يمتلك العراق ثروة نفطية هائلة يخصص جزءاً منها للتصدير، إلا أنه على الرغم من ذلك يستورد المشتقات النفطية من الخارج، ويواجه مواطنوه أزمات في توفير المحروقات بين فترة وأخرى. وكشفت شركة تسويق النفط الوطنية العراقية (سومو) أخيراً عن أن المنتجات النفطية التي تقوم باستيرادها لغرض الاستهلاك المحلي بلغت خلال الربع الأول من عام 2022 الحالي أكثر من 1.5 مليار دولار.
وقال معاون المدير العام لشركة توزيع المنتجات النفطية العراقية، إحسان موسى غانم، إن بلاده تستورد المشتقات النفطية من دول شرق آسيا وأوروبا وعدد من البلدان الأخرى. وأوضح غانم في حديثه لـ"العربي الجديد" أن إنتاج العراق من المشتقات النفطية لا يسد الحاجة المحلية، بسبب تدمير مصفاة بيجي سنة 2014 أثناء معارك استعادة السيطرة على المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة.
وأشار إلى أن مصفاة بيجي الواقعة في محافظة صلاح الدين كانت تغطي بحدود 65 في المائة من حاجة البلد للمشتقات النفطية، فضلاً عن زيادة معدل النمو طيلة السنوات الماضية، الأمر الذي أدى إلى الحاجة إلى الاستيراد لتعويض العجز الحاصل.
وبيّن أن عدد المصافي العاملة في العراق هي 14، منها 12 مصفاة حكومية في محافظات مختلفة، فضلاً عن وجود عدد من المصافي الاستثمارية في إقليم كردستان العراق. وأضاف أن العراق ينتج بحدود 15 مليون لتر من مادة البنزين، و23 مليون لتر من مادة زيت الغاز بشكل يومي، وأن وزارته تعمل على إنشاء عدد من المصافي الجديدة لسدّ الحاجة المحلية، ومن بينها مصفى كربلاء الذي سيتم افتتاحه قريباً، إذ إن نسبة الإنجاز الحالية فيه وصلت إلى حدود 97 في المائة، وأن هذا المصفى سيؤمن مشتقات نفطية كبيرة بمواصفات جيدة.
وكشف غانم عن أن وزارة النفط أعدّت خطة عشرية لسنة 2030، تتناسب مع معدل النمو ومنع الاستيراد، وهذه الخطة تتضمن تطوير المصافي الحكومية وإنشاء المصافي والوحدات الاستثمارية، منها إدخال الوحدة الرابعة للعمل في مصفى البصرة، وتطوير مصافي الشمال بطاقة 140 ألف برميل يومياً، فضلاً عن إدخال الوحدات بطاقة 70 ألف برميل في مصافي كركوك والديوانية وحديثة والسماوة والقيارة، بالإضافة إلى إنشاء مصفى الفاو الاستثماري بطاقة 300 ألف برميل يومياً، والذي سيعزز مكانة العراق بالصناعات التحويلية.
وقال الخبير النفطي أحمد صدام إن العراق يستورد المشتقات النفطية بسبب قصور الطاقات التكريرية التي تقدر بحدود 680 ألف برميل يومياً، بينما الحاجة الفعلية تتراوح ما بين 1.100 مليون الى 1.400 مليون برميل يومياً.
وأوضح صدام لـ "العربي الجديد" أن العراق يستطيع زيادة الطاقة التكريرية بسبب تركيز السياسة النفطية على الإنتاج النفطي وإهمال تحسين واقع الطاقة التكريرية، إذ تقدّر المشتقات النفطية المستوردة بما بين 4 إلى 5 مليارات دولار.
بينما تقدر إيرادات المشتقات النفطية في الداخل بحدود 5.3 مليارات دولار، لكن هذه الإيرادات لا تستثمر محلياً وإنما تُنفق مرة أخرى في استيراد مشتقات نفطية غير متوفرة محلياً، وهي معادلة خاسرة في كل الأحوال. وكشف الخبير النفطي عن أن التهريب والفساد يعدّان من العوامل المؤثرة في انخفاض مستوى الطاقات التكريرية في العراق، وأن السبب الرئيس في هدم تحقيق الاكتفاء يكمن في قصور طاقة المصافي.
وبيّن صدام أن كميات المشتقات التي تُهرّب تتجاوز الـ 10 آلاف برميل يومياً، إلا أن دور الحكومة ضعيف جداً في مكافحة تهريب النفط والمشتقات الأخرى بسبب ضعف الرقابة وسيطرة بعض الجهات المتنفذة في الدولة على عمليات التهريب.
وحمّلت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي وزارة النفط مسؤولية العجز الحاصل بسبب سياستها الخاطئة المتبعة تجاه إنتاج وتصفية المشتقات النفطية. وقال عضو اللجنة باسم الغريباوي إن وزارة النفط ذهبت باتجاه جولات التراخيص، ولم تتجه نحو إنتاج وتصفية المشتقات النفطية، التي تُستورد بأسعار تفوق كثيراً أسعار البيع المحلي، مما تسبب بخسائر كبيرة للدولة العراقية.
وأضاف الغريباوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن العراق يستورد أكثر من 15 مليون لتر يومياً، محمّلاً وزارة النفط مسؤولية هذه الخسائر الكبيرة، بسبب عدم وجود مصافي تكرير عراقية. وشرح أن الأموال الطائلة لشراء المشتقات النفطية، والتي تتجاوز 6 مليارات دولار سنوياً، يمكن أن تُستثمر داخلياً لتنمية الاقتصاد العراقي.