ألقى السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، شيه فنغ، باللوم في انخفاض التجارة بين البلدين على القرارات الأميركية الخاصة بفرض التعريفات الجمركية وضوابط التصدير، وفقاً لما نشرته السفارة الصينية في الولايات المتحدة على موقعها على الإنترنت اليوم الخميس.
وفي الخطاب الذي ألقاه عبر الفيديو يوم الثلاثاء في منتدى فوربس للأعمال الأميركية الصينية في نيويورك، والذي نشرته السفارة اليوم، أكد السفير أن الخطر الأكبر حدوث "انفصال" بين الصين والولايات المتحدة، وأن أكبر مصدر لانعدام الأمن يأتي من أي مواجهة بين البلدين.
ووفقاً لبيانات الجمارك الصينية، كان هناك انخفاض بنسبة 15.4% في التجارة بين الولايات المتحدة والصين في يوليو/تموز مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، الأمر الذي يظهر الاتجاه الهبوطي منذ بداية العام حتى الآن.
وأكد السفير أن إقصاء الصين يعني إغلاق الباب أمام الفرص والتعاون والاستقرار والتنمية، مشيراً إلى تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 14.5%، خلال النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتلعب الصادرات دوراً رئيسياً في الاقتصاد الصيني، على الرغم من انخفاض حصتها في السنوات الأخيرة.
وقالت رويترز يوم الأربعاء إن الحكومة الأميركية عدلت نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بالخفض إلى معدل سنوي 2.1%. وأظهرت البيانات أن انخفاض إنفاق الشركات على المعدات ساهم في تراجع التجارة.
ودعا فنغ إلى إيجاد "طريق لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري وتبادل المنفعة بين بكين وواشنطن".
وقال في ذلك الصدد إنه "من الآن فصاعداً يحتاج البلدان إلى مواصلة اتخاذ خطوات ملموسة، مهما بدت صغيرة، لتعزيز العلاقات التجارية". وضرب مثلاً على ذلك بتسهيل سفر الأفراد بين البلدين، وتجديد اتفاقية التعاون في العلوم والتكنولوجيا.
وعلى المستوى الإقليمي، بقي الاتحاد الأوروبي ورابطة دول جنوب شرق آسيا أكبر الشركاء التجاريين للصين، رغم الانخفاض الملحوظ في التدفقات التجارية هذا العام، والذي جاء بوتيرة أكثر اعتدالاً، وسط انخفاض عام في الطلب العالمي.
وأشاد فنغ بقوة الصين في مجالي التجارة والصناعة، ولا سيما صناعة السيارات الكهربائية، وأشار إلى أن فرنسا والمملكة المتحدة واليابان زادت بشكل كبير استثماراتها الأجنبية في الصين خلال النصف الأول من العام.
وأكد اعتزام بكين بذل المزيد من الجهد لحماية الاستثمار الأجنبي وضمان المعاملة الوطنية لشركاته.
وفي تصريحات عبر الفيديو كونفرانس، أشار المسؤول الصيني إلى رحلة وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو إلى الصين هذا الأسبوع، وقال إنها شهدت اتفاق البلدين على إنشاء قنوات اتصال منتظمة بشأن التجارة وضوابط التصدير وحماية الأسرار التجارية.
وقالت ريموندو للصحافيين إنها "رفضت" طلبات الصين لتقليل ضوابط التصدير و"سحب" الأمر التنفيذي بشأن مراقبة الاستثمار الخارجي، وأضافت: "نحن لا نتفاوض بشأن مسائل الأمن القومي".
وأشارت الحكومة الأميركية إلى "مخاوف تتعلق بالأمن القومي" في تحركاتها لتقييد مشتريات الشركات الصينية من أشباه الموصلات المتقدمة من الشركات الأميركية.
وفي عام 2018، فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية على البضائع الصينية، وهو ما ردت عليه بكين بتعريفات جمركية خاصة بها.
وكشف فنغ أن متوسط الرسوم الجمركية الأميركية على المنتجات الصينية بلغ 19%، فيما بلغ متوسط الرسوم الجمركية الصينية على البضائع الأميركية 7.3%، وتساءل: "هل هذا عدل؟ هل يخدم هذا حقاً المصالح الأميركية؟".
وتولى شيه فنغ منصبه في شهر مايو/أيار بعد فترة استمرت حوالى ستة أشهر، لم يكن للصين خلالها سفير لدى الولايات المتحدة.
وفي أغسطس/آب وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن على أمر تنفيذي يهدف إلى تقييد الاستثمارات الأميركية في شركات أشباه الموصلات والحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي الصينية، بسبب مخاوف أميركية تتعلق بالأمن القومي. ووصف فنغ هذا الأمر بأنه "انتهاك لمبدأ التجارة الحرة".
وقال السفير الصيني إنّ من الغريب أن تفرض الولايات المتحدة قيوداً على الصين، على الرغم من أنها هي التي حثت الصين مراراً وتكراراً على توسعة نطاق الوصول إلى الاستثمار الأجنبي في الماضي. وأكد أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقليص حق الشركات الأميركية في النمو في الصين.
بدورها، قالت وزيرة التجارة الأميركية إنها تحدثت مع مسؤولي أكثر من مائة شركة، وسمعت منهم بشكل متزايد أن "الصين غير قابلة للاستثمار لأنها أصبحت محفوفة بالمخاطر".
وأضافت ريموندو في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الإخبارية أمس الأربعاء إن رسالتها لبكين كانت أن "هناك رغبة أميركية في التعاون التجاري، لكن واشنطن بحاجة إلى التمكن من التنبؤ بالإجراءات القانونية الواجبة، وكذلك ضمان تكافؤ الفرص".