مؤشرات متوالية لاتجاه الكويت والبحرين نحو تحالف نفطي استجابةً للتحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجهها الدولتان الخليجيتان، إذ تخطط كل منهما لإطلاق شركة نفطية تجارية بهدف استثمار التوسعات الأخيرة في مصافي النفط لدى البلدين، ومنافسة كبار منتجي النفط في المنطقة في بيع وشراء الوقود.
وتستهدف مؤسسة البترول الكويتية وشركة "بابكو للطاقة" البحرينية بدء عمليات التداول في دبي مطلع العام المقبل، مع نية توسيع مبيعات الديزل ووقود الطائرات، وفقاً لما نقلته وكالة "بلومبيرغ" مؤخرا عن مسؤولين في الشركتين. ويسعى التحالف المزمع إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الإنتاج والتوزيع، ما قد يؤدي إلى تحسين الكفاءة وزيادة القدرة التنافسية في السوق العالمية، بحسب المصادر ذاتها.
ووفق تقدير حديث نشرته وكالة "فيتش"، فإن دوافع تحالف كهذا تعود إلى عدة متغيرات، أبرزها الامتثال لخفض الإنتاج، إذ إن الكويت والبحرين ملتزمتان بشكل كبير بخفض الإنتاج الذي فرضه تكتل "أوبك+"، إضافة إلى تحسين القدرة الإنتاجية، إذ تسعى الكويت إلى زيادة قدرتها الإنتاجية من خلال مشاريع تطويرية، مثل توسيع حقل البحر الذي يهدف إلى زيادة الإنتاج من 45 ألف برميل يوميًا إلى 110 ألف برميل يوميًا. ويتميز هذا الحقل باحتوائه على ثلاثة خزانات نفطية كبيرة وهي: المودود وبرقان والزبير، وتُظهر الدراسات التقنية المستقبلية إمكانات إنتاجية عالية.
ومن شأن هذا النوع من المشاريع أن يفيد التحالف مع البحرين لتعزيز الإنتاج المشترك، بحسب تقدير "فيتش"، الذي لفت إلى أن التحالف يصب في صالح تحقيق أهداف رؤية الكويت 2035 من خلال تبادل المعرفة والتكنولوجيا. كما أن خزانات النفط الكبيرة مثل تلك الموجودة في حقل البحر من العوامل الأساسية لتعزيز قدرة الدول على تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة صادراتها، ولذا فإن الاستثمار في تطوير هذه الخزانات يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين العوائد المالية للدول المنتجة ويعزز من استدامة مواردها الطبيعية، بحسب تقرير نشره موقع "MEED"، المتخصص في اقتصاديات الشرق الأوسط.
إنتاج مشترك بين الكويت والبحرين
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي وضاح طه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قطاع النفط والغاز يشهد تطورًا جديدًا في منطقة الخليج العربي مع إمكانية قيام تحالف نفطي بين الكويت والبحرين، إذ تتميز الكويت بوضع فريد بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تمتلك مناطق مشتركة مع عدة دول مجاورة تحتوي على احتياطيات نفطية وغازية".
ويمثل التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن الطاقي الإقليمي، إذ يمكن أن يساهم وجود احتياطيات نفط وغاز مشتركة بشكل كبير في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء في المجلس، بحسب تقدير أورده تقرير "MEED". ويعني التحالف النفطي وجود مصادر للإنتاج المشترك أو الإدارة المشتركة لمنطقة معينة، كما يوضح طه، مضيفا أن هذا النهج يمكن أن يقصر من المعالجات القانونية المطولة التي قد تنشأ في حالة وجود خلافات حدودية، مثل تلك القائمة مع إيران في بعض المناطق البحرية.
وتعتبر إدارة الموارد المشتركة أحد الحلول الفعالة لتجنب النزاعات الحدودية، وفقاً لما أورده تقرير نشره موقع "OGN" المتخصص في شؤون النفط والغاز، مشيرا إلى أن التعاون الإقليمي حول إدارة الموارد الطبيعية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز السلام والاستقرار الاقتصادي بين الدول المجاورة. وتمتلك الكويت الخبرة والإمكانات اللازمة لإنجاح مثل هذه التحالفات وتسريع إنجاز المشاريع المشتركة، بما في ذلك شركات القطاع الخاص النفطية، ورغم أن البحرين ليست عضوًا في منظمة أوبك ولا تعتبر دولة نفطية بالمعنى التقليدي، إلا أن دراسات تشير إلى وجود احتياطيات لا بأس بها في أراضيها، بحسب طه.
ومن شأن تحالف كهذا، تحت أي سيناريو، أن يسفر عن عوائد تخدم البلدين، سواء كانت في عمليات المنبع (الاستكشاف والإنتاج) أو في عمليات المصب (التكرير والتسويق)، كما ستوفر مثل هذه المشاريع فرص عمل للكوادر المحلية من الشباب البحرينيين والكويتيين، حسب ما يرى الخبير الاقتصادي. وتعتبر فرص العمل الناتجة عن مشاريع الطاقة المشتركة ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادي المحلي، بحسب تقرير "MEED" الذي أكد أن الاستثمار في مشاريع الطاقة يمكن أن يسهم بشكل كبير في خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين.
ولذا يخلص طه إلى أن خطوة التحالف الكويتية البحرينية تعتبر إيجابية في جميع الأحوال، سواء كانت تهدف إلى تطوير مناطق مشتركة أو مجرد تحالف نفطي استراتيجي، وتمثل استباقًا إيجابيًا لتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق المنفعة المتبادلة بين البلدين في قطاع حيوي.