تواصل أسعار الحمضيات ارتفاعها بالأسواق السورية، على الرغم من أن البلاد تؤمن نحو 1% من الإنتاج العالمي، بمتوسط مليون طن سنوياً، لكن وصول سعر كيلو البرتقال إلى 900 ليرة سورية وزيادة سعر الليمون على 2500 ليرة، يحرمان السوريين الذين لا يزيد متوسط دخلهم الشهري على 60 ألف ليرة، منتجات بلادهم.
وتكشف مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد" عن أن متوسط عرض الحمضيات "تراجع هذا الموسم كثيراً"، الأمر الذي رفع الأسعار وزاد عرض "أنواع رديئة غير قابلة للتصدير"، عازية السبب إلى استمرار التصدير بالدرجة الأولى، وتراجع الموسم بسبب حرائق قضت على نحو مليون شجرة حمضيات قبل ثلاثة أشهر.
مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة، سهيل حمدان، يؤكد تراجع الإنتاج هذا العام بنسبة وصلت إلى 25%، معلناً أن تقديرات الإنتاج للموسم الحالي بلغت 800 ألف طن، في حين أن متوسط الإنتاج السنوي كان 1150 مليون طن.
ويبرر حمدان خلال تصريحات صحافية، أن سبب انخفاض الإنتاج عائد إلى تأثير العوامل الجوية الحاصلة والرياح هذا العام، وتحديداً في أيار/ مايو، ما سبّب تساقط الأزهار قبل نضجها، موضحاً أن "برتقال أبو صرة" كان أكثر المتضررين من انخفاض الإنتاج، مؤكداً انخفاضه بمعدل 50% من الكميات الإجمالية.
ويبيّن حمدان أن السوق المحلية لا تستهلك سوى 500 ألف طن في الظروف المثالية، وأن الفائض يتجاوز 300 ألف طن، وسط وجود قوة شرائية ضعيفة، حيث يُصدَّر الفائض إلى العراق وروسيا، والطموح أكبر للتصدير إلى دول أخرى، لأن الحمضيات السورية مطلوبة، ومواصفاتها جيدة، وتنضج قبل حمضيات مصر وتركيا، وهذا من نقاط القوة.
وحول ما يقال عن استغلال المزارعين، إذ لا يزيد سعر كيلو البرتقال الذي يبيعه الفلاح للتجار على 300 ليرة، فيما يقترب سعره بالأسواق من ألف ليرة، يبرر مدير مكتب الحمضيات بأن مرده إلى سعر العبوات وأجور النقل والعمالة، كذلك إن سعر بعض العبوات يصل إلى 600 ليرة سورية، الأمر الذي يؤثر في التسويق المحلي ما بعد القطاف.
بدورها، تعتبر المهندسة الزراعية بتول الأحمد أن متوسط إنتاج الحمضيات في سورية نحو مليون طن سنوياً تزيد أو تنقص قليلاً حسب العوامل الجوية، مقدرة إنتاج بلادها بـ 1% من الإنتاج العالمي السنوي من الحمضيات البالغ 100 مليون طن في كل عام.
وتشير المهندسة السورية لـ"العربي الجديد" إلى أن نحو 65 ألف أسرة سورية تعمل في زراعة الحمضيات، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في سورية نحو 35 ألف هكتار، تحتوي هذه المساحة على 13 مليون شجرة، منها 11 مليون شجرة تثمر سنوياً، وما يميز الحمضيات السورية أنها خالية من الهرمونات، وتعتمد في نضجها على العوامل الطبيعية.
وعن سبب تراجع الإنتاج، تؤكد المهندسة الزراعية أن الحرائق التي شملت مدن إنتاج الحمضيات "اللاذقية وطرطوس" هي السبب الأهم، لأن النيران أتت على نحو مليون شجرة حمضيات مثمرة، كذلك فإن التصدير يأتي بالمرتبة الثانية.
وكانت مصادر سورية رسمية قد أكدت سابقاً أن الحرائق أتت على أشجار الحمضيات (0.4% في محافظة طرطوس، و1.3% في محافظة اللاذقية)، من أصل أشجار الحمضيات الموجودة في كل محافظة.
ويقول سمير أحمد، من محافظة اللاذقية، لـ"العربي الجديد" إن سبب تدني أسعار الحمضيات بالنسبة إلى المزارعين، استغلال التجار "ولا حل أمام الفلاح سوى البيع لهم"، مبيناً خلال اتصال هاتفي أن سعر مبيع كيلو البرتقال لا يتجاوز 250 ليرة من المنتج، لكنه يصل إلى نحو 900 ليرة بأسواق دمشق والمدن البعيدة عن مراكز الإنتاج.
ويضيف أحمد أن حرائق الغابات قبل ثلاثة أشهر أتت على مزارع البرتقال والزيتون، وطاولت الغابات "لكن استغلال المزارعين يتكرر كل عام، ما يوقع الفلاحين بخسائر".
وتشهد أسعار الفواكه بالأسواق السورية ارتفاعات مستمرة، ما جعلها "حلماً" بالنسبة إلى السوريين الذين يعاني أكثر من 93% منهم من الفقر.
إذ تسجل أسعار الفواكه بدمشق وفق رصد "العربي الجديد" ارتفاعات تفوق أضعاف المرات قدرة السوريين الشرائية، إذ يصل سعر الفريز "علب صغيرة " زنة 400 غرام إلى 1000 ليرة سورية وسعر كيلو الرمان 1200 ليرة سورية، أما السفرجل فقد سجل سعراً قدره 1000 ليرة سورية، بينما وصل سعر المنغا إلى 2100 ليرة سورية، والتفاح وسطياً بلغ سعراً قدره 1400 ليرة سورية، ووصل سعر كيلو البرتقال إلى 900 ليرة سورية وسعر الليمون إلى 2500 ليرة سورية.
ويقول الاقتصادي السوري محمود حسين لـ"العربي الجديد" إنه "ربما لا يشغل السوريون اليوم، شراء الحمضيات والفواكه، فحتى شراء الخبز لم يعد بمقدورهم بواقع عقوبات التفقير الجماعية التي يمارسها نظام الأسد، فمتوسط المعيشة الشهري للأسرة السورية يزيد على 600 ألف ليرة، فيما لا يتجاوز متوسط الدخل 60 ألف ليرة.
ويضيف الاقتصادي السوري أن التصدير إلى روسيا هو السبب الأهم لتراجع معروض الحمضيات والخضر والفواكه، وارتفاع أسعارها بالأسواق السورية، مؤكداً أن غرفة تجارة طرطوس اتفقت مع الوفد الروسي الذي زارها الشهر الماضي، على تصدير 700 حاوية من الحمضيات والخضر، كذلك جاء التصدير إلى السعودية والعراق، ليزيد من قلة عرض المنتجات الزراعية في الأسواق السورية ورفع أسعارها.