يبحث الرئيس دونالد ترامب عن مبررات جديدة تقنع الشعب الأميركي لانتخابه لدورة رئاسية ثانية غير الاقتصاد والحرب التجارية على الصين وتنشيط أسواق المال وإنعاش الأسهم في "وول ستريت" بعد أن باتت الموجة الثانية من جائحة كورونا تهدد بإغلاق الاقتصاد الأميركي للمرة الثانية خلال العام الجاري.
وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي وراء الضغوط التي يكثفها ترامب على السعودية ودول الخليج الأخرى لقبول تطبيع العلاقات مع إسرائيل مثلما فعلت كل من دولتي الإمارات والبحرين.
وحتى الآن يواجه ترامب ثلاث انتكاسات في سياساته الاقتصادية والمالية، إذ فشلت سياساته في إنعاش الاقتصاد رغم التريليونات التي ضخها في خطط التحفيز المالي، كما بدأت بوادر "فقاعة سوق وول ستريت في الانفجار"، وبالتالي يرى مستثمرون أن الاضطراب في أسهم الشركات الكبرى التي تعتمد عليها مؤشرات "وول ستريت" ستتواصل خلال العام الجاري.
أما الانتكاسة الثالثة التي تواجهها حملة ترامب، فتأتي من الصين التي شن عليها حرباً تجارية وتقنية ومالية شرسة، ولكنها فشلت في ضرب النمو الاقتصادي للتنين الصيني.
وتشير بيانات منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي العالمية إلى أن الاقتصاد الصيني يحقق تقدماً في الخروج من جائحة كورونا وربما سينمو بمعدل 1.8% خلال العام الجاري، وهو بذلك سيكون الاقتصاد الوحيد بين الاقتصادات الكبرى الذي سيحقق نمواً خلال العام الجاري.
يحدث النمو الصيني بينما تتوقع المنظمة أن ينكمش الاقتصاد الأميركي بنسبة 3.8%، وبالتالي لن يستطيع ترامب تبرير نجاح حملته ضد الصين والحروب التي خاضها ضدها بأنها كانت في صالح الاقتصاد الأميركي أو أنها أوقفت تقدم النمو الصيني.
على صعيد أسواق الصرف تقدم سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار. وحسب توقعات مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، فإن العملة الصينية قد تواصل الارتفاع الحالي خلال العام المقبل لتصل إلى 6.5 يوان مقابل الدولار. وكان سعر صرف الدولار قبل هذه الحرب التجارية بين بكين وواشنطن فوق 7 ينات. وفي ذات الاتجاه، قادت مؤشرات الأسهم الصينية الثلاثة الكبرى في البر الصيني وفي هونغ كونغ، ارتفاع أسواق المال في جنوب شرقي آسيا بنهاية الأسبوع الجاري.
أما على صعيد انتكاسة سوق "وول ستريت" التي كان يتباهى بها ترامب في تغريداته اليومية خاصة في السنوات الثلاث الأولى لحكمه، فيرى مستثمرون في سوق عقود الخيارات الآجلة، أن الاضطراب الحالي في سوق المال الأميركية ربما سيستمر حتى بعد الانتخابات بسبب ما تردد عن احتمال تأجيل فرز التصويت الذي سيتم عبر البريد هذه المرة لأن الجائحة ستمنع التجمعات.
وتوقع خبراء في مصرف "غولدمان ساكس" أن تتأخر نتائج الانتخابات أكثر من شهر وحتى الثامن من ديسمبر/ كانون الأول لأسباب تتعلق بعملية الفرز، وهو ما يعني أن المستثمرين يتحسبون لما سيحدث من الآن ويمتنعون عن ضخ أية أموال جديدة في السوق حتى نهاية العام الجاري.
من جانبه يقول محلل الأسواق الأميركي، ديفيد ستوكمان، إن سوق المال الأميركية في عهد إدارة ترامب باتت لا تعكس الوضع الاقتصادي في البلاد، وتحولت إلى " كازينو للمقامرة" يعتمد انتعاشها على ضخ الأموال المطبوعة.
وبينما تبقت 43 يوماً تقريباً على الانتخابات تتزايد المخاوف من انفجار" فقاعة الأسهم الأميركية"، في وقت تتزايد فيه ديون الأفراد والشركات وترتفع عدد الإفلاسات. وكانت أسهم التقنية قد خسرت أكثر من تريليون دولار في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.
وحسب ستوكمان استدانت الحكومة الأميركية خلال الأشهرالستة الماضية 4 تريليونات دولار وتتجه لمزيد من الاستدانة. ولا تزال معدلات البطالة مرتفعة، كما الاقتصاد يواصل الانكماش وإن كان بمعدلات أقل من التوقعات.
في هذا الشأن، يرى خبراء غولدمان ساكس في تحليل صدر يوم الجمعة الماضي، أن احتمال فوز المرشح الديمقراطي في هذه الانتخابات جو بايدن مرجح بنسبة 53%، وأن الضرائب على الشركات الأميركية ربما سترتفع خلال العام المقبل. وهذا الاحتمال قائم على أساس أن الحزب الديمقراطي وعد بزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء.
ولكن هنالك أصوات متفائلة بشأن مستقبل الأسهم الأميركية خلال العام المقبل، إذ يرى البروفسور جيرمي سيغال بكلية وارتون للأعمال التجارية في فيلادلفيا في تعليقات لتلفزيون "سي أن بي سي" الأميركي، أن قيمة الأسهم ستتفوق على أداء الاقتصاد في العام المقبل 2021.
لكن هذا الاحتمال مبني على أساس أن الولايات المتحدة ستتمكن من السيطرة على جائحة كورونا. وكانت أسواق المال قد أغلقت منخفضة يوم الجمعة للأسبوع الثالث على التوالي. ووفق البروفسور سيغال فإن البحث عن العائد سيدفع المستثمرين نحو الاستثمار في الأسهم خلال العام المقبل.
على صعيد تداعيات فوز جو بايدن بالانتخابات، يرى محللون في تعليقات نقلتها قناة "سي أن بي سي"، أنه في حال فوز مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية فمن المتوقع أن تشهد أسعار بعض المواد الأولية انتعاشاً بسبب خطته الرامية لاستثمار ترليوني دولار في البنية التحتية، وهو ما يعني بناء الطرق والكباري والمطارات الجديدة وترميمها في الولايات المتحدة. وهذه الخطة سبق أن أعلن عنها ترامب ولكنه فشل في تنفيذها وفضل ضخ الأموال في سوق المال.