذ إن مداخيل السكان كانت في تراجع مستمر، ولكن أسعار العقارات بالعملة الوطنية واصلت ارتفاعها".
من جهته، لفت مركز "مؤشرات سوق العقارات" للتحليل، في تقرير عن نتائج عام 2020، إلى أن أسعار عقارات موسكو لم تسجل زيادة بالروبل بهذه الوتيرة العالية منذ العام 2008 (عام اندلاع الأزمة المالية العالمية)، مع بقائها من دون أي تغيير يذكر بالدولار.
وأرجع التقرير إطلاق برنامج القروض الميسرة إلى سعي السلطات الروسية لاستنساخ تجربة عام 2015، حينما أنقذ إجراء مماثل العديد من شركات البناء من الإفلاس، وخاصة أن سوق الرهن العقاري كادت أن "تموت" بعد رفع سعر الفائدة الأساسية إلى 17% في نهاية عام 2014.
مع ذلك، اعتبر معدو التقرير أن القروض ميسرة الفوائد لم تكن عامل الدعم الرئيسي لسوق العقارات بموسكو في العام الماضي، وإنما سياسات المصرف المركزي وتدفق الودائع إلى السوق العقاري.