رفع الأردن اليوم، جدران الحماية أمام السلع والمنتجات الزراعية والعصائر القادمة من سورية، بعد زيادة تفشي مرض الكوليرا وزيادة أعداد المصابين والوفيات والتحذيرات الأممية من اتساع رقعة المرض واتساع الانتشار.
وأصدرت السلطات الأردنية، قراراً بمنع استقبال أي شحنة منتجات غذائية قادمة من سورية، بسبب انتشار مرض الكوليرا في البلاد، بعد أن أجرت فحوصات على 15% من حالات الإصابة بالإسهال اليومية، للتأكد من عدم نقل المرض إلى أراضيها.
وأكد مستشار رئيس الوزراء الأردني لشؤون الأوبئة، عادل البلبيسي أن المملكة منعت دخول المنتجات النيئة والعصائر من سورية، باستثناء المواد المعلبة، مضيفاً في تصريحات إعلامية، أن الحكومة الأردنية وضعت اشتراطات قاسية على الحدود مع سورية لمنع دخول الكوليرا للمملكة.
ويتوقع المهندس الزراعي السوري، يحيى تناري زيادة حملات الحماية من دول منطقة الخليج العربي، على اعتبارها الأكثر استيراداً للإنتاج الزراعي السوري، والأردن هو منطقة عبور تلك السلع ولا يستهلك من الإنتاج الزراعي السوري إلا القليل.
ويشير تناري بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أن سقاية الأراضي الزراعية بمياه ملوثة "مياه الصرف الصحي" تزيد من احتمال وجود فيروس الكوليرا ضمن المنتجات الزراعية، خاصة الورقيات وهي منتجات تصدر بكثرة إلى منطقة الخليج العربي.
واعتبر أن شح الأمطار وتراجع منسوب المياه، الجوفية والسطحية الجارية، دفع بعض المزارعين للسقاية بمياه ملوثة، بل ثمة تسابق على شراء مياه الصرف الصحي من البلديات، حتى بالمناطق المحررة شمالي شورية.
ويضيف المهندس السوري أن تراجع مياه نهر الفرات، دفعت المزارعين بمدن شمال شرق سورية للسقاية بمياه ملوثة، كما أن انتشار الصهاريج التي تبيع مياها غير معقمة ومراقبة، ببقية المدن السورية، جراء زيادة ساعات تقنين المياه، أدى إلى حالات تسمم وإصابات بالتهاب الكبد الوبائي وزادت بانتشار الكوليرا.
وكانت حكومة بشار الأسد قد أصدرت خلال الأيام السابقة، تحذيرات إلى الفلاحين من استخدام المياه الملوثة بالسقاية، إلى جانب قرارات مديريات الصحة بمراكز المحافظات إلى المطاعم والمنشآت السياحية، للامتناع عن تقديم الخضر والورقيات للمستهلكين، تحت طائلة الإغلاق.
وأدت الإجراءات الحكومية وتراجع استهلاك الخضر إلى تراجع الأسعار بين 30 و50% بحسب تصريحات عضو لجنة تجار ومصدري الخضروات والفواكه بدمشق، أسامة قزيز الذي أكد أن أسعار الخضروات الورقية انخفضت بنسبة تقارب 30 بالمائة، كما انخفضت أسعارها بالجملة بنسبة 50 بالمائة.
ويشير قزيز إلى أن تراجع تجارة الخضروات بشكل كبير بسبب خوف المواطنين من الإصابة بالكوليرا كما ان التجار يخشون الخسارة.
وأضاف في تصريحات لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، أن 50 بالمائة من الكميات التي كانت تدخل سوق الهال بدمشق من الخضروات الورقية قبل صدور التعميم، كانت تذهب إلى المطاعم والفنادق والمعامل، أما اليوم فإنها لا تستجر أي كميات منها بعد صدور التعميم خوفاً من الإغلاق حتى أن بعض أصحاب المطاعم قاموا بإعادة الكميات الموجودة لديهم من الخضروات الورقية إلى تجار سوق الهال.
ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين أن انتشار الكوليرا سيؤثر على المزارعين السوريين ويزيد خسائرهم، بعد تراجع الاستهلاك المحلي ووقف الدول المجاورة استيراد المنتجات الزراعية، لأن شروط الإنتاج الزراعي بسورية، بواقع غلاء البذار والمحروقات والأسمدة، هي بالأساس مجازفة بحسب حسين.
ويضيف الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن إنتاج الخضر "الورقيات" بذروته اليوم، لذا من الطبيعي أن تتراجع الأسعار بواقع زيادة العرض والعزوف عن الاستهلاك، معتبراً أن من واجب حكومة بشار الأسد اليوم، استجرار المحاصيل من الفلاحين وإيجاد طريقة للتعقيم أو الصناعة والتعليب، بدل الاكتفاء بالتعميم على المنشآت بعدم الاستجرار والاستهلاك.
وحول بدء منع الدول المجاورة استيراد المنتجات السورية، يقول حسين إن ذلك أبسط حقوقها خوفاً من نقل الوباء إلى أراضيها، متوقعاً صدور قرارات أخرى من جميع الدول التي تستهلك الإنتاج الزراعي السوري، الأمر الذي سيؤثر على قيمة الصادرات السورية، لأنها بمعظمها منتجات زراعية وغذاء السوريين بواقع تراجع الإنتاج الصناعي السوري وارتفاع تكاليفه وفقدانه شروط المنافسة بالأسواق الخارجية.
وكان حجم التبادل التجاري بين سورية والأردن ارتفع إلى 85 ألف طن بقيمة 150 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، بحسب ما كشف أخيراً المدير العام للمنطقة الحرة المشتركة، عرفان الخصاونة.
ووصف الخصاونة خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي الأردني "المملكة" النشاط التجاري بين الأردن وسورية بالجيد، داعياً المستثمرين لزيارة المنطقة الحرة المشتركة لزيادة التبادل التجاري مع الجانب السوري.
ويذكر أن الأردن أعاد فتح معبر نصيب الحدودي في 21 أيلول/سبتمبر العام الماضي، بعد إغلاقات كورونا عام 2020 وقت تراجع التبادل التجاري إلى 96 مليون دولار مقارنة بقيمة تبادل بلغت عام 2011 نحو 630 مليون دولار.