تصدر العراق قائمة البلدان الأكثر استيراداً من الأردن خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2023، بقيمة إجمالية بلغت 309 ملايين دينار أردني (نحو 220 مليون دولار)، وذلك بسبب عدم وجود إنتاج محلي لكثير من المنتجات في العراق.
وشهد حجم التبادل التجاري بين الأردن والعراق حالة من الفتور بعد غزو الولايات المتحدة العراق سنة 2003، تخللتها حالة من اختلاف الرؤى والمواقف حول العديد من القضايا الداخلية والخارجية، قبل أن تعود العلاقات تدريجياً مع اتفاقية التعاون المشترك بين العراق والأردن ومصر.
وفي بيان صدر اليوم الخميس، قالت زارة التخطيط العراقية إن وزير التخطيط محمد علي تميم بحث مع سفير المملكة الأردنية لدى العراق منتصر الزعبي عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وسبل تطوير العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وآليات العمل بقرارات المجلس التنسيقي العراقي- الأردني- المصري المشترك.
العراق تصدر قائمة البلدان العربية الأكثر استيراداً للبضائع خلال السبعة أشهر الأولى من العام الجاري 2023
من جانبها، أعلنت غرفة التجارة الأردنية، الاثنين الماضي، أن العراق تصدر قائمة البلدان العربية الأكثر استيراداً للبضائع خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2023.
وقالت الغرفة في بيان صدر عنها إن "إجمالي صادراتها للأشهر السبعة من العام الجاري بلغ نحو 799 مليون دينار أردني، مقابل 505 ملايين دينارللفترة نفسها من العام الماضي".
وأوضحت أن "العراق تصدر قائمة الدول العربية الأكثر استيراداً من الأردن من حيث قيمة السلع المستوردة خلال الثلث الأول من العام الجاري 2023، حيث بلغت 309 ملايين دينار، تلته الإمارات بـ142 مليون دينار، ثم سويسرا بـ73 مليون دينار، والسعودية بـ57 مليون دينار".
وأشار البيان إلى أن"غرفة تجارة عمان أصدرت شهادات المنشأ للمنتجات الزراعية والحيوانية والثروات الطبيعية الأردنية الخام، فضلاً عن البضائع الأجنبية التي تجرى إعادة تصديرها من خلال السوق الأردنية"، كما ذكرت أن "شهادات المنشأ التي ذهبت إلى العراق بلغت 1203 شهادات".
المنافسة التجارية:
تشير البيانات التجارية إلى أن ما يستورده العراق من الأردن لا يشكل خطراً على المنافسة التجارية لبقية الدول، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين خلال العام 2022 نحو 900 مليون دولار.
في هذا الصدد، قال الباحث الاقتصادي أحمد صباح: "السوق العراقية كبيرة جداً، وهناك فرص استثمارية في السوق التجارية لا يغطيها رأس المال الأردني، الذي أخذ جوانب معينة من خلال تصديره بعض السلع والبضائع التي لا تأخذ مساحة كبيرة في السوق العراقية، ولا تشكل منافسة لدول التبادل التجاري مع العراق".
تشير البيانات التجارية إلى أن ما يستورده العراق من الأردن لا يشكل خطراً على المنافسة التجارية لبقية الدول
وأضاف صباح، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مشاريع مهمة لحجم التبادل التجاري والصادرات العراقية بين البلدين، إلا أن هذه المشاريع لم تنفذ ولم تأخذ نصيبها من الموازنة الاتحادية الأخيرة بسبب العقبات السياسية، كما هو الحال في أنبوب النفط الرابط بين العراق وميناء العقبة الأردني، والمدينة الصناعية المخطط إنشاؤها على الحدود العراقية الأردنية".
وأشار إلى أن "استثمارات العراقيين في الأردن تقدر بحدود 30 مليار دولار، دخلت في مجالات الصناعة والاستثمار العقاري وشهادات المنشأ وشركات النقل والشحن التجاري، ولكن رغم ذلك تبقى الصادرات العراقية ضعيفة وليست بمستوى حجم التبادل السلعي الذي يوازن كفة الميزان التجاري العراقي مع الأردن ".
وأضاف أن "أغلب صادرات الأردن الى العراق ناتجة عن استثمارات عراقية، إلا أن هذه الصادرات لا تأخذ مساحةً في السوق العراقية قياساً لما هو موجود من بضائع مستوردة من الصين وتركيا وإيران وسورية ولبنان، بسبب ارتفاع قيمة الدينار الأردني والأسعار المرتفعة للبضائع الأردنية".
السلع والخدمات
السوق العراقية مفتوحة على جميع الدول المجاورة المنتجة، بما فيها المملكة الأردنية، فضلاً عن كونها محطة لتصدير سلع "الترانزيت" القادمة من أوروبا إلى الشرق عبر الأردن من خلال موانئها المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وإنتاجها الجيد للسلع الزراعية والاستهلاكية.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال التاجر العراقي مصعب الراوي إنهم "يستوردون من الأردن الخضار والفواكه والألبان وزيوت الطعام، بالإضافة إلى مشتقات الثروة الحيوانية ومركزات الأعلاف، والمياه الغازية والعصائر والأدوية، والأصبغة والألوان والدهانات والعطور ومستحضرات التجميل، بالإضافة إلى الأنابيب والمواسير، وألواح الصفائح، والأجهزة الكهربائية".
السوق العراقية مفتوحة على جميع الدول المجاورة المنتجة بما فيها الأردن، فضلاً عن كونها محطة لتصدير سلع "الترانزيت" القادمة من أوروبا
وأوضح الراوي أن"التجارة ونقل البضائع ليسا بمستوى حجم الاستهلاك العراقي، لأن السوق المحلية مستهلكة بشكل كبير، بالإضافة إلى عدم وجود تسهيلات حدودية وجمركية كما يحدث من تسهيلات مع السوق الإيرانية والتركية".
وأضاف أن "الفترة بين عامي 2014 - 2017 شكلت انتكاسة حقيقية للحركة التجارية بين البدين، بسبب سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة وطرق النقل البرية غربي العراق، وأنه بعد استعادة السيطرة على المناطق وفرض الأمن فيها، استؤنفت حركة التبادل التجاري البري بين العراق والأردن تدريجياً بعد مطالبات كبيرة من قبل القطاع الخاص الأردني والتجارالعراقيين بضرورة تأمين الطريق البري وفتح منفذ طريبيل الحدودي المحاذي لمنفذ الكرامة البري مع الأردن".
وتشكل الصادرات العراقية إلى المملكة الأردنية قيمة اقتصادية على الرغم من عدم فتح أنبوب النفط العراقي الأردني، حيث بلغ حجم الصادرات العراقية خلال 11 شهراً من العام الماضي نحو 100 مليون دولار، مقارنة مع نحو 33 مليون دولار لنفس الفترة من العام 2021.
وقال الخبير الاقتصادي ضرغام محمد إن "صادرات العراق إلى الأردن تتمثل بالزيوت والمشتقات النفطية والمواد المعدنية وكبريتات البوتاسيوم، والأسمدة المعدنية والكيماوية والألمنيوم غير المخلوط والتمور".
تشكل الصادرات العراقية إلى المملكة الأردنية قيمة اقتصادية على الرغم من عدم فتح أنبوب النفط العراقي الأردني
وأكد محمد، لـ"العربي الجديد"، أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفض كثيراً قياساً عما كان عليه قبل سنة 2003، حيث كان العراق منفتحاً على الأردن بسبب الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً حينها على بغداد، أما اليوم فالسلع الأردنية لا تشكل منافسة على الرغم من جودتها العالية".
وأضاف أن "الميزان التجاري العراقي يضع تركيا وإيران والصين في مقدمة البلدان المصدرة للسوق بسبب تنوع السلع وأسعارها المناسبة، ويأتي الأردن في مرتبة متأخرة على مستوى حجم التبادل التجاري مع العراق".