قررت الحكومة الانتقالية في السودان إلغاء دعم البنزين والغازولين، بتحرير أسعارهما رسمياً، اعتباراً من أمس الاثنين، فيما يعاني السودان منذ أشهر طويلة من شحّ في المشتقات البترولية، وموجات غلاء غير مسبوقة، في ضوء زيادة سابقة في أسعار الوقود، بينما تشير الحكومة إلى تزايد العجز المالي وقلة موارد النقد الأجنبي.
وأصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، تعميماً، أمس، بتعديل سعر الغازولين ليصبح 112 جنيهاً للتر، بينما كان يُباع سابقاً بـ 46 جنيهاً، ليزيد سعره بنسبة 143.5%، وتحديد سعر البنزين بـ121 جنيهاً للتر مقابل 56 جنيهاً سابقاً، بزيادة بلغت نسبتها 116%.
وجاء القرار قبل أيام من إجازة الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2021، وفي إطار خطة تدريجية بدأتها الحكومة الانتقالية قبل أشهر لرفع الدعم الحكومي عن المشتقات البترولية.
كذلك جاءت القرارات في وقت توقف فيه العمل بمصفاة الجيلي (شمال الخرطوم)، التي تُعَدّ أكبر المصافي في السودان، وذلك نتيجة لبدء عمليات الصيانة الدورية.
ويأتي تحرير أسعار الوقود بينما تعصف ارتفاعات حادة للأسعار بموارد ملايين المواطنين، الذين يعانون من تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد وإلغاء دعم الوقود الذي بدأ تدريجاً قبل نحو شهرين، ما ينذر بتضخم جامح يصفه خبراء اقتصاد بأنه الأعلى على مستوى العالم.
ويهدد ارتفاع الأسعار عملية الانتقال السياسي بموجب اتفاق اقتسام السلطة بين العسكريين والمدنيين، بينما تعوّل الحكومة الانتقالية على صندوق النقد لإيجاد مسار لإصلاح الاقتصاد المتداعي، وكذلك على قرار أميركي الأسبوع الماضي، بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
الأمر الذي ترى الحكومة أنه سينعكس إيجاباً على الأوضاع الاقتصادية للدولة المازومة مالياً، وذلك بالسماح لها بالحصول على قروض ومنح من مؤسسات التمويل الدولية، فضلاً عن إمكانية إلغاء ديون متراكمة وصلت إلى 60 ملياردولار.
وقفز معدل التضخم خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى 254.34%، مقارنة بأكتوبر/ تشرين الأول الذي سجل 229.85%، وفق بيانات صادرة في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري عن الجهاز المركزي للإحصاء.
وأظهر رصد لـ"العربي الجديد" تسارع وتيرة ارتفاع التضخم السنوي منذ بداية العام الجاري، حيث بلغ في سبتمبر/ أيلول 212.29%، وفي أغسطس/ آب 166%، وفي يوليو/ تموز 143.7%، وفي يونيو/ حزيران 136.3%.
وسجل التضخم السنوي في مايو/ أيار 114.2%، وإبريل/ نيسان 98.8% مقارنة بـ 81.6% في مارس/ آذار، بينما بلغ في فبراير/ شباط 71.36%، فيما استهل العام بنسبة 64.2% خلال يناير/ كانون الثاني، مقارنة بنحو 57% في ديسمبر/ كانون الأول 2019.
وقال مدير الدائرة الاقتصادية في الجهاز المركزي للإحصاء، عالم عبد الغني في تصريح لـ"العربي الجديد" إن رفع أسعار المشتقات النفطية سيرفع مباشرة معدلات التضخم.
كذلك أكد رئيس الغرفة التجارية لولاية الخرطوم، حسن عيسى لـ"العربي الجديد" أن الأسعار الجديدة للوقود ستؤثر كثيراً بالسلع وأسعارها وتكلفة نقل البضائع من مناطق الإنتاج إلى الأسواق، فضلاً عن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، ما يعني المزيد من الضغوط المعيشية للمواطنين.