الطحين العراقي يشعل أزمة جديدة حول الإهمال والفساد في لبنان

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
25 نوفمبر 2020
+ الخط -

كشفت بلدية الغبيري في العاصمة اللبنانية بيروت عن تعرض آلاف الأطنان من الطحين العراقي الذي تم تقديمه منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كمساعدات إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، في أغسطس/آب، إلى التلف، مشيرة إلى تخزينه بطرق لا تستوفي أي شرط من شروط السلامة، بعد تكديس كميات كبيرة منه أسفل مدرجات ومستودعات المدينة الرياضية في العاصمة، بالقرب من مجاري المياه الآسنة وتعرضه للعفن والحشرات والقوراض.

وذكرت البلدية، في تقرير مفصل وزعته، اليوم الأربعاء، أنّ فريقاً من قسم سلامة الغذاء التابع لها قام، أمس الثلاثاء، بالكشف على الطحين العراقي المخزن وتبين "وجود كميات كبيرة منه في الطابق السفلي موزعة بشكل عشوائي ومكدسة فوق بعضها، والبعض الآخر بشكل مباشر فوق المصافي على قواعد خشبية صغيرة وقليلة الارتفاع".

وأضافت أنّ "الملجأ غير مجهز بشفاطات لتغيير الهواء وليس هناك إضاءة وهناك رطوبة عالية مع روائح منبعثة من كافة أرجاء المكان والأرضيات تحتوي على مستنقعات من المياه الآسنة، وهناك أثر كبير للقوارض والحشرات، حيث يوجد كميات كبيرة من براز الجرذان والحشرات منتشرة بالقرب من أكياس الطحين".

كما أن "هناك أكياساً متعفنة توجد عليها علامات وروائح عفن"، وفق بلدية الغبيري، لافتة إلى أن أكياس الطحين متكدسة بشكل مرتفع وتلامس الأسقف التالفة الرطبة والمتقشرة، كما أن أنابيب المصارف مفتوحة بشكل مباشر قرب الطحين المتكدس.

أما في الطابق الأول الذي يقع مباشرة تحت المدرجات، فيحتوي على أطنان من الطحين جزء منها مغطى بالنايلون وجزء مكشوف للشمس والهواء خلال الشتاء، وتنبعث منه روائح كريهة، كما يوجد كذلك أثر كبير للقوارض والحشرات منتشر بين أكياس الطحين، وفق البلدية.

 

وقالت البلدية إنه "كنتيجة لما شاهدناه فإن هنالك آلاف الأطنان من الطحين المخزن بطريقة لا تستوفي أي شرط من شروط التخزين السليمة، الأمر الذي يعرض الطحين للفساد".

وأضافت أن "الروائح المنبعثة من الأرضيات ومن أكياس الطحين هي مؤشر على تفاعل الجراثيم المتنوعة في المكان وبين أكياس الطحين، وبعض الروائح ناتجة عن قوارض ميتة بين الأكياس بسبب المعالجة الخاطئة".

وأكدت البلدية في تقريرها أنه "من الناحية الحسية، يمكن اعتبار أن جزءاً كبيراً من الطحين أصبح فاسداً وغير صالح للاستخدام"، مضيفة أنه "للتأكد من ذلك يمكن أخذ عينات وفحصها جرثومياً وكيميائياً في مختبرات غذائية معتمدة لاتخاذ الإجراء المناسب".

وكان مدير عام المنشآت الرياضية رياض الشيخة، قد كشف، في مؤتمر صحافي عقده، أمس الثلاثاء، عن روائح كريهة تنبعث من الأماكن المخزن فيها الطحين العراقي في بيروت.

وأكد قيامه بإرسال كتاب إلى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، يعلمه فيه أنه تجاوز المدة المتفق عليها لتوزيع الكميات الموجودة، داعياً إياه إلى إجراء الفحوص المخبرية اللازمة للتأكد من صلاحية الطحين ووضع خطة للتوزيع بأسرع وقت ممكن وإعداد خطة لعملية تلف المواد الفاسدة.

وتقدّمت مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" التي تضم عدداً من الناشطين، بينهم محامون، بإخبار (بلاغ) إلى النيابة العامة المالية ضدّ كل من يظهره التحقيق من الوزراء والمديرين والموظفين والمسؤولين المعنيين، بجرم "الإهمال الوظيفي، والتسبب في إتلاف آلاف الأطنان من هبة الطحين العراقي المقدمة للحكومة اللبنانية لتوزيعها على فقراء الشعب اللبناني".

 

لكن وزارة الاقتصاد والتجارة نشرت في وقت لاحق اليوم الأربعاء، نسخة عن نتائج التحاليل التي أجراها معهد البحوث الصناعية - المختبر المركزي لبحوث الحبوب والدقيق والخبز، التي أجريت لعينات من الطحين تم أخذها من أماكن مختلفة، و"قد جاءت جميعها مطابقة للمعايير الصحية والغذائية خلافاً لكل ما يُشاع"، وفق الوزارة.

واعتبرت الوزارة أن "كل تصريح خلافاً لهذه المستندات الرسمية المستقلة والموثوقة هدفه خلق البلبلة ويأتي في اطار التحريض الشعبوي غير المبرر".