العدوان الإسرائيلي يعمّق أزمة اقتصاد لبنان

24 سبتمبر 2024
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية منذ عام 2019، صيدا في 23 سبتمبر 2024 (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد التوترات والعدوان الإسرائيلي: أعلن نتنياهو توسيع العدوان على لبنان، مما أدى إلى نزوح سكان الجنوب. الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 492 شخصاً وإصابة 1645 آخرين، وسط أزمة اقتصادية خانقة في لبنان منذ 2019.

- تدهور البنية التحتية والاقتصاد اللبناني: لبنان يعاني من تدهور البنية التحتية وعجز الحكومة عن توفير الوقود والكهرباء. الوضع الاقتصادي هو الأسوأ منذ قرن ونصف، مع تراجع العملة وارتفاع التضخم.

- أزمة في القطاعات الحيوية: القطاع الصحي يعاني من نقص الأدوية، واستهداف إسرائيل للموانئ يهدد الإمدادات. نقص الوقود أدى إلى سوق سوداء، ومخزون الغذاء يكفي لثلاثة أشهر فقط.

"مقبلون على تغيير ميزان القوى في الشمال، وتنتظرنا أيام معقدة"، بهذه العبارة بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمره الصحافي، الاثنين، لإعلان توسيع العدوان على لبنان. وبينما بدأت شريحة من سكان جنوب لبنان بالنزوح شمالاً، مع تصاعد تهديدات إسرائيل لهم بإخلاء مناطقهم وعدم العودة حتى إشعار آخر، بدأت تُطرح علامات استفهام عن قدرة اقتصاد لبنان على تحمّل حرب جديدة.

ومنذ صباح الاثنين، يشنّ الجيش الإسرائيلي عدواناً هو "الأعنف والأوسع والأكثر كثافةً" على لبنان منذ بدء المواجهات مع "حزب الله" قبل نحو عام. وأدت الغارات الجوية إلى مقتل 492 شخصاً وإصابة 1645، بينهم أطفال ونساء، وفق حصيلة غير نهائية أعلنتها وزارة الصحة اللبنانية، فجر الثلاثاء.

وفي الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية منذ عام 2019، وقعت انتكاسة جديدة في الجنوب مع بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي إبريل/نيسان الماضي، قال وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، إن خسائر بلاده الاقتصادية جراء الحرب الجارية في غزة وجنوب لبنان وصلت إلى 10 مليارات دولار.

واقع صعب يعيشه اقتصاد لبنان

وفي أغسطس/آب الماضي، عجزت الحكومة اللبنانية عن توفير فاتورة توريد الوقود المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية، قبل أن تسارع الجزائر إلى مدّ البلاد بشحنة لتوفير الطاقة. إلا أن ما جرى من عدم قدرة الحكومة على شراء الوقود يقدم صورة أوضح لجاهزية الدولة في ما يتعلق بحالات الطوارئ، خصوصاً في حال فرضية اتساع نطاق الصراع مع إسرائيل ليشمل كل أنحاء البلاد.

وبالعودة إلى حرب عام 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، فقد نفذت تل أبيب هجمات جوية على أغلب المرافق الحيوية اللبنانية، في محاولة منها لزيادة كلفة الحرب على المواطنين، من خلال تدمير شبكات للطاقة ومرافق ملاحية. 

اليوم، لا يزال لبنان غير قادر على إعادة بناء مرفأ بيروت بالكامل، الذي لحق به دمار شبه كلي بانفجار وقع عام 2020، وبالكاد تستطيع بقية المرافئ استقبال واردات. بعبارة أخرى، فإن جاهزية البنى التحتية في حرب 2006 كانت أفضل مما هي عليه الآن، سواء في الجانب الملاحي أو شبكات توليد ونقل الكهرباء، أو حتى جاهزية المواطنين. فمنذ 4 سنوات حتى اليوم يعاني اللبنانيون إحدى أسوأ الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية منذ قرن ونصف، بحسب بيانات تعود للبنك الدولي.

العملة والأدوية والوقود

كذلك يدخل لبنان مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل، في وقت تتراجع فيه العملة المحلية (الليرة) إلى متوسط 89 ألفاً أمام الدولار الواحد، مقارنة بـ 1500 ليرة قبل عدة سنوات. هذا التدهور في سعر الصرف جعل البلاد من أكثر دول العالم ارتفاعاً في نسب التضخم خلال السنوات الأربع الماضية، بنسبة تجاوزت 100% سنوياً، وفق بيانات البنك الدولي. كما أن ودائع اللبنانيين تآكلت بفعل هبوط أسعار الصرف، وهو ما يعقّد من قدرتهم على إدارة مصروفاتهم العائلية إن اتسع الصراع مع إسرائيل ليشمل عموم لبنان.

وقبل اتساع نطاق التوتر بين "حزب الله" وتل أبيب، كان القطاع الصحي في لبنان يعاني أزمة غير مسبوقة، وسط عجز الدولة عن توفير فاتورة واردات الأدوية بنسبة 100%. وفي حال استهداف إسرائيل الموانئ والمعابر الحدودية اللبنانية، فإن الوضع سيؤول إلى الأسوأ، بسبب الخشية من تعرّض قوافل الإمدادات الطبية والغذائية للقصف الإسرائيلي أيضاً. وفي 2023، أظهرت بيانات صادرة عن نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان، أن كلفة واردات الأدوية بلغت 550 مليون دولار، وهو مبلغ صعب التدبير، لأن الفاتورة مقومة بالعملة الأجنبية، وسط شحّ وفرتها لدى البنك المركزي "مصرف لبنان".

أما الوقود، سواء المخصص للمركبات أو لتوليد الكهرباء، فإن وفرته في السوق المحلية متذبذبة من شهر لآخر بسبب عدم توافر النقد الأجنبي الكافي لتلبية قيمة فاتورة الواردات، ما أدى في أكثر من مناسبة إلى ظهور سوق سواء. وحتى قبل الصراع الحالي، تعتمد غالبية الأسر والقطاعات الاقتصادية اللبنانية على المولدات الصغيرة لتوفير حاجتها من الوقود، لعجز شبكة الكهرباء الوطنية عن توفير الطاقة 24 ساعة يومياً.

وفي أغسطس الماضي، قال وزير الاقتصاد أمين سلام إن "لبنان يحتوي على مخزون غذائي يكفيه لمدة ثلاثة أشهر فقط"، محذراً من تداعيات اندلاع حرب شاملة بين "حزب الله" وإسرائيل. وأضاف في تصريحات صحافية حينها: "كلما طال أمد الحرب في الجنوب وتوسعت رقعتها، دخل الاقتصاد في المجهول، إذ إن الوضع الاقتصادي في لبنان منهك بالكامل، ولا سيما في ما يتعلق بالقطاع العام والمؤسسات الحكومية".

(الأناضول)

المساهمون