تتواصل التحذيرات الداخلية في إسرائيل من تداعيات تنفيذ "الإصلاحات القضائية"، التي أعلنها وزير القضاء ياريف ليفين، حيث يعتبر الكثيرون أنها تضرب صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، والجهاز القضائي عموماً، ما يؤثر على قطاعات اقتصادية مختلفة لا سيما الصناعة.
وأفادت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية، اليوم الإثنين، بأنّ عضواً من اللجنة النقدية في بنك إسرائيل استقال رفضاً للخطة المثيرة للجدل، والتي وضعتها الحكومة اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو لتعديل النظام القضائي.
وأثارت الإصلاحات المقترحة جدلاً محتدماً مع خروج احتجاجات أسبوعية في أنحاء إسرائيل. ويقول نتنياهو إنّ تلك الإصلاحات تهدف للحد من نفوذ المحكمة العليا، لكن منتقدين يعتبرون أنّ من شأنها تشديد السيطرة السياسية على التعيينات القضائية، والحد من سلطات المحكمة العليا لمراجعة القرارات الحكومية أو القوانين التي يصدرها الكنيست.
وانضم الأحد اثنان من أهم من شغلوا منصب محافظ بنك إسرائيل، تحت ولايات سابقة لنتنياهو، وهما البروفيسور يعقوب فرانكل والبروفيسورة كرنيت بلوغ، إلى مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والصناعيين وأصحاب الشركات الناشئة الذين انتقدوا التعديلات القضائية الأخيرة. وكان شاؤول أولمرت، نجل رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت، وصاحب عدة شركات ناشئة، واحداً من الذين حذروا من التداعيات الكبيرة على الاقتصاد الاسرائيلي في حال تم تنفيذ هذه الإجراءات.
ونشر فرانكل وبلوغ مقالاً مطولاً في صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الإثنين، أشارا فيه إلى أنّ التعديلات المقترحة ستؤدي إلى إزالة كل أدوات المراقبة القانونية والقضائية، وهو ما قد يكون له "أثر هدّام" على الاقتصاد الإسرائيلي ككل، وخفض التقييم الاقتصادي لإسرائيل، وخفض تصنيف اعتمادها المصرفي، وهروب المستثمرين الأجانب وضرب قطاع الهايتك الإسرائيلي، الذي يعتبر اليوم إلى جانب الصناعات العسكرية، أحد أهم مصادر الدخل الأجنبي لدولة الاحتلال.
وبحسب الخبيرين، فإنّ هذه التغييرات "ستمس بصورة إسرائيل كدولة مستقلة وذات استقرار سياسي ومجتمعي داخلي"، كما أنّ "الاقتصاد الإسرائيلي الذي يخوض منافسة شديدة، سيكون معرّضاً لضربات كبيرة خصوصاً إذا مسّت هذه الإصلاحات بحقوق الملكية التي قد تقلق كثيراً المستثمرين الأجانب من احتمال اتخاذ قرارات تعسفية وغير متوقعة، وتغيير قواعد النشاط الاقتصادي في ظل غياب مراقبة وحماية قانونية قضائية".
وأكد المصرفيان أنه "في العالم العصري فإنّ النمو والازدهار الاقتصادي يلزمان استقراراً، ومنظومة قانونية تحترم حقوق الملكية واحترام قوانين الميزانية واحترام أنظمة البنك المركزي، وحماية وضمان منافسة اقتصادية وقواعد نشاط اقتصادي واضحة تتيح التخطيط للمدى البعيد".
ومع إشارتهما إلى ما وصفاه بـ"الإنجازات الإسرائيلية في مجالات الابتكار والتجديد والتفوق المصحوب برفع الاعتماد المصرفي لإسرائيل وفق ثلاث هيئات تصنيف كبرى في العالم، مثل موديز وفيتش وستاندرد أند بورز"، فقد خلصا إلى القول إنه "يحظر على الحكومة تعريض هذه الإنجازات للخطر، خصوصاً على ضوء الأداء الاقتصادي الممتاز في إسرائيل في الأعوام الأخيرة، والذي اعتمد أيضاً على استثمارات أجنبية هائلة، لكن التغييرات في الاقتصاد العالمي بدأت أيضاً في التأثير على النشاط الاقتصادي الداخلي في إسرائيل نفسها".
وجاءت هذه التحذيرات بالتزامن مع رسالة كان قد وجهها أصحاب شركات التقنيات المتقدمة (الهايتك) في إسرائيل إلى نتنياهو، عشية تشكيل حكومته السادسة، فيما كانت تقارير أخرى قد أشارت إلى تراجع الاستثمارات في الشركات الناشئة الإسرائيلية بنحو 42% في العام الماضي، وتحديداً في النصف الأخير منه.