استمع إلى الملخص
- يعبر العديد من الأتراك عن خيبة أملهم من الزيادة، حيث لم تواكب تكاليف المعيشة المرتفعة، وأظهرت استطلاعات الرأي أن الأزمة الاقتصادية هي المشكلة الأبرز للمواطنين.
- يرى محللون أن زيادة الأجور قد تؤدي إلى تراجع قيمة الليرة، مع توقعات بزيادة أخرى في منتصف العام المقبل إذا استمر التضخم.
فيما ذهبت التوقعات إلى رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور إلى مستوى التضخم البالغ نحو 49%، فاجأ وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي وداد إشيكهان الشارع مساء اليوم الثلاثاء، عبر رفع الحد الأدنى للأجور اعتباراً من أول يناير/كانون الثاني 2025، تم تحديده بقيمة صافية تبلغ 22104 ليرات تركية (630 دولاراً)، موضحاً أن الزيادة في الحد الأدنى للأجور بلغت 30%.
كما جاءت مفاجأة الشارع أيضاً بإصدار الرفع قبل يومين من الموعد المنتظر، إذ سبق لإشيكهان أن أعلن، أمس الاثنين، خلال اجتماع مجلس الوزراء في المجمع الرئاسي بأنقرة، أنّ لجنة الحد الأدنى للأجور ستعقد اجتماعها الأخير يوم الخميس أو الجمعة وتعلن الأجر.
وركزت مطالبات اتحاد نقابات العمال التركي على زيادة تصل إلى 29583 ليرة تركية، لتكون زيادة غير مسبوقة، ما يمثل زيادة تفوق 70% مقارنةً بالحد الأدنى للأجور الحالي. ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد التركي على تحمّل زيادة كهذه في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة. وردّ مفتش التأمينات الاجتماعية عيسى كاراكاش، بأنّ الرقم المقترح من اتحاد نقابات العمال التركي، قد يصطدم مع واقع التكاليف الاقتصادية التي يعانيها القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات الصغيرة، لتأتي الزيادة التوافقية بين ممثلي اللجنة اليوم، على 22104 ليرات تركية.
وفي تعليقه على الزيادة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منشور عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: "سيُطبّق الحد الأدنى للأجور لعام 2025 بزيادة قدرها 30% ليصبح صافي الأجر 22104 ليرات تركية. أتمنى أن يكون هذا القرار خيراً لبلدنا وشعبنا".
وفيما لم تكن الزيادة على حسب التوقعات وتكاليف المعيشة، يستمر الأتراك بمعاناة ارتفاع الأسعار بواقع تضخم وصل إلى 48.58%، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ورفضت الحكومة التركية زيادة الحد الأدنى للأجور، مرة ثانية خلال العام الجاري وأبقته عند 17.02 ليرة تركية، رغم ارتفاع نسب الجوع والفقر في البلاد، إلى 20 ألفاً و432 ليرة تركية، بحسب تقرير لاتحاد نقابات العمال التركي "Türk-İş" لشهر أكتوبر الماضي، في حين بلغ حد الفقر 66 ألفاً و553 ليرة تركية. أما تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب، فقد وصلت 26 ألفاً و527 ليرة تركية.
ويشغل الاقتصاد والمعيشة الأتراك، بحسب نتائج استطلاع رأي حديث أجرته شركة آسال للأبحاث والدراسات حول أبرز المشكلات المواطنين الأتراك. وقالت شركة الأبحاث والدراسات، إن الاستطلاع شمل 2000 مواطن تركي الشهر الماضي، وسألت المشاركين عن أهم المشكلات التي تعانيها تركيا، مبينة أن %60.2 من آراء المشاركين يعتقدون أن أبرز المشكلات هي الأزمة الاقتصادية.
ويليها في المرتبة الثانية انعدام العدالة بنسبة %9.5، تليها قضية اللاجئين بنسبة %4.4، ثم البطالة بنسبة %4، التعليم %3.2، ضياع القيم الأخلاقية بنسبة %2.5، الإرهاب بنسبة %2، الصحة بنسبة %1.8، المشكلة الكردية بنسبة %1.3، الزلزال والتحول الحضري بنسبة %1، الأمن بنسبة %0.8، الديمقراطية بنسبة %0.5، لا توجد مشكلات %1.
ويقول العامل في قطاع النسيج، حسين برغوت لـ"العربي الجديد"، إنّ "الزيادة كانت أقل بكثير مما توقعنا وقيل عنها، خاصة أن عام 2024 لم يشهد سوى زيادة واحدة على عكس السنوات السابقة". ويضيف برغوت الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور أنّ "كل شيء ارتفع سعره في تركيا، من إيجار المنزل فالسلع الاستهلاكية اليومية وصولاً لأسعار الطاقة والنقل، فكيف احتسبت اللجنة تكاليف المعيشة وقدرت الزيادة، رغم أنها أقل بكثير من الحد الأدنى لتكاليف المعيشة؟".
بدوره يقول المحلل التركي أوزجان أويصال، إنّ رفع الحد الأدنى للأجور اليوم، "جاء مخيباً، لأنّ أدنى التوقعات كانت تصب عند 29 ألف ليرة، لتوازي نسبة التضخم الذي يأكل الأجور ويسد الفجوة بين الدخل والانفاق الكبير والمتزايد في تركيا".
ويلفت أويصال لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الحد الأدنى للأجور "قلما يتقاضاه عامل تركي" إذ تزيد الأجور عملياً عن الحد الأدنى بكثير، في حين بعض العمالة والعمالة الخارجية كان يطبق عليها الحد الأدنى، معتبراً أن الحكومة والقطاع الخاص أخذوا بالاعتبار تراجع الإنتاج والتصدير خلال الفترة الحالية وغير مستبعد بالوقت نفسه، أن تكون هناك زيادة أخرى منتصف العام المقبل إن لم تتراجع نسبة التضخم.
من جهته، يقول المحلل باكير أتاجان "إن الرفع قليل ولن أدافع عنه" ولكن يبقى الاعتماد على تخفيض نسبة التضخم لتتم تحسين مستوى المعيشة من دون زيادة كتلة نقدية كبيرة بالأسواق، معتبراً، في حديث لـ"العربي الجديد" أن زيادة الأجور ستزيد من المعروض النقدي لليرة ما يعني تراجع سعرها، وهذا على الأرجح أهم أسباب عدم الزيادة بنسبة كبيرة.
وكانت لجنة الأجور المشتركة من تمثيل الحكومة وقطاع الأعمال، قد رفعت، في يناير/كانون الثاني الماضي الحد الأدنى، من 11402 ليرة إلى 17002 ليرتين. لتطاول الزيادة ما نسبتهم 38% من 16 مليوناً و687 ألف موظف، أي نحو ستة ملايين و300 ألف، يتقاضون الحد الأدنى للأجور في تركيا.
(الدولار = 35,18 ليرة تركية)