قال رجا الخالدي، المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، وهو منظمة غير ربحية مقرها فلسطين، إن اقتصاد غزة انهار تماماً مع استمرار قوات الاحتلال في قصف القطاع المحاصر، مع قلة فرص العمل وتوقف سلاسل التوريد.
وبحسب ما ذكر الخالدي في حديثه مطلع الشهر الجاري مع "ذا ناشيونال"، فقد وصل التوظيف في القطاع المحاصر إلى الحد الأدنى. وأشار إلى أنه على الرغم من أن بعض الأفراد يتقاضون أجوراً حكومية من خلال الوظائف العامة، إلا أنهم يشكلون جزءاً متواضعاً جداً.
وأُغلقت معظم المخابز في قطاع غزة، الذي يبلغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة، وانهارت سلاسل التوريد بأكملها. ويؤكد القيادي بالمعهد أنه "حتى أبسط الأنشطة الإنتاجية مثل المخابز لا تكاد تكفي، حيث تم إغلاق سلسلة التوريد بأكملها، ونفد مخزون محلات السوبر ماركت".
وتقصف قوات الاحتلال قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول بشكل متواصل، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 13300 شخص حتى أمس الثلاثاء، وفقاً للبيانات الرسمية من القطاع.
وكانت التوقعات الاقتصادية لغزة قاتمة حتى قبل اندلاع الحرب، ومن المتوقع أن يؤدي العدوان الإسرائيلي الغاشم إلى تفاقم الوضع المتدهور أصلاً.
وعمل الاقتصاد الفلسطيني منذ سنوات بأقل من إمكاناته. ومن المتوقع أن يحوم معدل النمو عند حوالي 3% في عام 2023، وفقا لتقرير البنك الدولي الذي نشر في سبتمبر/ أيلول، قبل بدء الحرب.
وقال البنك الذي يتخذ من واشنطن مقراً له في ذلك الوقت إنه نظراً لاتجاهات النمو السكاني، فمن المتوقع أيضاً أن يشهد دخل الفرد تراجعاً، ما سيؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة.
وقال الخالدي إنه كلما استمرت الأعمال العدائية استمر الدمار الاقتصادي، والأهم من ذلك هو استمرار تدمير القدرة الإنتاجية.
وأشار الخالدي إلى أن القدرة الإنتاجية لا تعني مجرد وجود مصنع وقوى عاملة فحسب، بل تعني بالأساس سلسلة إمداد متكاملة، وهو ما يشمل روابط مع الموردين ومسؤولي التسويق، بالإضافة إلى المستهلكين.
وأضاف: "إذا كان هناك سوبر ماركت، فأنت بحاجة إلى وجود حي يشتري فيه الناس أغراضهم، مشيراً إلى أن نوع الدمار الذي حدث (بسبب الحرب) لم يُسمع به من قبل".
وعلى نحو متصل، أكد بات ثاكر، مدير التحرير بمجلة "ذي ايكونوميست" لنفس الموقع، قبل نهاية الشهر الماضي، أن غارات العدو الإسرائيلي "تسببت في أضرار جسيمة وشديدة للبنية التحتية في غزة، تتعاظم مقارنة بجولات الصراع السابقة، في حين أن الحصار الذي تفرضه (قوات الاحتلال) أدى إلى انخفاض كبير في توفر الغذاء والوقود والكهرباء والمياه والأدوية".
وفي الأيام العشرة الأولى فقط، التي تلت انطلاق عملية طوفان الأقصى، دمرت الحرب بشكل كامل أكثر من 2185 مبنى و8840 وحدة سكنية، إضافة إلى التدمير الجزئي لأكثر من 89 ألف وحدة سكنية، بحسب التقرير السابق للمعهد، والذي صدر الشهر الماضي. وقال الخالدي إن 40% من المباني السكنية مدمرة وستستغرق إعادة بنائها وقتاً طويلاً.
وأضاف أن إعادة بناء البنية التحتية المرتبطة بالصرف الصحي والاتصالات والكهرباء ستستغرق وقتاً، وتتطلب استثمارات ضخمة، فالوقت الذي ستستغرقه عملية إعادة الإعمار، والأموال المطلوبة لذلك، لا يمكن لأحد حتى حسابها، فحجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الاقتصادية يزيد بما لا يقل عن أربع مرات مقارنة بالحروب السابقة.
وفرضت إسرائيل حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة منذ عام 2007، ما أعاق حركة الأشخاص والبضائع وألحق ضرراً شديداً باقتصاد القطاع.
وعلى الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 3.9% العام الماضي، إلا أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال أقل بنسبة 8.6% عن مستواه قبل ظهور وانتشار فيروس كورونا نهاية عام 2019.
وفي غزة، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل بنسبة 11.7% من مستواه في عام 2019، وقريبًا من أدنى مستوى له منذ عام 1994، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.