قالت وكالة "بلومبيرغ"، اليوم الاثنين، إن مصر ستتجه إلى مزيد من خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدولي المقرر خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، متوقعة في الوقت ذاته مزيداً من الانخفاض خلال الـ12 شهراً المقبلة.
وأشارت الوكالة إلى ضعف مرونة سعر الصرف في مصر مقارنة بأوضاع السوق الذي من المتوقع أن يشهد مزيدا من الاضطراب خلال الأشهر المقبلة.
وأضافت أنه على الرغم من أن مصر خلال الربع الحالي من العام سمحت للجنيه بالهبوط بمعدل أكبر من كل العملات الأخرى تقريبًا في العالم، إلا أن المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت السلطات ستخفف قبضتها تمامًا عن العملة إذا تعرضت لمزيد من الضغط، مشيرة إلى أن الإجابة عن تساؤلاتهم لن تتأخر طويلا.
أزمة عملة متوقعة
وتعد مصر الاقتصاد الناشئ الأكثر عرضة لأزمة العملة على مدار الـ12 شهرًا القادمة، وفقًا لمقياس نومورا "Nomura Holdings Inc" الذي توقع عمليات البيع السابقة.
كما أن بنك "اتش اس بي سي"، الذي توقع سابقًا أن يستقر الجنيه عند حوالي 24 لكل دولار، رفع توقعاته حاليا إلى تحرك سعر الصرف نحو 26 جنيها للدولار، ما يعني انخفاضًا بنسبة 5.5 في المائة تقريبًا عن المستويات الحالية، ويبلغ سعر الدولار رسميا حاليا بين 24.5 و24.6 جنيها.
كما أن إحجام المستثمرين الأجانب إلى حد كبير عن الاستثمار في أذون الخزانة المصرية (الأموال الساخنة)، أدى إلى ارتفاع حاد في عوائدها، بحيث وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل عام 2019 في المزادات الأخيرة.
Investors are questioning whether authorities would completely loosen their grip if the Egyptian pound comes under more pressure https://t.co/1Hq3JVuq6F
— Bloomberg (@business) November 28, 2022
وخفضت مصر قيمة الجنيه بنسبة 18% في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأشارت إلى أنها تتحول إلى نظام صرف أجنبي أكثر مرونة في الوقت الذي يصارع فيه الاقتصاد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال سايمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في "اتش اس بي سي"، في تقرير، إن "الجنيه المصري لم يتغير كثيرًا مقابل الدولار، بعد التحرك الأولي الحاد وقت إبرام صفقة صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي كانت فيه عملات الأسواق الناشئة الأخرى أكثر تقلباً".
وأضاف ويليامز أنه "إذا استمر الوضع الراهن، فإن احتمال حدوث تحول هبوطي أعمق في قيمة الجنيه سيرتفع".
ووفقا لبنك "نومورا" الذي يتخذ من طوكيو مقرّا له، فإن مصر سجلت أعلى نتيجة بين نظرائها من الأسواق الناشئة في مؤشر تحذير نومورا المبكر لأزمات سعر الصرف، حيث إن مصر هي واحدة من 4 دول لم تخرج بعد من أزمة العملة حتى بعدما شهدت بيعا مكثفا للعملة.
استهلاك متزايد
يتوقع المحلل في "كولومبيا ثريدنيدل" للاستثمارات جوردون باورز أن " تسمح مصر ببعض الانخفاض السريع في قيمة العملة"، وذلك قبل الموافقة المتوقعة، الشهر المقبل، على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، والذي يفضل سعر صرف أكثر مرونة كشرط للدعم المالي.
ويضيف باورز أنه "بالنظر إلى المستقبل، فإن مصر تواجه عدة نقاط ضغط، من بينها سماح البنك المركزي في نهاية ديسمبر/ كانون الأول بإلغاء شرط حصول المستوردين على خطابات اعتماد لشراء بعض السلع في الخارج".
كما "تحتاج البلاد أيضًا إلى تصفية الطلبات المتراكمة من المستوردين والشركات للوصول إلى العملة الصعبة والتي تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار، وهي خطوة أخرى يمكن أن تزيد الضغط على الجنيه".
ولا يزال التداول في سوق السندات المحلية ضعيفًا، بينما في السوق الخارجية صعد المستثمرون رهاناتهم على أن الجنيه سوف ينخفض أكثر من 13 في المائة في الأشهر الـ12 المقبلة. تتوقع الخبيرة الاقتصادية في "ستاندرد تشارترد بي إل سي" كارلا سليم أن "الجنيه المصري سيظل تحت الضغط حتى تكون هناك المزيد من التدفقات الدولارية من الحلفاء الخليجيين الذين سارعوا إلى مساعدة مصر بتعهدات الودائع والاستثمارات".