تشهد السوق السورية اختفاءً لسلع رئيسية وانفلاتاً في الأسعار، بالتزامن مع تراجع جديد في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، الأمر الذي أرجعه محللون إلى الانعكاسات السريعة للغزو الروسي لأوكرانيا، الذي قوبل بعقوبات غربية صارمة على موسكو، حليفة نظام بشار الأسد في سورية.
وتراجعت العملة السورية بنحو 200 ليرة خلال الأيام الخمسة الماضية، لتصل إلى 3800 ليرة للدولار، اليوم الأربعاء، وتقفز معها أسعار الكثير من السلع ونفاد أخرى.
قال التاجر حمزة خضير، من العاصمة دمشق، إنّ "هناك تزايداً في وتيرة الشراء من قبل المواطنين بغية التخزين، رغم ارتفاع الأسعار"، مشيراً إلى أنّ التخزين الحالي يعد مبكراً بالنسبة لما تشهده الأسواق استعداداً لشهر رمضان من كل عام.
وأضاف خضير، في اتصال مع "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ "مخاوف المستهلكين من نفاد السلع أو استمرار ارتفاع الأسعار، رفع من وتيرة الشراء، وبكميات أكبر من الاستهلاك".
زيادة الأسعار طاولت مياه الشرب
وتابع أنّ "معدلات زيادة الأسعار حالياً هي الأشد، إذ لم تحدث حتى في خضم الحرب السورية، ولم تعد الزيادات تقتصر على أسعار السلع الاستهلاكية بمائة ومائتي ليرة مثلما كان في السابق، وإنما يبلغ ارتفاع بعض السلع ألف ليرة خلال يوم واحد، كما حدث بالنسبة لزيت عباد الشمس، الذي اختفى من الأسواق، إذ قفز سعر الليتر اليوم إلى 12 ألف ليرة، بينما كان قبل عشرة أيام بنحو 8 آلاف ليرة".
وأوضح أنّ زيادة الأسعار طاولت حتى مياه الشرب، مبيّناً أنّ المؤسسة السورية للتجارة (حكومية) رفعت، أمس الثلاثاء، سعر المياه، رغم أنّ آخر زيادة أقرّتها جاءت في 10 فبراير/شباط الماضي.
بدوره، أشار أمين سرّ جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزه، إلى قيام التجار بحجب سلع رئيسية، لافتاً إلى أنّ ارتفاع أسعار الزيوت المتصاعد في الأسواق، يرجع إلى هذه الممارسات.
وقال "قبل أربعة أيام بلغ سعر ليتر الزيت 9500 ليرة، ليصل بعدها بيومين إلى 10500 ليرة، وأمس 11500 ليرة وصولاً إلى 12 ألف ليرة اليوم".
التجار يحجبون السلع
وأضاف حبزه "يمكن أن يرتفع السعر أكثر في الأيام القادمة، إذا استمر التجار في الإحجام عن طرح هذه السلعة في الأسواق"، مشيراً، في تصريحات صحافية، اليوم الأربعاء، إلى أنّ التوريدات الجديدة لم تصل إلى البلد.
ويصف مراقبون من دمشق وضع الأسواق والأسعار بـ"الأسوأ" منذ عشرة أعوام، إذ لم يصل مستوى الأسعار لما هو عليه اليوم، فسعر كيلو الخيار تعدى 3 آلاف ليرة، وسعر كيلو الباذنجان 3500 ليرة، وسجل الأرز أعلى سعر على الإطلاق بقدر 6600 ليرة للكيلوغرام والسكر 3300 ليرة.
وطاولت حمى ارتفاع الأسعار منتجات الألبان، إذ أكدت مصادر من دمشق ارتفاع سعر كيلو الحليب إلى 2100 ليرة، اليوم الأربعاء، بينما وصل سعر كيلو اللبنة إلى 11 ألف ليرة، والجبنة الحلوم 16 ألف ليرة للكيلو، في حين وصل سعر البيضة الواحدة إلى 550 ليرة.
ورأى الخبير الاقتصادي السوري صلاح يوسف، أنّ أسباب ارتفاع الأسعار وبدء تراجع العرض السلعي، يعود لارتفاع تكاليف الاستيراد والنقل عالمياً بالدرجة الأولى، في ظل مخاطر الحرب المندلعة في أوكرانيا.
وقال يوسف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "توقف مدّ روسيا نظام الأسد بالمنتجات، وفي مقدمتها النفط والقمح والذرة، زاد من تراجع مستوى توفر السلع في السوق".
ولفت كذلك إلى أثر تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار، متوقعاً أن تشهد المزيد من الهبوط بوتيرة أكبر خلال الفترة المقبلة، لا سيما إذا استمرت الحرب الروسية في أوكرانيا، وتوقف الدعم والإمداد الروسيين لنظام بشار الأسد.