تتوقع وزارة المالية الكويتية تسجيل عجز في الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023/ 2024 بقيمة 5.053 مليارات دينار كويتي (حوالي 16.3 مليار دولار أميركي)، نظرا لارتفاع الإنفاق وانخفاض إيرادات النفط بشكل حاد.
وتقدر بيانات الوزارة الرسمية الإيرادات الإجمالية بـ 18.8 مليار دينار كويتي، مع افتراض سعر نفط بـ 65 دولارًا للبرميل، في حين تقدر النفقات بـ 21.9 مليار دينار كويتي للسنة المالية.
وتواجه الحكومة الكويتية تحديات في تمويل عجز الميزانية، نظرًا لصعوبة الحصول على موافقة البرلمان على قروض خارجية، وبالتالي تحتاج إلى حلول تمويل غير تقليدية.
ومن هذه الحلول اتخاذ إجراءات لإصلاح المالية العامة، من خلال خفض الإنفاق غير الأساسي، وزيادة الإيرادات غير النفطية، وإصلاح نظام التقاعد والرواتب والإعانات، حسبما أورد تقرير أصدره صندوق النقد الدولي في 5 يونيو/حزيران الجاري.
واقترح التقرير ذاته تعزيز الحكومة الكويتية التنسيق مع التشكيل الجديد لمجلس الأمة لإقرار "قانون إصدار سندات دولية"، وإطلاق صندوق جديد للثروة السيادية.
إيرادات النفط
يؤكد المحلل الاقتصادي الكويتي، علي العنزي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن سبب التوقعات بتسجيل عجز كبير يصل إلى أكثر من 16 مليار دولار هو أسعار النفط، التي تقل حاليا عن سعر التعادل في الموازنة.
فسعر التعادل في موازنة الكويت هو 85 دولارا، بينما متوسط الأسعار المتداولة يتراوح بين 75 و78 دولارا لبرميل النفط، إضافة إلى أن التوقعات تشير إلى مزيد من التراجع بالأسعار خلال الفترة القادمة في إطار أزمة التضخم العالمي، ورفع سعر الفائدة، مما يبطئ من النمو الاقتصادي الأميركي، وبالتالي يبطئ النمو الاقتصادي العالمي، بحسب العنزي.
ولذا تتجه تقديرات أسعار النفط إلى مزيد من الانخفاض بحسب التقديرات، وفي حال تحقق ذلك فإن الكويت ستواجه عجزا نتيجة ارتفاع المصروفات وتراجع الإيرادات، حسبما يرى المحلل الاقتصادي الكويتي.
ولأن إيرادات النفط تمثل 88% من إجمالي إيرادات الموازنة الكويتية، فإن أسعار النفط هي المتحكم الرئيس في الإيرادات، وهي أسعار عالمية لا دخل للحكومة بها، بحسب العنزي، مشيرا إلى أن الحكومة ستتجه إلى الاقتراض على الأرجح لسد العجز، سواء من أسواق الدين العالمية، أو من الأسواق المحلية.
ويرى العنزي أنه لا مفر من الاتجاه نحو الاقتراض لسد عجز الميزانية المتوقع، مشيرا إلى أن هكذا توجه مثل أفضل وسيلة خلال الفترات الماضية، لأن عملية الاقتراض كانت تجري بتكلفة منخفضة.
لكن في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، ورفع سعر الفائدة، قد يكون هناك بدائل للاقتراض، عبر "تسييل" بعض الأصول، والاستفادة من الاستثمارات الكويتية في الخارج، بحسب العنزي.
ويشير إلى أن تسهيل بعض الاستثمارات لسد العجز يعد سبيلا جيدا للمرور الآمن من فترة الأزمة الاقتصادية العالمية، وصولا إلى أعوام تكون أسعار النفط فيها أفضل، وبالتالي تعود موازنة الكويت إلى تحقيق فوائض، يمكن إعادة استثمارها.
احتياطي الأجيال
فيما يرى الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، أن توقع حجم العجز بالميزانية الكويتية لا يمكن الجزم به في ظل عدم استقرار أسعار النفط، وصعوبة توقعها حتى نهاية العام الجاري في ظل المعطيات الحالية، وفق تصريحاته لـ"العربي الجديد".
ويضيف أن الحكومة الكويتية لا تحتاج للاستدانة حاليا في ظل وجود سيولة كبيرة جدا بصندوق احتياطي الأجيال القادمة، والتي يتم استخدامها متى ما دعت الحاجة إليها عن طريق "المناقلة" إلى أن يتم إقرار قوانين خاصة بالسيولة.
ويشير رمضان، في هذا الصدد، إلى أن "إقرار بعض القوانين الخاصة بالسيولة في الكويت، مثل قانون الدين العام، متوقف منذ عام 2017، ولذا فإن المناسب حاليا هو الاستناد إلى قانون آخر يقر السحب المنظم من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، متى ما كان هناك عجز".
كما يمكن للحكومة الكويتية استخدام بعض آليات أو تكتيكات سد العجز، عن طريق بيع أصول غير سائلة موجودة في الاحتياطي العام إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، حسبما يرى رمضان.
ولذا يتوقع الخبير الاقتصادي الكويتي ألا تواجه الحكومة إشكالية في ما يتعلق بسداد العجز المتوقع بالميزانية، مشيرا إلى أن "السيولة موجودة ولكن توجد قيود على استخدامها"، ولذا تلجأ الحكومة في الغالب إلى طرق بديلة للتمويل.