العراق: ثروة القطن تصطدم بالجفاف وضعف التسويق

05 يوليو 2024
حرفي يصنع من القطن مراتب في ورشته بمدينة الصدر (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحديات زراعة القطن في العراق**: يواجه العراق تحديات كبيرة في زراعة القطن، أبرزها الجفاف وندرة المياه، وغياب الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما أدى إلى تراجع المساحات المزروعة وعزوف الفلاحين.

- **الوضع الحالي والإنتاج**: في عام 2023، احتل العراق المرتبة الرابعة عربياً في إنتاج القطن بمعدل 15 ألف بالة، لكن غياب المنافذ التسويقية المستقرة يزيد من صعوبة تسويقه.

- **الأهمية الاقتصادية للقطن**: القطن يُعتبر محصولاً استراتيجياً يُستخدم في صناعات النسيج والغذاء والدواء، ويمكن أن يساهم في التنمية المستدامة إذا توفرت الدعم الحكومي والمنافذ التسويقية.

 

يسعى العراق إلى زيادة إنتاج القطن وسط تحديات عديدة، أبرزها الجفاف الذي ضرب البلاد خلال السنوات الأخيرة.

واحتل العراق المرتبة الرابعة عربياً كأكبر دولة منتجة للقطن في عام 2023 بمعدل 15 ألف بالة (تزن بالة القطن الواحدة نحو 480 رطلا)، وفقاً لما ذكرته منصة هيئة خدمة الزراعة الأجنبية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية.

وتُزرع في العراق عشرة أصناف من القطن، بينما انخفضت المساحات المزروعة خلال العقدين الماضيين في مناطق إنتاج القطن في العراق بسبب السياسة الزراعية واختلال التوازن بين الإيرادات والمصروفات مقارنة بالمحاصيل البديلة الأخرى.
لكن زراعة القطن شهدت العامين الماضيين ارتفاعاً نسبياً قياساً بالعقدين الأخيرين، إذ تراجعت زراعته بسبب عوامل عديدة منها الجفاف وعدم الاهتمام وغياب دور الدولة في دعم قطاع زراعة القطن في العراق، وكانت تنحصر زراعته في العراق في المنطقتين الوسطى والشمالية ويزرع بشكل قليل في المناطق الجنوبية. 

عربيا، تعتبر مصر والسودان ثم سورية من أكثر الدول العربية إنتاجا للقطن بمعدل 600 ألف بالة، 350 ألف بالة، 160 ألف بالة على التوالي، ومع ذلك فإن زراعة القطن في الدول العربية الثلاث تعاني من المشكلات أو الاضطرابات الداخلية، وهذا الأمر ينطبق على العراق الذي حل رابعاً كأكبر منتج للقطن للعام الماضي، ويليه اليمن بمعدل 8 آلاف بالة.


القطن في العراق

مصادر رسمية عراقية، أكدت أن زراعة القطن في العراق كانت خارج الخطة الزراعية الموسمية لسنوات طويلة، على الرغم من أهميته الاقتصادية واستخداماته المتعددة في الصناعات النسيجية والغذائية والدوائية، كما كان يعتبر مصدر دخل مهم لعدد كبير من المزارعين.

وقال مدير عام دائرة زراعة محافظة واسط جنوبي العراق، أركان الشمري، إن القطن محصول صيفي، ومنذ أكثر من تسع سنوات لا توجد خطة زراعية لزراعة القطن، وهنالك عدة أسباب أدت إلى اندثار زراعة القطن، في مقدمتها الجفاف وندرة المياه.
وأشار الشمري، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إلى إمكانية أن يحتل العراق مراتب متقدمة، لو توفرت العوامل المساعدة لتنمية قطاع زراعة القطن، إذ إنه لغاية الآن لا توجد منافذ تسويقية مستقرة لمحصول القطن في العراق، وكان في السابق يتم استلام المحصول من المزارعين من خلال معامل النسيج ومعامل الزيوت، إلا أن إنتاج هذه المعامل متوقف منذ سنوات.
وأوضح، أن فترة وجود المحصول في الأرض طويلة جداً، فهو يزرع في نهاية شهر فبراير/شباط، ويبقى في الأرض إلى شهر ديسمبر/كانون الأول، وهي فترة طويلة جداً قياساً بالمواسم الزراعية، لأنها تعمل على إجهاد واستنزاف جودة ومواد التربة.
وأكد الشمري، عزوف الفلاحين عن زراعة محصول القطن، بسبب تكلفة إنتاجه العالية، وكثرة الأمراض والأوبئة التي يتعرض لها المحصول، لكنه في السابق كان من بين أهم المحاصيل في العراق، وكانت محافظة واسط وحدها تزرع حوالي 15 ألف دونم بكميات إنتاج عالية.
وتعتبر مناطق شمال العراق حاليا المرتكز الرئيس لزراعة القطن، إذ يقوم المزارعون بالاتفاق مع جهات تسويق خاصة قبل قطاف المحصول والاتفاق على السعر، ما يمنح المزارعين أريحية في الزراعة التي تستمر على مدار عدة أشهر.


معاناة زراعية


محصول القطن من المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها عدد كبير من الصناعات النسيجية والغذائية، وكانت زراعة القطن مزدهرة في العراق منذ مطلع القرن الماضي، وحتى نهاية تسعينيات القرن الماضي لما لها من أهمية اقتصادية تحقق عوائد مالية عالية.
وقال المختص في الاقتصاد الزراعي، خطاب الضامن، إن أهمية إنتاج القطن في العراق انخفضت بعد غزو العراق سنة 2003، بسبب فتح باب الاستيراد العشوائي للألبسة والمنتجات الغذائية بأسعار منخفضة قياساً بارتفاع تكاليف الإنتاج الوطني وانخفاض المساحات المزروعة نتيجة للعوامل البيئية.

وأوضح الضامن، لـ"العربي الجديد"، أن الدولة في السابق هي الجهة التي كانت تشتري المحاصيل من الفلاحين، لتوفير المواد الأولية الداخلة في الصناعة الغذائية والنسيجية وتغطية الحاجة المحلية بأسعار مدعومة، لكن الكثير من المعامل النسيجية والصناعات الغذائية تعرضت للنهب والسرقة بسبب التوترات الأمنية.

وبيّن الضامن، أن ما يعاني منه العراق اليوم هو عدم وجود مصانع يمكن أن توفر عوامل نجاح التنمية المستدامة من الصناعة المحلية والاعتماد الكامل على الاستيراد.
وأشار إلى أن الدولة كانت تشجع على إنتاج المحاصيل الزراعية الداخلة في الصناعات الغذائية والنسيجية، لأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين القطاعين الزراعي والصناعي. أما اليوم فيشهد العراق حالة ارتباك كبيرة أدت إلى خلل كبير في تحقيق الإنتاج الوطني العراقي من الصناعات المحلية التي يمكن أن تحقق عائدات مالية كبيرة تسد ثغرة من ثغرات الاعتماد الكلي على الإيرادات النفطية.



أهمية إنتاج القطن


يحتل القطن أهمية اقتصادية تجعله في المرتبة الثانية بعد المحاصيل الغذائية في العالم، وتأتي هذه الأهمية نظراً لإمكانية استخدام أليافه في صناعة أجود أنواع المنسوجات لمتانتها ونعومتها ومرونتها، فضلاً عن استخدامه في صناعة القطن الطبي والمفروشات وصناعة الزيوت النباتية.
يقول الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، إن أهمية القطن تزايدت، وأقبل المزارعون على إنتاجه بعد أن تم اختراع آلة غزل القطن عام 1793، وأخذ يدخل في صناعة الأنسجة المختلفة. كما يعد القطن المنتج الأكثر شعبية في العالم لصناعة الملابس والمنسوجات المختلفة، حسب الباحث العراقي.
وأضاف صباح لـ"العربي الجديد"، أن إنتاج القطن لعب دوراً محوريّاً في صناعة النسيج العالمية لعدة قرون، وينتج العالم نحو 25 مليون طن منه سنويّاً، كما يعتبر من محاصيل الألياف المهمة في العالم وتتمثل أهميته في استعمالاته المتعددة.
وأشار صباح، إلى أن القطن من أهم المحاصيل النقدية في العالم، نظراً لعدم إمكانية استهلاك أليافه وبذوره مباشرة قبل تصنيعه، وبالتالي فإنه يدر أرباحاً للفلاح، بعكس المحاصيل الأخرى كالقمح والشعير والبقوليات، ويشكل دخلاً مهماً للبلد المنتج له ويوفر سبل العمل لنسبة كبيرة من السكان سواء في الزراعة أو الصناعة.

المساهمون