استمع إلى الملخص
- إنشاء البنك يعد جزءًا من استراتيجية لتطوير القطاع المصرفي السوري، مع التأكيد على أن هذه الخطوة ستسهل الحركة التجارية وتنعكس إيجابًا على الميزان التجاري بين البلدين، مما يعزز التبادل التجاري.
- رغم العقوبات الدولية، تهدف إيران من خلال هذا البنك إلى تعزيز استحواذها على الاقتصاد السوري وتسهيل التعاملات المالية لاستثماراتها، مع مخاوف من مخالفة القوانين السورية وإمكانية تعديلها لتلائم هذا التوجه.
خلافاً للقوانين، منحت حكومة النظام السوري ترخيصاً لإنشاء بنك إيراني في سورية مقره في دمشق، باسم "بنك المدينة الإسلامي"، برأسمال قدره 50 مليار ليرة سورية (حوالي 3.8 ملايين دولار)، بشراكة إيرانية تصل إلى 60%، على أن يطرح 40% من أسهمه للاكتتاب العام للسوريين.
وبحسب نص القرار الموقع من رئيس حكومة النظام حسين عرنوس، والمؤرخ في الخامس من يونيو/ حزيران الجاري، فان ملكية البنك تعود لشركة "فاراب سروش آفاق قشم" الإيرانية بنسبة 58% من رأس المال، فيما يساهم رئيس مجلس إدارة الشركة حسين يعقوبي مياب وسيدة أعمال إيرانية بنسبة 1% لكل منهما من رأس المال، على أن يطرح البنك 40% من أسهمه على الاكتتاب العام.
وأورد مصرف سورية المركزي على موقعه الرسمي، أمس الخميس، أن إنشاء بنك إيراني في سورية جاء في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، و"بهدف الاستفادة من تجارب المصارف الإيرانية في أدوات العمل المصرفي الحديثة، خاصة الإلكترونية منها، بما يواكب التطورات الحاصلة في هذا المجال محلياً ودولياً".
ورأى المصرف أن هذه الخطوة "مؤشر إلى الثقة في الاستثمار في الاقتصاد السوري وتلبي متطلبات مرحلة التعافي وإعادة الإعمار من جهة دعم وتطوير القطاع المصرفي، الذي يعتبر محوراً أساسياً في عملية التنمية الاقتصادية"، مشيراً إلى استكمال مرحلة إجراءات التسجيل للمصرف المذكور في سجل المصارف وإجراءات تجهيز المقر الرئيسي للمصرف والفروع والمنافذ المزمع افتتاحها لعمله وتجهيز الكوادر للعمل ضمنه، إضافة إلى طرح الأسهم الفائضة عن مساهمة المؤسسين، والبالغة 40% من رأسماله على الاكتتاب العام للسوريين.
ومع منح ترخيص لعمل بنك إيراني في سورية يرتفع عدد المصارف الإسلامية الخاصة المرخصة في سورية إلى خمسة مصارف، هي "الشام" و"سورية الدولي الإسلامي" و"البركة الإسلامي" و"الوطني الإسلامي". وقال رئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية فهد درويش، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مقربة من النظام، إن البنك سوف "يسهل الحركة التجارية، وينعكس إيجاباً على الميزان التجاري بين البلدين"، وأوضح أن مؤسسي البنك استأجروا أبنية لمكاتبه وبدأوا بتجهيزها وأعلنوا عن طلب الموظفين، بما يساهم في "تنفيذ توجهات حكومتي البلدين نحو تسهيل وتعزيز التبادل التجاري"، خاصة أن قرار تصديق اتفاقية تصفير الرسوم الجمركية على المنتجات المتبادلة يتوقع أن يصدر قريباً جداً.
بنك إيراني في سورية خطوة أخرى للاستحواذ
ورأى الصحافي الاقتصادي السوري محمد عيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ايران تسعى لمزيد من الاستحواذ على قطاعات معينة في الاقتصاد السوري، لكن العقوبات الدولية المفروضة على البلدين تعيق التحويلات المصرفية بينهما، وهو ما استدعى وجود بنك إيراني في سورية يساهم في تمويل الاستثمارات الإيرانية في هذا البلد، ولفت إلى أن مدير البنك حسين يعقوبي مياب كان قد شغل منصب نائب رئيس البنك المركزي الإيراني للشؤون الدولية، وأن اسمه مدرج ضمن لائحة العقوبات الاقتصادية الأميركية، وهذا دليل، كما يضيف، على أن "البنك الجديد سيشرف على إدارته البنك المركزي الإيراني، وليس إدارة مستقلة"، واعتبر أن إنشاء بنك إيراني في سورية "هو خطوة مكملة لتسهيل التعاملات المالية للاستثمارات الإيرانية في سورية بعيداً عن أي رقابة مالية من الجهات المعنية في سورية، كالمصرف المركزي السوري، كما أن نسبة المساهمة في البنك لغير السوريين تبلغ 60%، ما يعني مخالفة صريحة لقانون إنشاء المصارف لعام 2001 في المادة 9 من الفقرة ج، والتي تنص على ألا تتجاوز نسبة تملك غير السوريين 49% من رأس المال".
ورأى عيد أن هذا الأسلوب الأكثر استخداماً من قبل النظام الإيراني للتحايل على العقوبات الأميركية والغربية ونقل وتحويل الأموال، بتأسيس بنوك وشركات بمشاركة مواطنين أجانب، ويقوم بالبيع والشراء بأسماء هذه الشركات وأعضائها الأجانب. من جانبه، توقع الصحافي الاقتصادي فؤاد عبد العزيز، في حديث مع "العربي الجديد"، أن يبادر رئيس النظام قريباً إلى إصدار قانون آخر يعدل بموجبه القانون السابق، لافتاً إلى ضغوط إيرانية مكثفة مورست على النظام كما يبدو للموافقة على رفع نسبة مساهمة الإيرانيين في رأسمال البنك، حيث أرادوه إيرانياً خالصاً من دون أي تدخل سوري، لكن النظام أصر على إبقاء نسبة 40% للاكتتاب العام. وتوقع عبد العزيز أن تذهب هذه النسبة أيضاً إلى موالين لإيران من السوريين.
وكان الحديث عن تأسيس مصرف إيراني في سورية قد بدأ مع زيارة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي إلى دمشق عام 2021، من أجل زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي ظل يتراجع برغم كثرة اتفاقيات التعاون الموقعة بينهما.