لن يؤثر معدل التضخم في المغرب على القدرة الشرائية للأسر فقط أو يرفع تكاليف الإنتاج لدى المقاولات، بل قد يمس المدخرين، وهو ما يثير تخوف بنك المغرب (البنك المركزي).
ويتوقع البنك المركزي أن يقفز معدل التضخم في العام الحالي إلى 4.7 في المائة، بعدما كان يترقب في توقعات ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن يبلغ 1.8 في المائة، ذلك تطور لم يعرفه المغرب منذ عقود، حسب مراقبين.
انعكاسات سلبية للتضخم
يذهب نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك محمد العربي إلى القول إن ارتفاع معدل التضخم إلى مستوى غير مسبوق في ظل ترقب انخفاض حاد في النمو، سينعكس على التشغيل والادخار.
وأضاف نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه إذا وصل معدل التضخم إلى المستوى الذي يترقبه بنك المغرب في العام الحالي، بعدما قفز في نهاية فبراير/ شباط الماضي إلى 3.3 في المائة، حسب المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، ستكون فوائد الادخار جد منخفضة.
ويعتبر العربي أن التضخم لن تطاول تأثيراته فقط الادخار، بل سينعكس أيضاً على التقاعد والأجور في سياق الصعوبات المرتبطة بالأزمة الحالية.
وتبقى توقعات بنك المغرب الخاصة بالنمو الذي ينتظر أن يتراجع إلى 0.7 في المائة تحت تأثير الجفاف ومعدل التضخم المرتفع مؤقتة، حيث كشف محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري أنه يمكن عقد اجتماع لمجلس البنك في أي لحظة من أجل إعادة النظر في التوقعات والقرارات.
الإبقاء على الفائدة
ولم يشأ بنك المغرب، في اجتماع مجلسه الثلاثاء الماضي، رفع معدل الفائدة الرئيسي، حيث أبقى عليه في حدود 1.5 في المائة، رغم ارتفاع معدل التضخم المرتقب في العام الحالي إلى 4.7 في المائة، حيث كانت تنتظر الأوساط الاقتصادية أن يرفع معدل الفائدة بهدف كبح زيادة الأسعار.
ذلك أمر لا يغفله محافظ البنك المركزي، الذي يؤكد أنه عند تحليل التضخم في العام الحالي، يتوجب منطقيا رفع معدل الفائدة الرئيس، غير أنه يرى أنه عند النظر إلى توقعات العام المقبل، يتجلى أن معدل التضخم سينخفض دون 2 في المائة.
ويشدد على أن مجلس البنك ارتأى المواءمة بين أهداف التحكم في التضخم والحفاظ على نوع من الديناميكية في الاقتصاد، إلا أنه يؤكد أنه إذا ظل معدل التضخم مرتفعا في العام المقبل، سيكون رفع معدل الفائدة الرئيسي مبررا، خاصة مع توقع تحقيق نمو في حدود 4.6 في المائة في 2023.
تأثر الادخارات
وفي خضم هذه الهواجس، يستحضر البنك المركزي تأثير التضخم في على المدخرين، حيث يتخوف من تأثر معدل مكافأة الادخار، وهي وضعية غير مسبوقة في المغرب.
لم يشأ بنك المغرب، في اجتماع مجلسه الثلاثاء الماضي، رفع معدل الفائدة الرئيسي، حيث أبقى عليه في حدود 1.5 في المائة، رغم ارتفاع معدل التضخم المرتقب في العام الحالي إلى 4.7 في المائة
وشدد على أن المجلس قرر تفادي الوقوع في وضعية تكون فيها مكافأة الادخار سالبة بسبب التضخم الذي ارتفع في الفترة الأخيرة.
ونبه إلى أنه مع خفض معدل الفائدة الرئيسي لوحظ تراجع في الودائع لأجل التي أضحى مبلغها في حدود 13 مليار دولار، بينما ارتفعت الودائع تحت الطلب بأكثر من نسبة 7 في المائة.
وتعبر 84.7 في المائة من الأسر المغربية، حسب بحث الظرفية عند الأسر، عن عدم قدرتها على الادخار في الاثني عشر شهرا المقبلة، مقابل 15.3 في المائة تؤكد إمكانية ذلك، في سياق متسم بصعوبات اقتصادية قد تنجم عن حالة عدم اليقين المرتبط بالظروف الحالية.
وتواجه مصارف المغرب ضغوطا في ظل تداعيات الجائحة الصحية. وكانت مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، قد كشفت في وقت سابق عن تفاقم حاجات البنوك إلى السيولة خلال يوليو/ تموز الماضي، لتصل في المتوسط إلى 10.2 مليارات دولار، مقابل 10 مليارات دولار في يونيو/ حزيران الماضي و9.6 مليارات دولار في مايو/ أيار الماضي.