بدء انتعاش الليرة السورية والمصارف تنتظر فتح "المركزي"

09 ديسمبر 2024
أمام المصرف المركزي، 17 يونيو 2020 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة الاستقرار للأسواق السورية: شهدت الأسواق السورية استقرارًا بعد إعلان عودة العمل في القطاعات الإنتاجية والخدمية، مما أدى لتحسن سعر صرف الليرة وطمأنة المواطنين بشأن ودائعهم في المصارف.

- التحديات الاقتصادية والمصرفية: رغم التحسن الطفيف، تبقى الأسواق حذرة بسبب الطلب على العملات الأجنبية والذهب، مع هيمنة نظام الأسد على القطاع المصرفي، مما يتطلب تنظيم عمل المصارف وتحمل مجلس النقد والتسليف مسؤولياته.

- المصارف الإسلامية والقطاع المصرفي: توجد أربعة مصارف إسلامية في سوريا، لكنها تواجه قيودًا بسبب سيطرة النظام، مع تحديات مثل مخاطر الائتمان والسيولة، وتتركز الفروع في المدن الكبرى، مما يحد من الشمول المالي في الريف.

بدأت ملامح الطمأنة تعود إلى الأسواق السورية، وخاصة الليرة، بعد الأمان الذي حققته "إدارة العمليات" وإعلان رئيس حكومة بشار الأسد المخلوع، محمد غازي الجلالي، أنه على وزراء القطاعات الإنتاجية والخدمية معاودة العمل والتواصل مع الكوادر لتعود لمواقع عملها. ومن المتوقع استبدال الجلالي الأسبوع الحالي، بعد اجتماع جمعه مع أحمد الشرع (الجولاني) ومحمد البشير، رئيس حكومة الإنقاذ السابق في إدلب، اليوم بدمشق، لتنسيق الاستلام والتسليم. وتجلت ملامح الاستقرار الجزئي من خلال تحسّن سعر صرف الليرة السورية بعد الإعلان عن افتتاح المصارف والعودة إلى العمل غداً الثلاثاء، بحسب مصادر مصرف سورية المركزي، الذي أكد الاثنين أن ودائع المواطنين في المصارف آمنة، وستستأنف المصارف عملها الثلاثاء.  

ويضيف المصرف، بحسب ما نشرت وسائل الإعلام السورية ووكالة "رويترز"، ضرورة الالتزام بتسليم الحوالات لمستحقيها بالليرة السورية، والعملة المتداولة هي الليرة السورية بفئاتها كافة، ولم يتم سحب أي فئة من التداول. 

تحسّن الليرة السورية

وانعكست التطورات على الليرة السورية التي سجلت اليوم الاثنين، بحسب موقع "الليرة السورية"، من دمشق 17 ألف ليرة متحسنة عن سعر أمس الذي لامس 20 ألف ليرة للدولار، وتراوح سعر اليورو 17,954 مبيعاً و16,893 شراءً، وهبطت الليرة التركية إلى 488 مبيعاً و458 شراءً. وفي حين لم تزل الأسواق "حذرة ومتوجسة" بحسب مصادر من دمشق تؤكد لـ"العربي الجديد" استمرار الطلب على العملات الأجنبية والذهب الذي سجل اليوم مليوناً و327 ألف ليرة سورية للغرام من عيار 21 قيراطاً، وقفز سعر الذهب عيار 24 إلى مليون و511 ألف ليرة سورية في دمشق، مع تأكيد المصادر الخاصة على استمرار إغلاق معظم محال الصاغة وتراجع التعامل بانتظار "الاستقرار".  

ويقول المحلل الاقتصادي، عماد الدين المصبح، إن "الأساس بطمأنة السوق" بعد الاستقرار الأمني ومباركة الدول الخارجية سقوط نظام الأسد ورسائل التعامل مع الحكم الجديد، هو عودة المصرف المركزي للسوق لتنظيم عمل المصارف الخاصة وتحمل مجلس النقد والتسليف مسؤوليتهم تجاه المصارف الحكومية والخاصة ونشرات التسعير اليومية".

ويتابع المصبح: "بمجرد عودة فتح المصارف وبدء التعامل، ولو بالحدود الدنيا وتحديد سعر الصرف، تبدأ ملامح الاستقرار وتخرج الأسواق عن حالة الارتجال والفوضى بالتسعير التي نراها اليوم"، مؤكداً أن "التردد لدى العاملين السابقين بالدولة بدأ يتلاشى"، متوقعاً عودة الموظفين تدريجياً لمؤسساتهم، بعد نداء الوزراء وضرورة استمرار الحياة، وعمل القطاعات الإنتاجية والخدمية لتأمين احتياجات السوريين.  

وبيّن أن في سورية ستة مصارف حكومية متخصصة هي "عقاري، وصناعي، وتجاري، وزراعي، وتسليف، ومصرف التوفير"، في حين المصارف الخاصة أكثر عدداً وانتشاراً، بعد فتح باب الاستثمار بالمصارف وفق القانون 28 لعام 2001، الذي جذب نحو 14 مصرفاً، أو فرع مصرف خاص، منها 4 مصارف إسلامية.  

وينبه المصبح، خلال تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى "مدى هيمنة نظام الأسد المخلوع على قطاع المصارف والتشارك برساميل التأسيس عبر مشغلي أمواله أو مندوبين من الأمانة العامة للتنمية، التي ترأستها أسماء الأسد، وتلك المؤسسة سيطرت على معظم مفاصل الاقتصاد السوري". ويكشف المحلل الاقتصادي أن "بنك بيمو" اشترى فرع بنك بيبلوس وأطلق اسم "الشهباء" على المصرف الجديد، كما اشترى بنك عودة وأطلق عليه اسم "الائتمان الأهلي". وبنك بيمو الذي توسع في سورية واشترى فروع المصارف يديره بسام معماري، وهو يتبع للأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأسد زوجة الرئيس المخلوع.  

الهيمنة على المصارف

وحول دور المصارف الإسلامية التي يمكن أن يكون لها حضور ورواج خلال الفترة المقبلة، يضيف الاقتصادي السوري أن القانون جذب أربعة مصارف إسلامية هي "بنك سورية الدولي الإسلامي، بنك الشام، بنك البركة-سورية، والبنك الوطني الإسلامي". ولكن لم تتمتع تلك المصارف بالحرية أو تستقل عن استثمارات نظام الأسد. فعلى سبيل المثال، كانت الحصة الأكبر في بنك سورية الإسلامي لسامر فوز، وهو أحد وجوه أسماء الأسد، كما كانت مجموعة القاطرجي مالكة لأكبر حصة بالبنك الوطني الإسلامي، وهي أيضاً تتبع للأسد. وعانى القطاع المصرفي بسورية من مخاطر عدة خلال حكم بشار الأسد، منها مخاطر ائتمانية نتيجة عدم قدرة الزبائن على التسديد، ومخاطر سيولة نتيجة طلبات المودعين المفاجئة بسحب ودائعهم، إضافة إلى مخاطر سعر الصرف، نظراً لانخفاض قيمة العملة وتقلّبات السعر.  

كما لم تشهد سنوات ما تسمى "الانفتاح الاقتصادي" أية خطوات متقدمة على مستوى انتشار المصارف وتنوع خدماتها، وفق المعايير الدولية. وتركزت شبكة الفروع المصرفية في دمشق وحلب، بينما بقي الريف السوري خارج الشمول المالي، حيث لم يستفد من الخدمات والتسهيلات المصرفية كما استفادت المدن الكبرى.  

وتظهر نتائج دراسة أعدها المركز الاقتصادي السوري أن لكل 26 مواطناً سورياً حساباً مصرفياً واحداً، في حين تشير الإحصائيات إلى أن لكل 16 مصرياً حساباً واحداً، وهذا يشير، بحسب المركز، إلى أن آلية الإقراض ما زالت بطيئة، لم ترتقِ للمستوى المطلوب، متأثرة بعوامل عديدة منها وضع إشارات التأمين والرهونات، ورسوم الطابع وغيرها، ما تصل نسبته بالنسبة للتسليفات الاستثمارية والسكنية إلى 5% من القرض. 

المساهمون