يركز نظام بشار الأسد في سورية، على المورد التقليدي الثالث للخزينة، وهو الضرائب، بعد تحول المورد الأول، صادرات النفط، إلى أكبر مستنزف للخزينة، وضعف المورد الثاني (فوائض المؤسسات الحكومية) وتحوّل القطاع العام إلى خاسر تساعده الحكومة بدعم مستمر ليبقى على قيد الحياة.
ووفق مصادر سورية فقد أوعز النظام بتشكيل لجنة جديدة، لدراسة النظام الضريبي ومراجعة التشريعات الضريبية، واقتراح تعديلات في السياسة الضريبية تستهدف زيادة الأعباء على الممولين.
ويبدو، حسب تصريحات معاون وزير المالية، رياض عبد الرؤوف، أمس الإثنين، أن اللجنة أنهت ما أوكل إليها، وتقدمت بمشروع قانون الضريبة على الدخل، لتنسف القانون 24 لعام 2003، سواء ما يتعلق بنسبة الاقتطاع أو غيرها من الضوابط، بعد تهاوي سعر العملة المحلية مقابل الدولار، من 45 ليرة عام 2003 إلى نحو 3400 ليرة حالياً.
وسرب النظام الحاكم أنباء لامتصاص قلق الممول حيث قال معاون وزير المالية، إن مشروع القانون الجديد، الذي سيعرض على البرلمان، سيراعي أن تكون الضريبة على الأرباح الحقيقية هي القاعدة العامة، أما الضريبة على الدخل المقطوع، فستكون الاستثناء.
وحول الجديد بمشروع القانون الجديد، يضيف معاون الوزير خلال تصريحات صحافية، أن مشروع القانون الجديد سيعتمد على تبسيط إجراءات التكليف والتحصيل والسرعة في تدقيق التكليف واختصار مراحل التدقيق والإنذارات لتمكين المكلفين من سداد الالتزامات المالية المترتبة عليهم بكل شفافية ووضوح. وأوضح أنه ستتم ملاحقة المتهربين من خلال محاكم ضريبية بدائية واستئنافية متخصّصة.
ويرى المفتش المالي، إبراهيم محمد، أن مواد مشروع القانون الجديد "يرتكز على الوعيد وزيادة عقوبات المتهربين" من دون أن يلحظ وضع مواقع الإنتاج والخسائر التي مني بها الصناعيون في سورية، بعد ارتفاع حوامل الطاقة وانقطاع الكهرباء لنحو 20 ساعة وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، "ما دفع شركات كثيرة للإغلاق أو تسريح بعض العمالة".
ويقدّر المالي السوري، "حجم التهرب الضريبي بنحو 2000 مليار ليرة، وهذا المبلغ الهائل يعادل إجمالي قيم الدعم الاجتماعي في موازنة العام الماضي"، معتبراً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن أسباب التهرب لا يتحمل وزرها المكلف فقط "صناعي وتاجر"، بل إن وزارة المالية التي تعتمد أرقام تكليف لا تتناسب مع الواقع الراهن.
من جهته، يقول مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم بدمشق، منذر ونوس، إن وزارة المالية والإدارة الضريبية تعمل، من خلال مشروع القانون الجديد، للوصول إلى أرقام عمل حقيقية بعيداً عن التقدير، بما يحقق عدالة ضريبية.
وعن الإعفاءات بمشروع القانون الجديد، يضيف ونوس خلال تصريحات أمس، أن كل إعفاء مرتبط بسياسة محددة، فعلى سبيل المثال إعفاء الصادرات مرتبط بسياسة محددة، إذ إن كل الصادرات ذات المنشأ السوري معفاة بالمطلق من الضريبة على الدخل.
ويعقّب المالي السوري ومدير فرع المصرف التجاري السابق، ياسر عبد الجليل، بأن هذا الطرح "مثالي" لأن تبدلات الواقع الاقتصادي بسورية، بعد الحصار وتراجع الإنتاج والمبيع والتصدير، تفرض على وزارة المالية، إعادة النظر بالأطروحات الضريبية "نوع ونسبة" لما يخدم المكلف، وإلا سنرى تهديماً لما تبقى من منشآت.
وأضاف: "رأينا في حلب الشهر الماضي، كيف احتج المكلفون وأغلقت بعض المنشآت أبوابها؟". وتابع عبد الجليل لـ"العربي الجديد" أنه يوجد تهرب بسورية ولا ينكره أحد، ونعلم أنه يزيد عن 2000 مليار ليرة، ونسبة الضرائب لا تصل إلى 26.59% من إجمالي الإيرادات العامة، حسب موازنة عام 2021، ولكن لا يتحمل المكلف فقط الوزر.
وقال: "ببساطة لا تقدم الدولة للمكلف ما يقنعه بتسديد الضراب، بل تعيق عمله وتقطع عنه مدخلات الإنتاج، سواء مواد أولية أو محروقات".
ويبيّن عبد الجليل أن الضريبة على الرواتب والأجور من ذوي الدخول الثابتة تشكل بحدود 28% من إجمالي الضرائب المباشرة، بينما تشكل ضريبة الأرباح على الشركات 35.54% فقط.