استمع إلى الملخص
- حملة مكافحة الفساد في الصين شهدت اعتقال 44 مسؤولاً رفيع المستوى هذا العام، في إطار جهود الرئيس شي جين بينغ لملاحقة القادة الفاسدين وتعزيز موقفه السياسي.
- توسعت الحملة لتشمل قطاعات مثل الرياضة والرعاية الصحية، مما يعكس التزام الحكومة بمكافحة الفساد، رغم وجود تساؤلات حول دوافعها الحقيقية وتأثيرها السياسي.
أعلنت السلطات الصينية، اليوم الأحد، اعتقال لي كوان، الرئيس السابق لشركة نيو تشاينا لايف للتأمين المحدودة، بتهمة الاختلاس والرشوة، ما يجعله أحدث شخصية بارزة يُقبض عليها في حملة شاملة لمكافحة الفساد تستهدف الصناعة المالية في الصين. وقالت النيابة الشعبية العليا في بيان لها إن لي يواجه اتهامات بارتكاب انتهاكات خطيرة، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة للانضباط الحزبي وإساءة استخدام السلطة، وذلك في أعقاب تحقيق أجرته اللجنة الوطنية للرقابة الذي انتهى في أواخر سبتمبر الماضي. وبحسب البيان، فقد طُرد لي من الحزب الشيوعي، وصودرت مكاسبه غير القانونية.
وتدرّج لي في عدد من المناصب الإدارية منذ عام 2010. وفي عام 2019، تولى مسؤولية إدارة العمليات في شركة نيو تشاينا لايف للتأمين المحدودة، وفي عام 2022، أصبح رئيساً للشركة، لكنه سرعان ما أعلن استقالته في العام التالي، مشيراً إلى أسباب تتعلق بتقدم السن قبل ظهور الادعاءات. وتشكل قضية لي جزءا من حملة أوسع نطاقا على الفساد النظامي داخل القطاع المالي في الصين على مدى السنوات القليلة الماضية، والتي شهدت تورط عدد من كبار المسؤولين في فضائح مماثلة.
وفي عام 2022، نشرت اللجنة المركزية لفحص الانضباط، وهي أعلى هيئة مراقبة لمكافحة الفساد في الصين، تقريرا أدرج "الاعتماد على التمويل لاستغلال المنصب" بوصفه واحدة من ست مشاكل رئيسية عُثر عليها خلال جولة تفتيشية شملت 25 مؤسسة مالية.
رقم قياسي في مطاردة المسؤولين بتهم الفساد
في سياق متصل، اعتقلت السلطات الصينية في سبتمبر/أيلول الماضي أربعة مسؤولين في إطار الحملة الحكومية لمكافحة الفساد، ليرتفع إجمالي عدد المعتقلين من المستوى القيادي إلى 44 منذ يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر، بفارق واحد فقط عن الرقم القياسي البالغ 45 مسؤولاً في عام 2023. وكانت لجنة التحقيق المركزية - أعلى هيئة لمكافحة الفساد - قد أعلنت عن إجراء تحقيقات مع 45 مسؤولاً رفيع المستوى العام الماضي، وكان ذلك أعلى رقم منذ أن أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ حملته الشاملة لمكافحة الفساد في عام 2013، متعهداً بملاحقة "النمور"، وهو لقب يطلق على القادة الأقوياء الذين يستغلون السلطة.
ومع بقاء أقل من شهرين على نهاية العام الحالي، اعتقلت اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الصين نفس العدد تقريبا من "النمور" كما فعلت في العام الماضي، ما أدى إلى تسجيل رقم قياسي جديد لحملة التطهير داخل الحزب والدولة. وأعلنت هيئة مكافحة الفساد، مطلع الشهر الجاري، اعتقال لي جانغ، وهو مفتش كبير من اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الحزب الشيوعي، وقالت إن لي كان خاضعاً للمراجعة التأديبية والتحقيق الإشرافي بسبب الاشتباه في ارتكابه انتهاكات خطيرة للانضباط والقانون، وهو تعبير رسمي شائع للفساد.
أيضاً وُضع ثلاثة مسؤولين كبار آخرين قيد التحقيق بتهم مماثلة في شهر سبتمبر، وهم كاو شينغ شين، نائب المدير العام لشركة الاتصالات العملاقة تشاينا يونيكوم المملوكة للدولة، وسون يونينغ، نائب مدير الإدارة العامة للجمارك، ونائب وزير التعليم السابق دو يوبو. ويعني ذلك أن 44 من "النمور" أو الكوادر العليا خضعوا للتحقيق في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وهو رقم قياسي مقارنة بـ34 في نفس الفترة من العام الماضي.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد حث في كلمته أمام جلسة عامة للجنة المركزية لفحص الفساد، في يناير/كانون الثاني الماضي، اللجنة المركزية لفحص الانضباط على القضاء بانتظام على العناصر الفاسدين، حيث ظلت المعركة ضد الفساد شديدة ومعقدة بعد أكثر من عقد من الزمن. وقال شي إنه يجب على لجنة الانضباط في الحزب أن تمنع وتتصدى بحزم للمخالفات، من أجل تعزيز بناء فريق التفتيش والإشراف التأديبي ولتصبح نموذجاً للإصلاح الذاتي. وتعكس الإجراءات التأديبية الجهود المتواصلة التي بذلتها الصين خلال السنوات الأخيرة لمحاربة الفساد داخل الحزب والدولة، وملاحقة المسؤولين المرتشين.
وقد اتسعت الملاحقة لتشمل مجالات وقطاعات أخرى في البلاد، مثل: قطاع الرياضة، والرعاية الصحية، ومجال التصنيع، وهي مجالات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس اليومية. وقالت وسائل إعلام صينية إن التركيز على هذه القطاعات يظهر التزام البلاد بتلبية احتياجات الجمهور ومعالجة مخاوفهم، ما يشير إلى أن جهود مكافحة الكسب غير المشروع لا تقتصر على المستوى السياسي.
ولكن في المقابل، اعتبر مراقبون أن حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ توليه السلطة في عام 2013 تهدف في المقام الأول إلى تصفية الخصوم السياسيين والمنافسين المحتملين له، واعتبروا أن هذه الحملة مهدت الطريق أمامه لتمديد حكمه لولاية ثالثة من دون أي اعتراض، على الرغم من أن ذلك كان مخالفاً لدستور الحزب الشيوعي.