كشفت مصادر ليبية مسؤولة، النقاب عن تلقّي حكومة الوحدة الوطنية اعتراضاً من مسؤولين في عواصم غربية على إجراءاتها الأخيرة المتعلقة بسعيها لتغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مشيرة إلى أن الحدث يحظى باهتمام ومتابعة عدد من سفارات العواصم في طرابلس، خصوصاً تلك التي تمتلك دولها شراكات مع ليبيا في قطاع النفط.
والثلاثاء الماضي، أصدر وزير النفط والغاز في الحكومة محمد عون، تكليفاً لجاد الله العوكلي برئاسة مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، بديلاً عن رئيسها الحالي مصطفى صنع الله، الذي يدير مجلس إدارة المؤسسة منذ عام 2014.
وفي وقت علل فيه عون تكليفه بـ"غياب صنع الله عن العمل"، وشدد على ضرورة تنفيذ تكليفه الجديد، غير أنّ العوكلي خاطب وزير النفط بإخلاء مسؤوليته "من حدوث ارتباك في سير العمل أو أي التزامات قانونية".
وجاء خطاب العوكلي بعد رفض موظفي المؤسسة تمكينه من تسلّم منصبه، موضحاً، أثناء خطابه لوزير النفط، أنّ صنع الله "أبلغ مدير مكتبه بأنه مستمر في ممارسة عمله بصورة اعتيادية من مكان تواجده خارج البلاد". وقالت المصادر نفسها، مفضلةً عدم نشر هويتها، إنّ "الحكومة تلقّت اتصالات من مسؤولين في عواصم غربية، لم تسمّها". وحذّرت من الخطوة، وطالبت بضرورة احتواء الأزمة بين موظفي المؤسسة قبل توسّعها.
ووفقا لمعلومات المصادر، فإن أطرافاً تقف وراء العوكلي، وهو عضو في مجلس الإدارة الحالي الذي يترأسه صنع الله، تسعى إلى تغيير المواقع داخل المؤسسة، بالاستفادة من تغير المشهد بعد تسلّم الحكومة الحالية للسلطة. لكن المصادر نقلت أيضاً تحذيراً، ضمن الاتصالات التي أجراها مسؤولون غربيون مع الحكومة، يتعلق بخطورة الخطوة، في ظل وجود مساع لنقل بعض إدارات المؤسسة إلى بنغازي، ومنها إدارة الإنتاج، ضمن التحضيرات لسيناريو مشروع فدرالي في ليبيا.
وذكرت المصادر أن التحذيرات الغربية أشارت أيضاً إلى عدم مناسبة الإجراء مع الظروف الحالية التي تعيشها البلاد، وأن نتائج تغيير إدارة المؤسسة قد يدخل المؤسسة في خلافات عميقة ويقوّض جهود توحيد مؤسسات الدولة، علاوة على تأثير ذلك على عملية الإنتاج النفطي التي تهدف ليبيا إلى زيادته إلى 1.6 مليون برميل يومياً مع نهاية العام الجاري. ويعود الخلاف داخل إدارة المؤسسة إلى منتصف أغسطس/آب الماضي، عندما تداولت وسائل ليبية خطاباً موجهاً من وزير النفط والغاز، محمد عون، إلى رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، أشار فيه إلى ضرورة تغيير مجلس الإدارة، وبرر ذلك بأن المجلس "تم تشكيله بصورة مخالفة للقوانين وتشريعات لمؤسسة المنظمة لأعمالها"، وتضمّن الخطاب مقترحاً لتشكيل مجلس إدارة جديد مكون من 6 أعضاء، خلافاً للمجلس الحالي المكون من 4 أعضاء.
وفي تصريحات الأسبوع قبل الماضي، عبّر وزير النفط الليبي عن غضبه من صنع الله، مشيراً إلى أنّ الأخير يتلقّى "دعماً من سفارتي أميركا وبريطانيا".
وأشار وزير النفط، إلى وجود ضغوط لم يشر إلى مصدرها، وأكد على حق وزارته في تغيير مجلس إدارة المؤسسة، وأنّه "قرار سيادي". وضرب أمثلة، منها تجاوزات صنع الله بالقول إنّه "لم يتعاون مع وزارة النفط ومجلس النواب بشأن صفقة بيع حصة شركة ماراثون الأميركية في شركة الواحة (ليبية) إلى شركة توتال (فرنسية) عندما طلبت لجنة الطاقة في المجلس من المؤسسة معلومات عن الصفقة قبل استكمالها نهاية العام الماضي".
وفي هذه الأثناء، أكّد الدبيبة أنه لم يدرس طلب وزير النفط، لكنه استدرك بالقول، لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، في لقاء أجرته معه، أن "صنع الله قد يتغير وقد لا يتغير، كل شيء ممكن".