استمع إلى الملخص
- يهدف التجمع إلى زيادة الصادرات الغذائية إلى 8 مليارات ريال سنوياً، مع ارتفاع الصادرات إلى 5.5 مليار ريال في الربع الثالث من العام الجاري، مما يعكس نجاح الاستراتيجية السعودية.
- تواجه السعودية تحديات في الأمن الغذائي، مما يدفعها لتنويع الاستثمارات الزراعية داخلياً وخارجياً، مثل التعاون مع السودان، لتحسين الأمن الاجتماعي وضبط أسعار السلع.
يمثل استثمار السعودية نحو 5.5 مليارات دولار لإنشاء تجمع غذائي ضخم خطوة مهمة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات، ما يرشح لتأثير إيجابي على أسعار السلع الأساسية في المملكة، حيث من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي وتحسين العرض، وضبط الأسواق.
وجرى تدشين "التجمع الغذائي"، يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 على مساحة تتجاوز 11 مليون متر مربع في المدينتين الصناعيتين الثانية والثالثة بمدينة جدة، ويضم حالياً 124 مصنعاً منتجاً بحجم استثمارات يصل إلى 4.4 مليارات ريال (1.17 مليار دولار)، وصافي إنتاج يُقدر بنحو 4 ملايين طن في عشرة أنشطة صناعية، وفقا لما أوردته وكالة "بلومبيرغ".
ولا يقتصر عمل التجمع على تأمين الإمدادات للسوق المحلية، بل تخطط المملكة من خلاله لزيادة الصادرات الغذائية إلى نحو 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار) سنويا، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس".
وبلغ حجم الصادرات السعودية من المنتجات الغذائية نحو 5.5 مليار ريال (1.46 مليار دولار) في الربع الثالث من العام الجاري، ارتفاعا من 4.7 مليارات ريال (1.25 مليار دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب بيانات رسمية.
تحديات كبيرة
يؤكد الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ "العربي الجديد"، أن السعودية تتخذ خطوات مهمة لتحقيق الأمن الغذائي، بينها إنشاء أكبر تجمع غذائي في المنطقة، ووصف ذلك بأنه "توجه استراتيجي" في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالأمن الغذائي، مشيرا إلى أن العالم يواجه نقصا متزايداً في المياه والغذاء، ما قد يؤدي إلى أزمات كبيرة في المستقبل، بينها "حرب مياه" متوقعة.
والسعودية لا تقتصر على الاستثمار الداخلي في هذا المجال، بل تبحث عن شراكات دولية مع كبرى الشركات البرازيلية، حسب الناير، الذي يرى أن تنويع الاستثمارات خارج المملكة يُعد ضرورة استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي بشكل أفضل.
ويقترح الناير التوجه نحو دول تتمتع بموارد زراعية ضخمة، مثل السودان، الذي يمتلك أكثر من 85 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، تُستغل منها نسبة ضئيلة تتراوح بين 20 و25%، مؤكدا على أن تنويع الاستثمارات الزراعية، سواء داخل المملكة أو خارجها، من شأنه تعزيز الأمن الغذائي ودعم الصادرات.
ويضيف أن دخول الاستثمارات الأجنبية للسعودية مع شراكة الاستثمار الوطني في مشروعات كبرى، إضافة إلى الاستثمار في دول أخرى بتكاليف أقل، يُسهم في تأمين الاحتياجات الغذائية وزيادة الإنتاجية.
ضبط الأسعار في السعودية
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاستثمارات الهائلة التي تعتزم السعودية تنفيذها، بما في ذلك إنشاء أكبر تجمع غذائي في المنطقة، تعكس طموح المملكة للتحول من دولة تعتمد بشكل كبير على استيراد احتياجاتها الغذائية إلى دولة تعتمد على إنتاجها المحلي من خلال وسائل متعددة.
ويشمل هذا التوجه زراعة المحاصيل الضرورية محلياً، وإنشاء صناعات غذائية متطورة، وهو ما بدأت المملكة فعلاً في تحقيقه، حيث أصبحت المنتجات الغذائية السعودية متوفرة ليس فقط في السوق المحلي، بل أيضاً في الأسواق الخليجية والعربية وربما العالمية، بحسب عايش.
وتمثل مثل هذه المشاريع وسيلة لتعزيز التنويع الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة للسعوديين، وتحسين الأمن الاجتماعي من خلال تأمين الاحتياجات الغذائية، كما تسهم في استثمار الأراضي الزراعية والإمكانات الكبيرة التي تمتلكها المملكة، وهو ما يؤكد عايش أنه يصب في صالح تنويع المنتجات الزراعية وتحويلها إلى صناعات غذائية متقدمة.
ويلفت عايش إلى أهمية تأثير هذه المشاريع على أسعار السلع الأساسية في المملكة، والتي يتوقع أن تتحسن نتيجة لتلك الاستثمارات، ويرى أن نجاح هذه المشاريع يعتمد على كيفية استثمار السعودية في هذا التجمع الغذائي، وما إذا كان سيشمل شراكات مع دول خليجية أو سيعتمد على جهود سعودية بحتة لتكون المملكة في موقع ريادي أعلى ضمن هذا القطاع.
ويخلص عايش إلى أن طبيعة هذا التجمع الغذائي، سواء اعتمد على استيراد الغذاء وتصنيعه محليا أو الإنتاج المحلي الكامل، ستلعب دوراً محوريا في رسم ملامح الاستراتيجية المستقبلية لاقتصاد السعودية.