يراهن تجار اللحوم الحمراء في المغرب على خفض الأسعار قبل شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب على تلك السلعة التي بلغت أسعارها مستويات قياسية في الفترة الأخيرة.
ويعتبر مهنيون أن فتح الباب أمام استيراد الأبقار لتوفير لحوم الأبقار عبر وقف استيفاء رسم الاستيراد لا يكفي لخفض الأسعار قبل شهر رمضان، بل يتطلعون إلى إلغاء الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، ما من شأنه أن يخفض الأسعار في نظرهم.
وقفزت أسعار اللحوم الحمراء إلى 9.88 دولارات للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في حدود 7.90 دولارات، مرتفعة من حوالي 7 دولارات.
ويتجلى أن أسعار اللحوم زادت في سوق التجزئة في الأشهر الماضي بنسبة 30 في المائة، بينما تفيد بيانات المندوبية السامية للتخطيط أن مؤشر أسعار اللحوم زادت بنسبة 7.9 في المائة في العام الماضي، في ظل تضخم قفز إلى 6.6 في المائة.
ويأتي ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في سياق متسم بارتفاع أسعار السلع الغذائية في العام الماضي، وهو المنحى الذي تترقب 76.8 في المائة من الأسر تواصله في الاثني عشر شهرا المقبلة، حسب البحث حول الظرفية لدى الأسر، حسب المندوبية السامية للتخطيط.
ويؤكد صاحب محل الجزارة، محمد السعيدي، أن ارتفاع الأسعار لا يعني أن هوامش أرباح المهنيين زادت في الفترة الأخيرة، حيث إن الأسعار الحالية تبررها تكاليف الإنتاج المرتفعة.
ويشير إلى أن أصحاب محلات الجزارة تراجعت مبيعاتهم في ظل الزيادة التي شهدتها أسعار اللحوم في الفترة الأخيرة، حيث انعكس ذلك سلبا على الطلب.
ويذهب إلى أن الأشهر الأخيرة التي شهدت جفافا حادا في المغرب أثرت على الكلأ الطبيعي، كما عرفت لجوء المنتجين إلى تكثيف استعمال الأعلاف المركبة التي تضاعفت أسعارها في السوق المحلية متأثرة بأثمان الذرة والشعير والصويا وعباد الشمس، التي يستوردها المغرب من الخارج.
وبادرت الحكومة في العام الماضي في ظل تراجع إنتاج الحليب إلى منع ذبح الأبقار الحلوب التي لم تصل إلى أربعة أعوام، والتي تدرج ضمن صنفي "الهولشتاين" و"المونتيبيليار"، موضحة أن الأبقار من سلالات اللحوم التي تخصص للإنتاج الحيواني غير مشمولة بالمنع.
ودفع قرار المنع في بدايته البعض إلى التعبير عن التخوف من ارتفاع أسعار اللحوم، غير أن الحكومة عمدت بعد ذلك في أكتوبر إلى وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار الأليفة بهدف توفير اللحوم للاستهلاك.
وسوغت الحكومة قرارها بالرغبة في مواجهة تداعيات ندرة المياه التي عرفتها البلاد خلال هذه السنة، وارتفاع أسعار أعلاف الماشية بفعل تقلبات السوق الدولية والزيادة في تكاليف إنتاج اللحوم الحمراء.
ورامت الحكومة عبر قرارها ضمان تموين عادي للسوق المحلية من اللحوم عبر وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على استيراد فصيلة الأبقار الأليفة من سلالات إنتاج اللحوم، والتي لا يقل وزنها عن 550 كيلوغراماً وذلك إلى غاية نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023.
غير أن القرار لم يفض إلى خفض الأسعار في السوق المحلية، حيث وجد المستوردون صعوبات كبيرة في توفير أبقار بالأعداد المطلوبة يتوفر فيها شرط الوزن الذي وضعته الحكومة.
ودفع ذلك الحكومة إلى تعديل القرار الأسبوع الماضي، حيث ألغت شرط الوزن الخاص بالأبقار المستوردة، وهو ما سيفتح الباب أمام توسيع مجال الاستيراد من الأسواق الخارجية، حسب ما أكده عبد العالي رمو رئيس الجمعية المغربية لبائعي اللحوم الحمراء.
غير أن عبد العالي رمو يعتبر أن القرار الحكومة بإلغاء شرط الوزن، يقتضي أن يواكبه وضع دفتر تحملات يفتح الباب أمام الجميع للاستيراد لتوفير عرض كاف من اللحوم.
ويؤكد رمو الذي يتولى كذلك منصب نائب رئيس الفيدرالية المهنية للحوم الحمراء، أنه يتوجب الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأبقار، والتي تصل نسبتها إلى 20 في المائة، ما سيفضي إلى زيادة الأسعار في سوق التجزئة.
ويتصور السعيدي أن توفير اللحوم الحمراء عبر الأبقار المستوردة من شأنه خفض الأسعار قبل شهر رمضان الذي جرت العادة على أن يرتفع فيه الطلب على اللحوم، ما يتسبب في ارتفاع الأسعار في تلك الفترة، مشيرا إلى أن الاستيراد سيؤدي إلى توفير عرض من لحوم الأبقار من شأنه تهدئة السوق في أفق عيد الأضحى.