الصين تقيّد تصدير الغاليوم والجرمانيوم الأساسيين في صناعة الرقائق: كيف يؤثر ذلك على الأسواق؟
أظهر قرار الصين بتقييد تصدير معدنين رئيسيين وهما الغاليوم والجرمانيوم، أن لديها بعض القوة للرد على تحركات الولايات المتحدة واليابان وأوروبا لقطع بكين عن التكنولوجيا المتقدمة، لكنها تنطوي أيضًا على مخاطر نتائج عكسية.
وسلط نظام تراخيص التصدير الجديد الذي تم الكشف عنه في وقت متأخر أمس الاثنين، الضوء على مكانة الصين المهيمنة في الإنتاج العالمي للمعدنين، والتي تستخدم في صناعة الرقائق والسيارات الكهربائية ومعدات الاتصالات.
وغالبًا ما يتم إنتاج المعدنين كمنتج ثانوي من المصافي التي تركز على الزنك والألمنيوم.
وارتفعت أسهم منتجي المعادن الصينيين في تعاملات بورصة شنغهاي اليوم الثلاثاء، بعدما فرضت بكين ضوابط تصدير على الغاليوم والجرمانيوم.
ورقة ضغط صينية
ووفقا لوكالة "بلومبيرغ"، اليوم الثلاثاء، فإن الإعلان عن تقييد الصادرات جاء قبيل الزيارة المرتقبة لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى بكين، مما يعني أن الصين تسعى لامتلاك مزيد من أوراق الضغط أثناء المفاوضات المرتقبة خلال الزيارة.
وأضافت الوكالة، أن ورقة الضغط تلك سلاح ذو حدين، حيث من المحتمل أن تسرع من جهود الدول الكبرى خاصة مجموعة السبع لتقليل الاعتماد على الصين، حيث من المتوقع أن أي قرار بخفض الإمدادات سيؤدي إلى رفع الأسعار في الدول الكبرى.
وقال جا إيان تشونج، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة سنغافورة الوطنية: "إن القرار جزء من المعاملة بالمثل التي تلعبها الصين مع الولايات المتحدة وحلفائها".
وتوقع في تصريحات لـ"بلومبيرغ" أن "تكون هناك بعض الصدمات الأولية للأسواق والشركات ولكن بمرور الوقت، فإن الأسواق والشركات ستتكيف مع الوضع".
وتبذل الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودا لمنع الصين من الوصول إلى الرقائق اللازمة للسيطرة على التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية.
البحث عن إمدادات بديلة
وأدت جهود الصين السابقة لتقييد بيع العناصر الطبيعية النادرة إلى تقليص حصتها في السوق، حيث عملت البلدان الأخرى على تأمين إمدادات المعادن من أماكن لا تسيطر عليها الصين.
وعندما قيدت الصين في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الحالي، تصدير الأتربة النادرة في التسعينيات، سعت اليابان والدول الأخرى للبحث عن إمدادات بديلة، أدت لاحقا لانخفاض حصة الصين من هذه المواد عالميا إلى 70% في عام 2022 من ذروة بلغت 98% في عام 2010، وفقًا للمسح الجيولوجي الأميركي.
وتستحوذ الصين حاليًا على حوالي 94% من إنتاج الغاليوم في العالم، وفقًا لمركز معلومات المعادن النادرة في بريطانيا، بينما قال محللو "جيفرايز إلى إل سي Jefferies LLC" في مذكرة، إن "الصين تسيطر على حوالي 80% من إنتاج العالم من الغاليوم والجرمانيوم ، بينما تعتمد الولايات المتحدة على الواردات لأكثر من 50% من احتياجاتها من الجرمانيوم".
ومع ذلك، فإن المعادن ليست نادرة أو يصعب العثور عليها، على الرغم من أن الصين تبقيها رخيصة ويمكن أن يكون استخراجها مرتفع التكلفة نسبيًا.
ووفقا لمجموعة "سي أر يو CRU" المتخصصة في مجال المعادن، فإن المعدنين ليسا نادرين بشكل خاص، لكن الصينيين يهيمنون على المعالجة، حيث تنتج اليابان وكوريا الجنوبية وروسيا وأوكرانيا الغاليوم، بينما تصنع الولايات المتحدة وكندا وبلجيكا وروسيا الجرمانيوم.
قال هو جين تاو من "إس إم إم SMM" إنه لا توجد بدائل كثيرة فورية لتوريد الجرمانيوم. وأضاف أن "الولايات المتحدة غنية بالاحتياطيات، لكن بناء مصانع المعالجة يستغرق وقتًا".
وكتب باحثون من مجموعة أوراسيا بما في ذلك آنا أشتون في مذكرة: "إن فرض قيود على الصادرات يخاطر بتقليل الهيمنة على السوق"، وأضافوا أنه "إذا تم تنفيذ القيود الجديدة على تصدير المعادن في الصين، يمكن أن توفر زخمًا جديدًا للمصنعين الأجانب لتحويل الإنتاج خارج الصين، مما يؤدي إلى تسريع اتجاه تنويع سلسلة التوريد".
وبررت نظام الترخيص الجديد لصادرات الغاليوم والجرمانيوم، إلى جانب مركباتهما الكيميائية، بأنه يهدف إلى حماية الأمن القومي - وهو نفس التبرير الذي قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها بشأن ضوابطهم على الصادرات.
وتملك الصين وفقا للوكالة أداتين للضغط على منافسيها، وهما قطع الوصول إلى سوقها الضخم، أو الحد من صادرات السلع المهمة استراتيجيًا، لكن هذا يدفع إلى مزيد من الانفصال عن الصين ويؤدي إلى تقويض أهدافها المعلنة لضمان هيمنتها في التقنيات الجديدة وأهميتها في سلاسل التوريد العالمية.
وقال موريس تشانغ، مؤسس شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات العملاقة للرقائق، الثلاثاء الماضي، إن الصراع الأيديولوجي المتنامي بين الولايات المتحدة والصين له الأسبقية في الوقت الحالي على العولمة"، مضيفا أن "العلاقات بينهما تدور حول المنافسة أكثر من التعاون".