يعيش اليمن على وقع تحركات مكثفة تقودها الأمم المتحدة لحل مشكلة سفينة صافر العائمة التي تحمل على متنها أكثر من مليون برميل، والمركونة في ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، غربي اليمن، منذ بداية الحرب قبل نحو سبع سنوات.
وأعلنت الأمم المتحدة، الشهر الماضي، بعد جهود حثيثة استمرت عدة أشهر لتقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع في اليمن، عن التوصل إلى خطة للتصدي لانهيار خزان صافر بكلفة تقدر بنحو 140 مليون دولار سيتم تنفيذها على مرحلتين لمدة 18 شهراً.
وقال المسؤول في الأمم المتحدة، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، في مؤتمر صحافي عبر تقنية الفيديو، إن الخطة التي سيبدأ تنفيذها في يونيو/ حزيران القادم، تهدف إلى تفريغ الشحنة وإخراج الحمولة من النفط الخام إلى خزان مؤقت، لكنه لم يحدد مصير هذه الشحنة التي سيتم نقلها، مؤكداً عدم القدرة على الانتظار لحين حل مشكلة الحمولة والتوافق عليها من قبل الأطراف اليمنية المعنية.
تم تشييد خزان صافر في عام 1976 كناقلة عملاقة، وجرى تحويلها بعد عقد من الزمن إلى منشأة تخزين وتفريغ عائمة للنفط. وترسو الناقلة صافر على بعد حوالي 4.8 أميال بحرية قبالة ساحل محافظة الحديدة.
وتحذر الأمم المتحدة من أن الناقلة تتحلل بسرعة وتحتوي على أربعة أضعاف كمية النفط المنسكبة من ناقلة "إكسون فالديز". وقد تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن ناقلة صافر في عام 2015 بسبب الحرب، ونتيجة لذلك تدهورت السلامة الهيكلية لناقلة صافر بشكل كبير.
وتسببت الحرب في تهاوي اقتصاد اليمن وانهيار أهم قطاعاته الإنتاجية الواعدة التي يعتمد على مواردها بدرجة رئيسية، كقطاع النفط والغاز، الذي تهاوت عائداته نتيجة توقف التصدير بشكل كلي، خصوصاً في السنوات الأربع الأولى من الحرب الدائرة منذ العام 2015.
ومنذ العام 2019، بدأ اليمن في العمل على استعادة جزء من عملية التصدير من بعض القطاعات المتاحة، ويكشف تقرير حكومي عن ارتفاع عائدات النفط في اليمن لأول مرة منذ نحو سبع سنوات خلال العام 2021 إلى 1.4 مليار دولار من 710 ملايين دولار في العام 2020.
في السياق، يشير خبراء إلى معاناة خزان صافر من مشكلة تتمثل بالغاز الخامل في غرفة المحركات التي تعطلت بالكامل وهو ما يمثل خطرا كبيرا.
الخبير اليمني في علوم البيئة البحرية هاني العمدي، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السفينة العائمة شكلت خطرا كبيرا على اليمن يوازي تأثير الحرب والصراع الدائر في اليمن، مع تراجع حركة الصيد وتضرر مئات الصيادين في مناطق صيد حيوية بالقرب المنطقة التي يرسو فيها الخزان العائم.
ويرى أن خطة إنقاذه يجب أن تكون دقيقة ومركزة وتوفر ضمانات كافية لنجاحها وللطاقم العامل ولتفادي أي تسرب قد يحصل أثناء عملية النقل.
وتحذر الأمم المتحدة من الضرر البيئي لخزان صافر على الدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر، ومن ظهور التأثير الاقتصادي لتعطّل الشحن في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
كما أن حدوث تسرب كبير قد يؤدي إلى تدمير نشاطات الصيد على ساحل البحر الأحمر اليمني، حيث يعيل نصف مليون من صيادي السمك هناك 1.7 مليون فرد.
ويذكر تقرير اقتصادي رسمي أن القطاع السمكي من أكبر القطاعات الاقتصادية المتضررة في اليمن بسبب الحرب والصراع الدائر في البلاد، مقدراً خسارته بحوالي 6.7 مليارات دولار، إضافة إلى خسائر البنية التحتية في بعض الموانئ الغربية وتدمير حوالي 11 مركز إنزال سمكي بشكل كلي.
الباحث الاقتصادي مختار السعيدي يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن معظم الكوارث التي يعيشها اليمن استهدفت بدرجة رئيسية قوت الفقراء والفئات العاملة التي تستوعبها بعض القطاع الواعدة، مثل القطاع السمكي، الذي شلت الحرب ووضعية خزان صافر حركته بشكل كبير، بالإضافة إلى تعطيل عشرات من مناطق الصيد والتسبب بهجرة كثير من الصيادين لعملهم ومن ظل يعمل منهم يخوض غمار رحلات شاقة يومية في مناطق صيد بعيدة ومحفوفة بالمخاطر.
ويتميز اليمن بمقومات اقتصادية مهمة في هذا القطاع الواعد والذي يعاني من التدمير والإهمال، إذ ينتشر في مياه وسواحل البلد المتخم بالفقر والبطالة نحو 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية وبمخزون يسمح باصطياد ما بين 350 – 400 ألف طن سنوياً، جزء كبير منها ينتشر على شواطئ ومياه البحر الأحمر المهددة بالتلوث والقضاء عليها في حال حدوث تسرب في خزان صافر.