- إسرائيل تواجه تحديات اقتصادية بسبب الحرب على غزة، تشمل انخفاض الاستثمار الأجنبي وتعطل التجارة الدولية، مما يؤدي إلى توقعات بأوقات اقتصادية صعبة وزيادة العجز في الميزانية.
- تزايد الردود الدولية ضد إسرائيل بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية وتعليق التجارة من دول مثل كولومبيا وتركيا، في سياق دعوات لوقف القتال والاستجابة لقرارات مجلس الأمن وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
قالت وكالة بلومبيرغ نيوز الخميس، إن وزارة التجارة في كولومبيا أوصت بفرض قيود على مبيعات الفحم لإسرائيل في مسعى لإنهاء الحرب على قطاع غزة، وفقاً لما اطّلعت عليه الوكالة من وثائق داخلية، وبعض المصادر الخاصة بها.
قيود مبيعات الفحم لإسرائيل لوقف حرب غزة
وأوضحت الوزارة أنها تسعى إلى استصدار قيود على شحنات مبيعات الفحم لإسرائيل من لجنة للتعريفات الجمركية والتجارة الخارجية. وأشارت إلى أن توصيتها تأتي كمحاولة لعزل إسرائيل بسبب حربها على غزة، وارتفاع أعداد قتلى المدنيين بالقطاع. وتعد كولومبيا أكبر مصدّر للفحم لإسرائيل، حيث باعتها ما قيمته حوالي 450 مليون دولار من الوقود العام الماضي.
وقالت وزارة التجارة في كولومبيا إن القيود المفروضة على الفحم تهدف إلى "المساعدة في إنهاء النزاع المسلح"، ويجب أن تظل سارية حتى تنتهي الحرب. وتسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في توتر العلاقات بين تل أبيب وبوغوتا، حيث انضمت كولومبيا إلى قائمة الدول التي اتخذت إجراءات دبلوماسية حاسمة تجاه إسرائيل، بعد عدوانها على قطاع غزة المستمر منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أن حكومته ستقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وفتح سفارة لها في رام الله بالضفة الغربية. وكان وزير خارجية كولومبيا قد أكد في تصريحات لـ"رويترز" أن ما يحدث في قطاع غزة "إبادة جماعية".
وأعلن الرئيس الكولومبي، في وقت سابق، دعم بلاده لقرار محكمة العدل الدولية، الذي أمر إسرائيل بوقف هجماتها فوراً على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. وأوضح أن الحكم الذي أصدرته المحكمة "بوقف الإبادة الجماعية من قبل حكومة بنيامين نتنياهو يظهر طبيعة الهمجية التي أطلق لها العنان ضد فلسطين".
كولومبيا ليست الأولى
وتواجه إسرائيل منذ بدء هجومها على قطاع غزة المحاصر صدمة اقتصادية كبيرة، جاء 90% بسبب العواقب غير المباشرة للعدوان، مثل تعطل تجارتها الدولية، وانخفاض الاستثمار الأجنبي، واضطراب سوق العمل، وإعاقة نمو الإنتاجية. وفي مارس/آذار الماضي، أعلن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الاتحاد الأوروبي سيحقق في امتثال إسرائيل لبنود حقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن صندوق التقاعد النرويجي، أكبر صناديق التقاعد في العالم، أنه بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كان قد سحب استثماراته بالكامل من السندات الحكومية الإسرائيلية، والبالغة قيمتها نصف مليار دولار. وحالياً، تتزايد الضغوط على صندوق الثروة السيادي في النرويج، الذي يدير أصولاً تتجاوز قيمتها 1.6 تريليون دولار، لإعادة النظر في الشروط التي يستثمر بموجبها في إسرائيل بسبب الحرب على غزة، كما دعا برلمانيون وعدة منظمات غير حكومية إلى سحب الاستثمارات بالكامل من هناك.
والشهر الماضي، قررت الحكومة التركية تعليق التجارة مع دولة الاحتلال، مشيرةً إلى "المأساة الإنسانية المتفاقمة" في غزة باعتبارها السبب الرئيسي. ودفع هذا الإجراء الشركات الإسرائيلية إلى البحث بشكل عاجل عن بدائل للواردات الحيوية التي كانت إسرائيل تشتريها من تركيا. ونقلت وسائل إعلام عن كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية شموئيل أبرامزون قوله: "في حين أن بعض البدائل قد تؤدي إلى تكاليف أعلى، إلا أننا لا نتوقع حدوث اضطراب كبير أو مستمر في الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تصرفات تركيا".
وانخفضت التجارة الثنائية بين إسرائيل وتركيا بالفعل بنسبة 23% تقريبًا إلى 6.2 مليارات دولار في العام 2023، وتشكل الواردات الإسرائيلية حوالي ثلاثة أرباع هذا المبلغ. وفي أعقاب قرار أنقرة، لم تحقق الجهود المبذولة لإعادة توجيه البضائع التركية عبر دول أخرى أي نجاح حتى الآن.
وقررت سلسلة المقاهي والمخبوزات البريطانية "بريت آ مانجيه" إلغاء الامتياز الذي منحته لشركة "فوكس" الإسرائيلية من أجل فتح نحو 40 متجراً لها في إسرائيل. وأبلغت "فوكس" البورصة بأن الشركة البريطانية أوضحت أن الحرب تُعتبر قوة عليا تؤثر في "القدرة على تنفيذ نشاطات مسبقة ومطلوبة من أجل بدء الأعمال حسب اتفاق الرخصة".
وعلى الجانب الآخر، انتشرت في العديد من الدول العربية والإسلامية حملات تدعو لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وشراء السلع المحلية، وحقق بعضها نجاحاً كبيراً، الأمر الذي سمح لمنتجي السلع البديلة المحلية بتحقيق طفرات في مبيعاتهم. وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الحكومة في جزر المالديف الشهر الماضي حظر دخول الإسرائيليين إليها على خلفية الحرب في غزة.
وبعيداً عن حظر تصدير السلاح في العديد من الاقتصادات الكبرى لإسرائيل، قررت فرنسا أخيراً إلغاء مشاركة إسرائيل في معرض للسلاح سيعقد على أراضيها بعد ثلاثة أسابيع، احتجاجا على عمليات الجيش الإسرائيلي في رفح. ويعد هذا المعرض أحد أهم معارض السلاح في أوروبا، وعادة ما يكون للشركات الأمنية الإسرائيلية الكثير مما تعرضه هناك، في وقت تتسلح دول أوروبية كبيرة بالسلاح المتقدم على خلفية الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
والتزمت الحكومة الإسرائيلية بتغطية الأضرار المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن الحرب، ويشمل ذلك تعويض الشركات عن فقدان مبيعاتها وضمان دفع الرواتب للموظفين المتضررين. ولدعم هذه الجهود، أنشأت الحكومة صندوق قروض بقيمة 10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار أميركي)، وتقدم منحًا للشركات التي تعاني من انخفاض حاد في المبيعات.
ورغم صعوبة التنبؤ بالأثر المالي الإجمالي على الاقتصاد الإسرائيلي من جراء هذه الخطوات، من الواضح أن إسرائيل ستواجه أوقاتًا اقتصادية صعبة في المستقبل. وقام البنك المركزي الإسرائيلي بمراجعة توقعاته للنمو لعام 2024 من 3% إلى 2%، ويتوقع أن يستغرق تعافي الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل الحرب أكثر من عام.
ومع كل هذه التحديات، لا تزال احتياجات الإنفاق في إسرائيل تمثل ضغوطاً متصاعدة. وقامت حكومة الاحتلال أخيراً بزيادة الميزانية الوطنية بحوالي 19 مليار دولار أميركي، متوقعة عجزاً بنسبة 6.6% للعام الحالي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى النفقات المتعلقة بالحرب.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة خلفت ما يقرب من 120 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قراراً من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فوراً، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، و"تحسين الوضع الإنساني" بغزة.