هوت العملة التركية، اليوم الثلاثاء، إلى 15.63 ليرة مقابل الدولار، لتسجل أدنى سعر منذ خمسة أشهر بعد التراجع العاشر على التوالي، منذ استقرت على نحو 15 ليرة مقابل العملة الأميركية خلال الأشهر الماضية، بعد هبوطها الكبير إلى نحو 18 ليرة للدولار في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إثر آخر تخفيض لأسعار الفائدة إلى 14%.
ويرى مراقبون أن ارتفاع أسعار النفط وعجز الميزان التجاري الذي بلغ 5.55 مليارات دولار الشهر الماضي، هو سبب مهم لتراجع سعر صرف الليرة، لأن تركيا تستورد أكثر من 93% من استهلاكها للنفط والغاز بفاتورة تزيد عن 45 مليار دولار سنوياً.
من جانبه، قال الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن سعر الدولار المتحسن عالمياً، هو العامل الرئيس، إذ لا يوجد سبب داخلي لتبرير استمرار تراجع الليرة.
أضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السياحة والصادرات بأحسن أحوالهما ربما منذ فورة عام 2019، إذ تتطلع بلاده لاستقبال أكثر من 35 مليون سائح هذا العام، بعد بدء التعافي في العام الماضي وتحسن العائدات بنسبة 103% عن عام 2020 وقت وصلت عائدات السياحة إلى 24.4 مليار دولار عام 2021.
وأشار إلى أن تحسن العلاقات مع السعودية والإمارات رفع الآمال بزيادة الصادرات هذا العام، بعد قفزات الربع الأول من 2022، ما جعل رقم 250 مليار دولار ممكن التحقيق.
وبحسب بيانات وزارة التجارة، أمس، فقد حقق إجمالي الصادرات التركية خلال الأشهر الـ4 الأولى من العام الجاري نمواً بنسبة 21.7 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتبلغ عائداتها 83 مليارا و564 مليون دولار.
ولم يبتعد أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير فراس شعبو برأيه، إذ رأى أن رفع سعر الفائدة بالمصرف المركزي الأميركي نصف نقطة لتصل إلى 1%، أدى لرفع سعر الدولار مقابل جميع العملات العالمية، "بل وبدأنا نرى انهيارات العملات الرقمية، ما جعل الإيداع الملاذ الأكثر أماناً بواقع الحروب ومعوقات الإنتاج والتجارة".
ولم ير شعبو خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أي مبرر داخلي لاستمرار تراجع الليرة التركية، سوى استمرار اهتزاز الثقة والمخاوف من إجراءات المصرف المركزي لتحقيق خطته بسعر فائدة منخفض. إذ إن المؤشرات الاقتصادية جميعها تدعو للتفاؤل، سواء صادرات أو سياحة أو حتى حسن علاقات مع دول الجوار والتي ستنعكس على اقتصاد تركيا وعملتها.
وفي حين يرى المتخصص شعبو "ضرورة رفع سعر الفائدة المصرفية بتركيا لامتصاص بعض فائض التضخم الذي اقترب من 70% على أساس سنوي"، توقع "استمرار التضخم عالمياً وتهاوي أسعار عملات الدول الناشئة".
وأضاف أن "العامين المقبلين سيشهدان ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، وقد نرى انهيارات أو إفلاسات وتغير بالخريطة الاقتصادية الدولية جراء الحرب الروسية على أوكرانيا والتوقعات بتوسع رقعة الصراع".
ويستمر تراجع الليرة التركية التي تهاوت خلال العام الماضي من نحو 7.4 ليرات مقابل الدولار إلى أكثر من 14 في مطلع العام وتتابع مشوار تراجعها اليوم، وسط ترقب لاجتماع لجنة السياسات في البنك المركزي، ومخاوف من تنفيذ وعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتخفيض سعر الفائدة التي خفضّها 5 نقاط في العام الماضي لتصل إلى 14% اليوم من 19% قبل ذلك.