يزيد العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، الضغوط على تكاليف الاقتراض في الدول المجاورة، لا سيما الأردن ومصر، مع تزايد قلق المستثمرين الدوليين من اتساع نطاق الصراع في المنطقة.
ومنذ السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قفز العائد على سندات الأردن المقومة بالدولار لعام 2030 من 8.5% إلى 9.45% يوم الجمعة الماضي، وهو أعلى مستوى على أساس سنوي.
وجاءت التكاليف الإضافية في أعباء الديون، بعد ما طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مليون فلسطيني بمغادرة مدينة غزة وضواحيها إلى المناطق الجنوبية، في خطوة أكدت الأمم المتحدة أنها ستتسبب في نزوح جماعي "كارثي" للمدنيين.
وقال إدوين غوتيريز، رئيس الديون السيادية للأسواق الناشئة في شركة إدارة الصناديق "أبردن" في لندن، وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، يوم الأحد: "أسواق الدين تقرأ وتقدر أن الأردن ومصر يمكن أن تتعاملا مع أزمة اللاجئين".
تعرضت ديون مصر لضغوط متجددة، على الرغم من تداولها بالفعل في منطقة متعثرة
ويعتمد الاقتصاد الأردني بشكل كبير على السياحة، التي تمثل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال محللون في بنك غولدمان ساكس إن هذا ترك الأردن "معرضاً للخطر بشكل خاص" مع تطور الصراع، "ولكن حتى الآن لم يدفع سندات الأردن بالدولار الأميركي إلى الضيق".
كما تعرضت ديون مصر لضغوط متجددة، على الرغم من تداولها بالفعل في منطقة متعثرة. وانخفض سعر سنداتها الدولارية المستحقة في عام 2031 من 53 سنتاً إلى 51 سنتاً منذ السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مما يزيد الضغط على الدولة التي تواجه صعوبات بالغة في إعادة تمويل الديون في السنوات المقبلة.
وقال غوتيريز: "إن أزمة اللاجئين لن تؤدي إلا إلى تفاقم مشاكل مصر، على الرغم من أنها قد تستفيد من المانحين الدوليين في حالة حدوث ذلك، وهو أمر مثير للسخرية".
وحصلت مصر على قرضها الرابع منذ عام 2016 من صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2022، لكنها لا تزال في مفاوضات متوترة مع مؤسسة التمويل الدولية.
ويصل إجمالي احتياجات التمويل للبلاد في عام 2023 إلى "نسبة مذهلة تبلغ 35% من ناتجها المحلي الإجمالي"، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وركزت الأزمة الانتباه على مصر، التي تشترك في الحدود مع غزة، وهي واحدة من أكثر دول المنطقة مديونية.
وبينما تكافح من أجل الإفراج عن دفعة تمويل من حزمة الإنقاذ الحالية البالغة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، فهي تجري أيضاً محادثات في الوقت الحالي من أجل زيادة المساعدات، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات.
تطاول تداعيات الصراع لبنان، حيث قال مستثمرون إن فرص محادثات إعادة هيكلة الديون، الذي تخلف عن سداد ديونه في 2020، تراجعت
كما تطاول تداعيات الصراع لبنان، حيث قال مستثمرون إن فرص محادثات إعادة هيكلة الديون في لبنان، الذي تخلف عن سداد ديونه في عام 2020، تراجعت أيضاً.
وبيعت سندات البلاد وسط مخاوف من اتساع نطاق المناوشات الدائرة بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال عند الحدود.
وقال ثيس لو، مدير محفظة استراتيجية ديون العملة الصعبة في الأسواق الناشئة في شركة إدارة الأصول "Ninety One": "الأمل الوحيد الذي كان لدى السندات اللبنانية لتحقيق نتيجة إيجابية كان يعتمد على سيناريو تحقيق التطبيع السياسي الإقليمي والمحلي". وأضاف أن احتمالات ذلك "تدهورت".
وقبل اندلاع الحرب بأسابيع، ذكر تقرير نشره صندوق النقد الدولي، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أن هناك عاصفة ديون تتشكل في بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد تصاعد عمليات الاستدانة، ووصولها لمستويات "مرتفعة للغاية"، في بعض بلدان المنطقة.
وبحسب التقرير، فإن مصر والأردن وتونس تواجه حالياً "وضعاً محفوفاً بالمخاطر، حيث يتأرجح استقرارها الاقتصادي، بينما تعاني في مواجهة أزمة ديون محتملة".
وألقت تداعيات العدوان الإسرائيلي الإجرامي على غزة، بظلالها على الأسواق في المنطقة.
ويقول عبد القادر حسين، رئيس إدارة أصول الدخل الثابت في شركة "أرقام كابيتال": "واضح أن علاوة المخاطر الجيوسياسية ترسخ وجودها مرة أخرى في المنطقة. فالوضع العام يتسم بالسيولة ومن الصعب التنبؤ به".
ويقيّم المستثمرون مخاطر أن يشمل الصراع بلداناً أخرى. وحذرت إيران من أن المقاومة قد تفتح جبهة جديدة مع إسرائيل إذا استمر حصار غزة.
تتمتع معظم بلدان الخليج بنسب ديون منخفضة، واحتياطيات عالية من العملات الأجنبية، وتستفيد من ارتفاع أسعار النفط
ويقول محللو مصرف "مورغان ستانلي"، ومن بينهم سيمون ويفر، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن تصعيداً شديداً يشمل المنطقة بأسرها "ليس وارداً في الوقت الراهن. غير أن هذا السيناريو يظل أيضاً على بعد عدة خطوات".
وبعيدا عن دول الجوار، وفي جميع أنحاء منطقة الخليج الأوسع، كان رد فعل أسواق المال والبورصات ضعيفًا على حرب غزة، حيث أنهت الفروق بين السندات السيادية ذات التصنيف الاستثماري الأسبوع بشكل أكثر تشدداً على الرغم من عمليات البيع الأولية يوم الاثنين الماضي.
وتتمتع معظم بلدان الخليج بنسب ديون منخفضة، واحتياطيات عالية من العملات الأجنبية، وتستفيد من ارتفاع أسعار النفط عقب اندلاع الحرب في غزة. وبالتالي فإن المخاوف على حدوث تغيير كبير على تسعير سنداتها الدولارية ليس وارداً، حسب ما يقول محللون.