- فلسطين ترحب بالقرار التركي، معتبرة إياه دعماً للشعب الفلسطيني وضغطاً على إسرائيل، وتشيد بالعلاقات الاقتصادية والسياسية مع تركيا.
- إسرائيل تتوعد بالرد، متهمة تركيا بانتهاك الاتفاقيات التجارية وتضحية المصالح الاقتصادية لدعم حماس، بينما تركيا تؤكد على دعمها للشعب الفلسطيني.
أعلنت وزارة التجارة التركية، الثلاثاء، تقييد تصدير بعض منتجات تركيا إلى إسرائيل اعتباراً من اليوم 9 إبريل/ نيسان، في الوقت الذي رحّبت فيه فلسطين بالقرار، في حين توعّدت تل أبيب بالرد. وأوضحت الوزارة في بيان أن القيود على الصادرات إلى إسرائيل ستظلّ سارية "حتى تعلن تل أبيب وقفاً فورياً لإطلاق النار في غزّة وتسمح بتقديم مساعدات كافية ومتواصلة للفلسطينيين". وأضاف البيان أنّ قرار تركيا تقييد الصادرات إلى إسرائيل يشمل 54 منتجاً، منها حديد الإنشاءات والفولاذ المسطّح والرخام والسيراميك. وأكّد البيان أن تركيا لم تبع، منذ فترة طويلة، إسرائيل أي منتج يمكن استخدامه لأغراض عسكرية.
وأشار إلى أن عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا جرّاء الحرب الإسرائيلية العشوائية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تجاوز 33 ألفاً. وأكّد أن "الشعب الفلسطيني الذي يحاول التمسّك بالحياة في قطاع غزّة يعاني من الجوع والفقر، ويُمنع وصوله إلى أبسط المواد الغذائية والمساعدات والإمدادات الطبية من الاحتلال الإسرائيلي".
وقالت وزارة التجارة التركية في بيانها "منذ 7 أكتوبر، تقوم تركيا بجهود سياسية ودبلوماسية على أعلى مستوى، سواء على الساحة الدولية أو في العالم الإسلامي، لوقف الصراع ومنع الخسائر البشرية والدمار المادّي، وتسعى، أولاً، إلى إحلال وقف إطلاق النار الدائم والحل الدبلوماسي، وإعادة بناء غزّة". ولفت البيان إلى أنّ تركيا أوصلت عشرات الآلاف من الأطنان من المساعدات إلى غزّة عبر السفن والطائرات، خاصة المساعدات الغذائية والصحّية والطبية، وأجلت آلاف المرضى. وأكّد أن إسرائيل تواصل انتهاكها الصارخ القانون الدولي، وتتجاهل نداءات المجتمع الدولي العديدة لوقف إطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزّة من دون انقطاع.
وأردف: "من المؤسف أن إسرائيل لم تنفذ أي قرار صادر عن مجلس الأمن والجمعية العامّة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، والتي تشكّل اللبنات الأساسية للقانون والنظام الدوليين". ولفت البيان إلى أن المؤسّسات آنفة الذكر دعت إسرائيل بشكل صريح إلى وقف إطلاق النار والتعاون مع الأمم المتحدة والسماح بدخول كافة المساعدات الإنسانية الضرورية إلى قطاع غزة ودون انقطاع.
وأكدت الوزارة أن قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية ملزمة للدولة، وأن تركيا ستواصل مراقبة تنفيذ هذه القرارات. ودعت جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى القيام بدورهم من أجل ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها تجاه القانون الدولي.
فلسطين ترحب بالقرار
من جانبه، رحب وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور، الثلاثاء، بقرار وزارة التجارة التركية تقييد تصدير 54 منتجاً إلى إسرائيل اعتباراً من 9 إبريل/ نيسان الجاري (اليوم). ونقل بيان صحافي عن الوزير العامور قوله إن "قرار الحكومة التركية يؤكد على موقف البلاد رئيساً وحكومة وشعباً المستمر في دعم الشعب الفلسطيني، والمساعي الحثيثة التي تبذل لإجبار حكومة الاحتلال على وقف الإبادة الجماعية". واعتبر القرار التركي "خطوة في الاتجاه الصحيح لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية، بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات والإغاثة لأبناء شعبنا في قطاع غزة".
ودعا الوزير الفلسطيني جميع الدول إلى "الامتثال الفوري لقرارات المؤسسات الأممية، والترجمة الفورية لها، خاصة أن حكومة الاحتلال مستمرة في تنفيذ الإبادة الجماعية واستخدام التجويع سلاحاً ضد أهلنا في القطاع". وأشاد بعمق العلاقة الاقتصادية والسياسية بين فلسطين وتركيا، والجهود المستمرة في تطوير وتعزيز العلاقة الاقتصادية إلى مستويات متقدمة، خاصة أن تركيا تعد الوجهة الأولى للواردات الفلسطينية. وزاد: "لدينا برنامج عمل لتطوير آفاق التعاون المشترك مع تركيا، وآليات من شأنها أن تسهم في رفع حجم التبادل التجاري المقدر حالياً بمليار دولار".
ونمت الواردات من تركيا إلى فلسطين في 2022 بنسبة 48 بالمائة مقارنة مع 2020 وبنسبة 15 بالمائة كمتوسط سنوي.
إسرائيل تتوعد بالرد على تركيا
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن "تركيا تنتهك من جانب واحد الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل وستّتخذ إسرائيل الخطوات اللازمة ضدها". واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه "يضحّي مرّة أخرى بالمصالح الاقتصادية للشعب التركي، من أجل دعم حماس وسنردّ بالمثل".
واليوم الثلاثاء، صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده أظهرت دعمها الشعب الفلسطيني بإرسال أكثر من 45 ألف طن من المساعدات الإنسانية. وقال أردوغان في رسالة مصوّرة بعثها عشية عيد الفطر الذي يحل الأربعاء: "لقد أظهرنا دعمنا للشعب الفلسطيني في هذه المحنة بإرسال أكثر من 45 ألف طن من المساعدات الإنسانية إلى المنطقة". وتابع: "من الآن فصاعداً سنواصل دعمنا حتى تتوقف إراقة الدماء في غزّة ويقيم إخواننا الفلسطينيون دولة فلسطينية حرة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967".
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قد أعلن، أمس الاثنين، أن بلاده قرّرت اتخاذ سلسلة تدابير جديدة ضد إسرائيل على خلفية عرقلتها مساعي أنقرة لإيصال المساعدات الإنسانية جواً إلى قطاع غزّة، مشيراً إلى حلول أواخر أيام شهر رمضان و"المأساة لا تزال مستمرة في غزّة منذ 6 أشهر"، لافتاً إلى وجود قضية "إبادة جماعية" متواصلة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية وصدور قرار مؤقتٍ بشأن هذه القضية.
وفي مؤتمر صحافي عن الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على قطاع غزّة، وقضية المساعدات الإنسانية، قال الوزير التركي إنّ بلاده تقدّمت بطلب للمشاركة في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية، من خلال طائرات شحن تابعة لسلاح الجو التركي.
وأشار فيدان إلى رفض إسرائيل طلب تركيا بهذا الخصوص، قائلاً إنه "لا يوجد أي مبرّر لإسرائيل في عرقلة مبادرتنا الرامية إلى إيصال المساعدات جوّاً إلى سكان غزّة الذين يصارعون الجوع"، وهو ما جعل أنقرة "تتخذ سلسلة من التدابير الجديدة ضد إسرائيل"، لافتاً إلى أن التدابير التي وافق عليها الرئيس أردوغان سيجرى تنفيذها خطوة بخطوة من دون تأخير. ولم يتطرّق فيدان إلى فحوى التدابير، غير أنه أشار إلى أن المؤسّسات التركية المعنية ستعلن في وقت لاحق تفاصيل هذه التدابير.
وكانت وزارة التجارة التركية قد كشفت أخيراً عن تراجع حجم التجارة مع تل أبيب بنسبة 33% بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والمستمرة منذ ستة أشهر، رغم أن التجارة لا تتم عبر الشركات الحكومية، بل عن طريق الشركات الخاصة، ولا سيما الشركات العالمية. وهي نسبة أقل من التي أعلن عنها سابقاً وزير التجارة عمر بولات بأن التجارة بين إسرائيل وتركيا تقلصت إلى النصف منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكشفت بيانات حديثة لجمعية المصدرين الأتراك أن إجمالي الصادرات التركية لإسرائيل في الربع الأول من عام 2024 بلغ 1.1 مليار دولار بانخفاض 21.6 بالمائة على أساس سنوي. وتشن إسرائيل منذ أكثر من ستة أشهر حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أميركي، خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً بالبنى التحتية، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".
(الأناضول، رويترز، العربي الجديد)