استمع إلى الملخص
- التحديات الاقتصادية والمالية: انخفاض الروبل أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة وزيادة التضخم، مما دفع البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة إلى 21% مع توقعات بزيادتها. الدعم الحكومي يتقلص، مما يزيد الضغوط الاقتصادية.
- العلاقات التجارية مع الصين: الصين أصبحت الشريك التجاري الأهم لروسيا، لكن انخفاض الروبل مقابل اليوان زاد من تكلفة الواردات، مما يعمق التحديات الاقتصادية.
رغم التطمينات الحكومية في روسيا بشأن عدم تأثر الروبل بالعقوبات الأميركية الأخيرة التي طاولت الكثير من البنوك الروسية، إلا أن الواقع يظهر تراجعاً لافتاً لقيمة العملة الوطنية منذ مطلع العام الجاري، زادت حدته في الأيام الأخيرة، ما ينذر بمتاعب للاقتصاد والمجهود الحربي على حد سواء.
للوهلة الأولى، لم يكن الأمر مختلفاً كثيراً عن العقوبات الأخرى. ففي الحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فرضت وزارة الخزانة الأميركية قيوداً جديدة على أكثر من أربعين بنكاً روسياً، بما في ذلك بنك غازبروم، الذراع المالية لشركة الغاز العملاقة المملوكة للدولة.
وكان البنك، وهو الأكبر في روسيا والذي لم يخضع بالفعل للعقوبات الأميركية، قد استُبعد من الحزم السابقة من أجل السماح لبعض بلدان وسط وشرق أوروبا، بما في ذلك النمسا والمجر وسلوفاكيا، بمواصلة دفع ثمن واردات الغاز الروسي. لكن بعد العشرين من ديسمبر/كانون الأول الحالي، عندما تدخل التدابير حيز التنفيذ الكامل، سوف يضطر المشترون الأوروبيون للغاز الروسي إلى إيجاد حلول بديلة تتضمن إما بنوكاً خارجية أو عملات أخرى غير الدولار، وهو ما سوف يستغرق بعض الوقت.
وجاء إعلان أميركا في لحظة سيئة بالنسبة للاقتصاد الروسي، حيث استجابت أسواق الصرف الأجنبي بشكل سريع لذلك الإعلان. وأدى احتمال فرض قيود جديدة على وصول الروس إلى العملة الصعبة إلى انخفاض قيمة الروبل بنسبة 10% مقابل الدولار إلى أدنى مستوى له عند 115 روبلاً في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن يتدخل البنك المركزي باستخدام احتياطياته لشراء الروبل ويدفعه إلى الصعود. ولكن حتى بعد هذا الارتفاع، لا يزال الروبل منخفضا بنسبة 8% مقابل الدولار خلال الشهر الماضي وأكثر من 15% في العام حتى الآن. والعملة الروسية في أضعف مستوياتها منذ غزو أوكرانيا مباشرة في فبراير/شباط 2022.
وتبدو الحكومة الروسية مطمئنة للتعامل مع القيود الأميركية الأخيرة. ففي حديثه في كازاخستان في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصحافيين إنه لا داعي للهلع من هبوط الروبل. لكن الانخفاض الحاصل في قيمة الروبل يجعل مهمة البنك المركزي الروسي أكثر صعوبة، وفق تقرير لمجلة إيكونوميست البريطانية.
وأشار التقرير إلى أن ضعف الروبل يشكل سلاحاً ذا حدين، ذلك أن انخفاض قيمته مقابل الدولار يزيد من قيمة الروبل في صادرات النفط، وهو ما يساعد في سد العجز المتزايد للحكومة. ولكنه في الوقت نفسه يدفع أسعار السلع المستوردة إلى الارتفاع، وهو أمر مهم لكل من المستهلكين والجهود الحربية التي تبذلها الحكومة.
ويشير محللون إلى أن الواردات الروسية من السلع الاستهلاكية عادة ما ترتفع مع اقتراب عيد الميلاد. وفي الثامن والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، صرح دميتري بيانوف، نائب رئيس بنك في تي بي، ثاني أكبر بنك في روسيا، لوكالة إنترفاكس للأنباء بأن انخفاض الروبل خلال الأيام القليلة الماضية كان "عاملاً تضخمياً قوياً".
وعلاوة على ذلك، أصبحت الصين الشريك التجاري الأكثر أهمية لروسيا في السنوات الأخيرة، حيث توفر أكثر من ثلث جميع الواردات، فضلاً عن المدخلات التكنولوجية العالية التي تشكل أهمية بالغة للجيش الروسي. وانخفضت قيمة الروبل بنسبة 7% مقابل اليوان الصيني في الشهر الماضي، مما سيرفع تكلفة المعدات العسكرية.
وعلى خلفية التضخم المرتفع والمخاوف بشأن قيمة العملة، رفع البنك المركزي الروسي بالفعل أسعار الفائدة إلى 21% هذا العام. ويتوقع المتداولون الآن أن تنهي الأسعار العام عند 25%، ارتفاعاً من توقعات 23% قبل الانحدار الأخير في قيمة الروبل. وحتى الآن، حمت الحكومة الروسية المستهلكين والشركات من آثار ارتفاع الأسعار من خلال مجموعة متنوعة من التدابير المالية.
ولكن مع تعرض المالية العامة للضغوط، جرى تقليص الدعم أخيراً. وكانت أحجام الرهن العقاري في انخفاض وكانت الشركات تحذر من تأخير الاستثمار حتى قبل الجولة الأخيرة من العقوبات. وفي التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، اعترفت إلفيرا نابيولينا، محافظة البنك المركزي، بأن السياسة النقدية وصلت إلى "نقطة تحول" وأن النمو في الإقراض للشركات سوف يبدأ الآن في الانخفاض، مما يقيد الطلب. وقد أدى الجمع بين انخفاض قيمة العملة وعجز الميزانية المتضخم إلى تعزيز التوقعات بحدوث هبوط حاد للاقتصاد الروسي في عام 2025، بعد عامين من النمو القوي، الذي حيّر العديد من المحللين.