استمع إلى الملخص
- الانقسام المصرفي بين بنك مركزي في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين وآخر في عدن تحت الحكومة الشرعية يعقد التعامل بالعملة ويسبب اختلافات في سعر الصرف، مع حظر الحوثيين للعملة الجديدة طبعة 2016.
- خبراء اقتصاديون يرون في التوجيهات خطوة لتنظيم انتقال العملة والحفاظ على استقرارها، مع تأكيد على أهمية وضع قيود على انتقال العملة الصعبة لمنع عمليات شراء خارج النظام المالي والمصرفي الرسمي.
أصدرت قيادة محور تعز في الحكومة المعترف بها دولياً في اليمن توجيهات إلى قادة الوحدات العسكرية ومديري الأجهزة الأمنية، بشأن حمل المسافرين بين مدينة تعز والحوبان للعملة المحلية والأجنبية، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاد بمثابة تنظيم من الحكومة الشرعية لعملية انتقال العملة بين المناطق التي تسيطر عليها وتلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وبحسب المذكرة الصادرة الخميس الماضي عن قيادة محور تعز، والتي اطلع عليها "العربي الجديد"، جرى توجيه قادة الوحدات العسكرية ومديري الأجهزة الأمنية بتنفيذ قرارات وتوجيهات البنك المركزي اليمني الخاص بدخول العملة وخروجها من وإلى المحافظات المحررة ومناطق سيطرة الحوثيين. ونص التوجيه على منع دخول العملة القديمة إلى المناطق المحررة، ويسمح بخروجها إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
وتضمن التوجيه السماح بخروج العملة الجديدة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بحيث لا يتجاوز المبلغ مائتي ألف ريال، والسماح أيضاً بدخول العملة الجديدة إلى مناطق سيطرة الشرعية، بحيث لا يتجاوز المبلغ مائتي ألف ريال. كما وجهت قيادة المحور بمنع خروج العملات الأجنبية (الدولار والريال السعودي واليورو) إلى مناطق سيطرة الحوثيين. وجاءت التوجيهات الأخيرة الخميس الماضي بعد أيام من فتح طريق تعز الحوبان الذي يربط وسط المدينة الواقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية بمنطقة الحوبان شمال المدينة والخاضع لسيطرة جماعة الحوثيين، وذلك بعد تسع سنوات من إغلاقه.
كما يأتي هذا التوجيه في ظل حالة من الانقسام المصرفي في اليمن مع وجود بنكين مركزيين، أحدهما في صنعاء خاضع لسيطرة الحوثيين، والآخر في عدن خاضع لسيطرة الحكومة الشرعية، حيث حظر الحوثيون التعامل بالعملة الجديدة طبعة 2016 في مناطق سيطرتهم. ونهاية مايو/أيار الماضي، أصدر البنك المركزي اليمني في عدن قراراً بإيقاف التعامل مع 6 من البنوك والمصارف التي رفضت نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، ودعا المواطنين إلى إيداع ما لديهم من العملة القديمة طبعة ما قبل 2016 لدى البنوك في المحافظات التابعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وأدت حالة الانقسام المصرفي إلى اختلاف سعر صرف العملة المحلية، حيث يبلغ سعر صرف الدولار في مناطق الحوثيين 530 ريالاً، فيما يبلغ في مناطق الحكومة الشرعية 1800 ريال.
تنظيم انتقال الريال داخل اليمن
ويرى الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذه التوجيهات الصادرة من قيادة محور تعز "تأتي نتيجة للتصعيد الذي حصل جراء القرارات الأخيرة في ما يتعلق بقيام جماعة الحوثي بسكّ عملة جديدة فئة 100 ريال، وما قابل ذلك من البنك المركزي في عدن من قرارات بنقل البنوك، وإلغاء العملة القديمة التي تتعامل بها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها".
ويضيف الخبير الاقتصادي: "تأتي هذه القواعد لتنظيم انتقال العملة في هذا السياق، إذ سيعمل كل طرف على وضع قيود على انتقال العملة، لا سيما العملة الصعبة التي ستكون المحك الأساسي في عملية انتقال العملة، وأيضاً بعد الإجراءات والقرارات الأخيرة بعدم التعامل وإتاحة وقت معين لاستبدال العملة القديمة، بكل تأكيد سيصبح من الصعب انتقال العملة بسهولة".
ويشير الخبير الاقتصادي أن "هذه القيود تأتي أيضاً لوقف عمليات شراء العملة خارج إطار النظام المالي والمصرفي. ففي مناطق سيطرة الحكومة الشرعية جرى عمل الشبكة الموحدة، ومن ثم أعتقد أنها الجهة الرسمية لعملية صرف الأموال وتبادلها، لكن كل هذه الإجراءات تأتي في سياق التصعيد بين الجانبين، ومحاولة كل طرف فرض شروطه وإجراءاته الخاصة في ما يتعلق بالحفاظ على العملة، وإدارة الكتلة النقدية في مناطق سيطرته".
مأزق تداول الريال القديم
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي محمد الجماعي، لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب الإشارة أوّلاً إلى أن قرار الحوثيين مبادلة الطبعة القديمة بالجديدة من المحافظات المحررة إلى مناطق سيطرته، وليس العكس؛ هو محض دعاية وردة فعل استعراضية هدفها امتصاص صدمة الشارع واهتزاز ثقته، عقب قرار إلغاء الطبعة القديمة، وتداعياته على السكان في مناطق سيطرة الحوثي".
ويضيف المحلل الاقتصادي أن ذلك "محض دعاية من وجهين: الوجه الأول هو أن كمية الأوراق النقدية من الطبعة القديمة المتهالكة في مناطق الشرعية لا تتجاوز 2.5 مليون ريال محرزة في أحد بنوك مأرب بحسب تصريح محافظ البنك المركزي أحمد غالب، وثانياً أن الإجراء حتى ولو افترضنا أنه بعيد عن الاستعراض، فهو بدون هدف، وليس لمصلحة الحوثي ولا للعملة القديمة، بل على العكس، ستتأثر قيمة العملة سلباً كلما ازدادت كمية المعروض النقدي من هذه العملة (الملغاة)".
ويتساءل الجماعي: "إذا كان هذا الإجراء مهمّاً فعلاً من وجهة نظر الحوثي، فلماذا لا يشتري المعروض منها في مناطق سيطرته، خاصة أن الأسواق السوداء شهدت تفاعلات كبيرة، نظراً إلى اضطرار الكثير من المواطنين مصارفة ما تحت أيديهم من عملة قديمة بالعملات الأخرى الأجنبية تحسباً لأية قرارات قادمة قد تلغيها بعد انتهاء مهلة بنك عدن، لا سيما في ظل امتناع البنوك والمصارف في صنعاء وما حولها من تبديل القديم بالأجنبي تماشياً والتزاماً بموقف الحوثي الرافض للقرار، ومن ثم قد تراجع الريال من 135 ريالاً للريال السعودي الواحد إلى 165 ريالاً في الأسواق السوداء".
ويؤكد المحلل الاقتصادي أن "استعراض الحوثي بهذا الإجراء وإظهار فارق الصرف بين القديم والجديد وإيهام المواطنين بذلك، ليس ذا قيمة فعلية، مثله مثل قرار منع التعامل مع 13 بنكاً في مناطق الشرعية، حيث إن بعضها لم يدخل إلى الخدمة بعد، كما أن الإجراء ذاته مخالف لقرارات حوثية سابقة بإلغاء التعامل مع العملة المطبوعة من الحكومة الشرعية".