العملات المشفرة تواجه صراعاً شاقاً في الكونغرس الأميركي تشعله مخاوف غسل الأموال وتمويل الإرهاب
يحضر ممثلون عن شركات العملات المشفرة في الكابيتول هيل، اليوم الأربعاء، لكن من المرجح أن يطغى على مساعيهم لتعزيز القوانين الصديقة لهذا القطاع، الصراعُ حول الميزانية الفيدرالية وحملة مجلس الشيوخ على استخدام العملات الرقمية في غسل الأموال.
فمن المقرر أن يجتمع العشرات من المديرين التنفيذيين من شركات الأصول الرقمية مع المشرعين وموظفيهم يوم الأربعاء، كجزء من حملة مناصرة شعبية نظمتها "كوين بايز" Coinbase، أكبر بورصة عملات مشفرة في الولايات المتحدة، ومؤسسة "ستاند وذ كريبتو" Stand With Crypto، وهي مؤسسة غير ربحية أسستها.
وسبق أن أقرت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب في يوليو/ تموز الماضي، مشروعَي قانونين رئيسيين من شأنهما أن يساعدا في توضيح القواعد المالية الحالية التي تنطبق على القطاع، فيما تأمل جماعات ضغط العملات المشفرة أن تتمكن من إقناع المشرّعين بتقديم تلك القواعد من خلال الكونغرس.
لكن مع تركيز المشرّعين على تجنب إغلاق الحكومة وبقية مشاريع القوانين المنافسة التي يجب إقرارها هذا العام، بما في ذلك "قانون المزرعة" و"قانون تفويض الدفاع الوطني" NDAA، قد يواجه قطاع العملات المشفرة صعوبة في الاستماع إليها.
في السياق، تقول المستشارة العامة وكبيرة مسؤولي الامتثال في "بيتوايز" Bitwise ومديرة استثمار العملات المشفرة كاثرين داولينغ إن "هناك عدداً مذهلاً من المجالات المتنافسة، لكن نحن بحاجة إلى الاستمرار في ضرب الطاولة"، علماً أن شركتها تُعد واحدة من العديد من الشركات التي تطالب لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية بالموافقة على صندوق تداول فوري لـ"بيتكوين".
وتتوسّع شركات العملات المشفرة في واشنطن في مكافحة التدقيق التنظيمي المتزايد، خاصة من هيئة الأوراق المالية والبورصات التي تقول إن هذا القطاع ينتهك قواعدها، بينما تصاعدت الضغوط بعد أن رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصة دعوى قضائية ضد "كوين بايز" ومنافستها "بينانس" Binance في يونيو/حزيران بدعوى فشلها في تسجيل الرموز المميزة، وهو ما ينفيه الطرفان.
وأظهرت بيانات جديدة قدمتها "أوبن سيكرتيس" OpenSecrets لـ"رويترز" أن الصناعة أنفقت نحو 13 مليون دولار على الضغط الفيدرالي في النصف الأول من العام 2023، مما وضعها على المسار الصحيح لتحقيق عام قياسي آخر بعد إنفاق 21.6 مليون دولار في عام 2022، فيما تصدرت "كوين بايز" المجموعة بمبلغ 1.4 مليون دولار.
وقال متحدث باسم وفد شركات العملات المشفرة يوم الأربعاء، إن الوفد يضم الرئيس التنفيذي لشركة "كوين بايز" بريان أرمسترونغ الذي يجتمع مع الديمقراطيين والجمهوريين من مجلسَي الكونغرس، ويشمل أيضاً مديراً تنفيذياً من "أوبن سي" OpenSea، وهو أكبر سوق للرموز غير القابلة للاستبدال.
رئيسة سياسة الولايات المتحدة في "كوين بايز" كارا كالفيرت أشارت إلى صناعة العملات المشفرة قائلة إن "الجميع يريد التأكد من أن الحكومة لن تمحي ما يفعلونه"، فيما قال متحدث باسم "أوبن سي" إن الشركة كانت متحمسة لاهتمام صناع السياسات بالرموز غير القابلة للاستبدال، و"الأمل في أن يؤدي النهج التعاوني" في التنظيم إلى تعزيز الابتكار وحماية المستخدمين.
وقد أطلقت "كوين بايز" أيضاً هذا الشهر حملة إعلامية تتضمن إعلانات في واشنطن ودعوات للعمل على منصتها الخاصة لمستخدمي العملات المشفرة من أجل حث أعضاء الكونغرس على تمرير التشريعات المتعلقة بالعملات المشفرة.
كبير محللي السياسات في منظمة "أميركيون من أجل الإصلاح المالي" مارك هايز قال إن النتيجة غير مؤكدة. ليس من الواضح بالنسبة لي ما إذا كانت جهود الصناعة لبدء حملة شعبية للعملات المشفرة من العدم ستترجَم إلى شيء له تأثير سياسي".
وتحدد مشاريع قوانين يوليو/تموز متى تكون العملة المشفرة ورقة مالية أو سلعة، مما يحد من سلطة هيئة الأوراق المالية والبورصات. ومن شأن مشروع قانون آخر أن يُنشئ قواعد فيدرالية للعملات المستقرة، وهي الرموز المميزة المرتبطة بأصول تقليدية.
أما الخطوة التالية فهي النظر في مجلس النواب بكامل هيئته، أو تقديم مشاريع القوانين إلى مجلس الشيوخ. حيث من الممكن إجراء تصويت في مجلس النواب قبل نهاية العام، لكن التوقعات قاتمة في مجلس الشيوخ، حيث فشلت مشاريع قوانين العملات المشفرة الصديقة للصناعة في اكتساب الزخم.
وبدلاً من ذلك، يركز كلا الحزبين على الحد من استخدام العملات المشفرة في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فقد أقر مجلس الشيوخ في يوليو نسخته من قانون تفويض الدفاع الوطني التي تضمنت تعديلاً يزيد من التدقيق في معاملات العملات المشفرة المجهولة.
ولم يُبد رئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ شيرود براون من ولاية أوهايو سوى القليل من الاهتمام بجعل تقديم مشاريع القوانين في مجلس النواب أولوية. وقال في بيان لـ"رويترز" إن "آخر شيء نحتاجه هو أن تقوم صناعة العملات المشفرة بكتابة قواعدها الخاصة. لقد تعرض الكثير من سكان أوهايو لأضرار هائلة بسبب الاحتيال والنصب، ونحن بحاجة إلى إطار من قواعد العملات المشفرة التي تحمي اقتصادنا وتحمي أموال سكان ولاية أوهايو التي حصلوا عليها بشق الأنفس".
ومع ذلك، تعمل "كوين بايز" على تكثيف جهودها في ولاية أوهايو، حيث يواجه براون إعادة انتخابه العام المقبل، مع الأحداث الشعبية التي تعمل على زيادة الوعي بدور هذا القطاع في الاقتصاد المحلي.
ويعتقد المدير الإداري لـ"شركة أبحاث السياسات كابيتال ألفا بارتنرز" إيان كاتز أنه من دون دعم براون، يظل تشريع العملات المشفرة المدعوم من القطاع على المدى القريب غير مرجح، مضيفاً: "إذا لم يكن الأمر عاجلاً، ولم يكن رئيس اللجنة المعنية مهتماً به، فمن الصعب أن نرى ذلك يحدث".
(رويترز، العربي الجديد)