حاولت الولايات المتحدة الأميركية التقليل اليوم من أهمية ما ورد إعلامياً من نية السعودية عن قبولها لليوان الصيني بديلاً عن الدولار في تعاملاتها النفطية مع بكين. وقالت الخارجية الأميركية إن "واشنطن لا تطلب من الحلفاء الاختيار بينها وبين الصين".
وشكك مصدر سعودي ذو صلة بشأن الطاقة لـ"اندبندنت عربية" فيما نشرته "وول ستريت جورنال" الأميركية أن الرياض تدرس تسعير بعض صادراتها البترولية باليوان الصيني. وقال المصدر إن هذا الموضوع لم يطرح ولم تتم مناقشته.
واعتبرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن المملكة العربية السعودية ترسل رسالة سياسية إلى الولايات المتحدة، بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء يفيد بأن أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، يجري محادثات مع الصين بشأن عقود مسعرة باليوان لمدة ست سنوات.
وقال غيوم تريسكا، أحد كبار محللي الأسواق الناشئة في "جينيرالي" في باريس: "لا أعرف ما إذا كان هذا حقيقياً حقاً. يحدث ذلك في وقت يتحرك فيه النظام الجيوسياسي. إنها مجرد إشارة تم إرسالها إلى الولايات المتحدة بأنهم يريدون المزيد من الاهتمام".
ولطالما كان الدولار هو العملة المعتمدة لتسعير عقود الطاقة حول العالم، مما يرفع من أهمية العملة الخضراء ويعزز النفوذ الجيوسياسي لواشنطن. ومع ذلك، مع فرض عقوبات الولايات المتحدة وحلفائها على روسيا التي تقيد المدفوعات بالدولار وتقطع نصف احتياطياتها الأجنبية عن تلك الدولة، تعيد الدول الأخرى النظر في علاقاتها مع العملة، بحسب بلومبيرغ.
Saudi Arabia is in talks to price its oil sales to China in yuan, people familiar with the matter said. The move would dent the U.S. dollar's dominance of the oil market. https://t.co/cqwq1xeoYF
— The Wall Street Journal (@WSJ) March 15, 2022
ويشرح موقع "بزنس انسايدر" أن حوالي 80% من مبيعات النفط العالمية تتم بالدولار، وقد عقدت المملكة العربية السعودية صفقاتها حصريًا بالدولار منذ عام 1974. لذلك إذا تم إبرام صفقة سعودية باليوان، فإنها ستدعم عملة الصين على حساب الدولار.
وقال ويتولد باهريك، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة نورديا، ومقرها كوبنهاغن لـ "بلومبيرغ": "خلال السنوات القليلة الماضية، كانت هناك محاولات عديدة فاشلة للدعوة إلى انهيار الدولار. نعتقد أن هذه مجرد محاولة أخرى".
وشرحت الوكالة الأميركية أن "الريال مرتبط بالدولار، لذا فإن أي ضعف محتمل في العملة الأميركية سيرتد مرة أخرى إلى المملكة. لقد حمى ربط العملة البلاد من تقلب الأسعار وسمح لبنكها المركزي بتكديس الاحتياطيات. يشك بعض المستثمرين في أن الدولة ستبتعد عن تلك الأداة نتيجة لذلك".
في المقابل، جعلت الصين تدويل اليوان أولوية قصوى. وقد سعت دول من بينها روسيا والهند والمملكة العربية السعودية إلى تضمين المدفوعات غير الدولارية في أنظمتها المالية لتقليل اعتمادها على عقوبات الولايات المتحدة هذا العام على روسيا، والدمار الاقتصادي المحتمل الناجم عن عزلتها، جلب إحساساً جديداً للاستعجال بين تلك الدول، حسب تصريحات الاستراتيجيين لـ "بلومبيرغ".
واعتمدت الصين على السعودية كمورد رئيسي للخام العام الماضي، وبحسب "وول ستريت جورنال" فإن الصين أصبحت تشتري أكثر من 25% من صادرات النفط السعودية. كما تضاءلت العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، حيث أصبحت الأخيرة أقل اعتمادًا على النفط السعودي في السنوات الأخيرة مع ازدهار إنتاج النفط الصخري المحلي.
"من المحتمل أن أولئك الذين يتاجرون مع روسيا يبحثون عن بعض خطط الطوارئ إذا امتدت العقوبات لتشمل جميع المدفوعات، خاصة وأن الهند أو المملكة العربية السعودية لن يكون لديهما نفس المستوى من التنسيق مع الولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة"، وفق كان نازلي، مدير الأموال في "نيوبرغر برمان" في لاهاي بهولندا.
يتوقع معظم المستثمرين أن مثل هذه المحاولات للتخلي عن الدولار ستكون ثانوية. ومع ذلك، بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي إلى نظام مالي بديل يستحوذ على حصة محدودة من السوق، بينما يظل الدولار هو العملة المهيمنة في العالم.
قال ماثيو ويلر، رئيس الأبحاث العالمي في "فوريكس دوت كوم": "بعد عدة سنوات قد نرى نظامين ماليين متوازيين على مستوى العالم، لكن هذه الخطوة من قبل السعودية وحدها ليست لحظة فاصلة للوصول إلى هناك".