ما أن ازدادت سخونة المنافسة بين الفرق التي تقترب من نصف نهائي كأس العالم في قطر، حتى ارتفعت وتيرة النشاط التي عمّت الاستراحات والمقاهي والفنادق والمطاعم في قطاع غزة، للربح وتعويض خسائرها السابقة، من خلال زيادة إقبال الزبائن عليها لمتابعة المباريات عبر شاشاتها الكبيرة.
وتتبارى تلك الأماكن التجارية في العروض التي يمكنها استقطاب أكبر قدر ممكن من المشجعين، عن طريق تحويل مرافقها بشكل يوائم سخونة الحدث الكروي العالمي.
وكغيرها من المنشآت التجارية، تعرضت الأماكن السياحية والترفيهية إلى الخسائر والتأثر السلبي، بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 16 عاماً وتأثيره على مختلف نواحي الحياة، وفي مقدمتها الناحية الاقتصادية والتجارية والصناعية الفلسطينية، على اعتبار أنها تقدم خدمات غير أساسية، في الوقت الذي يتجه فيه المواطنون أصحاب الدخل المحدود إلى توفير المستلزمات الأساسية.
يقول تامر بكر، المدير التنفيذي في استراحة مالديف غزة، والتي تطلّ على بحر غزة غربي المدينة، إنه جرى إعداد تجهيزات كبيرة للقاعات الموجودة في المكان، وتهيئتها لاستقبال المزيد من المشجعين في الأيام الأخيرة من المونديال، حيث تقترب المنافسة من الوصول إلى محطاتها الأخيرة.
ويشير بكر، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن تكاليف التجهيزات كانت عالية، استعداداً لاستقبال الزبائن بشكل لائق، مضيفًا "حاولنا توفير كل المستلزمات التي يُمكنها وضع المُشجعين في أجواء الفعالية الكروية العالمية، على أمل جذب أكبر قدر منهم".
وانطلق أصحاب تلك الأماكن نحو الموسم بطريقة مختلفة عن المواسم السابقة، في محاولة لاستغلال الميزة الجديدة للمونديال، وهو استضافته من دولة عربية للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم، فيما جرى تزيين الاستراحات بالأعلام الفلسطينية، وأعلام دولة قطر المستضيفة للفعاليات.
ويقول إبراهيم رابعة، مدير كافيه رابعة في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، إنه إلى جانب تجهيزات جذب الزبائن، حرصت الكثير من الاستراحات والكافيهات على توزيع الهدايا، أملا في أن تساهم هذه المناسبة التي تعد موسماً مهماً في تعويض ما لحق بالاستراحات خلال الأزمات التي مر بها قطاع غزة.
ويضيف أن الشباب الفلسطينيين في غزة لم يعيشوا أجواء المونديال من قبل، إذ تزامنت العروض السابقة مع أحداث سيئة، حالت بينهم وبين أجواء الحدث الكروي، إلى جانب الميزة الأساسية التي تميّزه، وهي استضافته من دولة قطر.
من ناحيته، يُشير أحمد اللوح، الإداري في أحد الكافيهات، في حي الرمال وسط مدينة غزة، إن الكافيهات عملت على تحفيز الزوار للمجيء، من خلال نشر الإعلانات الممولة التي تحتوي على عروض للمشروبات والمأكولات والخدمات التي تُحاول- إلى حد ما- مراعاة الأوضاع الاقتصادية المتردّية، كما تتنافس في الأجواء التي تحاكي الحدث، ويمكنها استقطاب أكبر قدر ممكن من الزبائن. ويساهم الحصار الإسرائيلي، وما يتضمنه من قيود على الحركة والتنقل والحركة التجارية، في التأثير سلباً على مختلف القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الاقتصادي، والذي يُلقي بظلاله على مختلف شرائح المجتمع، وفي مقدمتها فئة الشباب.
ويدفع التأثير السلبي للقيود والإغلاق البري والبحري والجوي نحو 70% من الشباب إلى قبول أي فرصة عمل، كما يجعل من المواسم فرصاً للكسب. وتُعدّ مستويات البطالة في غزة من بين الأعلى في العالم، حيث وصل معدل العاطلين عن العمل خلال الربع الأول من عام 2022 إلى 46.6%، بالمقارنة مع المتوسط الذي كان يبلغ 34.8% في عام 2006. ووصل معدل البطالة بين الشباب (15 إلى 29 عاما) إلى 62.5% خلال الفترة نفسها، وفق البيانات الرسمية.
وأدت القيود المفروضة من جانب الاحتلال الإسرائيلي إلى تقويض اقتصاد غزة، مما تسبب في ارتفاع مستويات البطالة وانعدام الأمن الغذائي والاعتماد على المساعدات، وفق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في يونيو/حزيران الماضي، مشيراً إلى أن هذه القيود تشمل تسويق البضائع في الضفة الغربية، وإدخال بضائع معينة إلى غزة، ووصول الناس إلى الأراضي الزراعية ومناطق صيد الأسماك.