تقلبات وول ستريت... هل تفقد "تجارة ترامب" زخمها أم يستمر المراهنون في ضخ الأموال؟

18 نوفمبر 2024
سمسار يتابع حركة الأسهم في بورصة نيويورك، 5 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسهم الأمريكية تدفقات مالية كبيرة بعد فوز ترامب، مع ارتفاع في أسهم التكنولوجيا والتصنيع والعملات المشفرة، لكن مؤشرات السوق بدأت في التراجع مع توقعات بتباطؤ تيسير السياسة النقدية.
- تراجعت مؤشرات مثل "إس آند بي 500" و"ناسداك 100"، باستثناء "تسلا"، مع جني الأرباح من قبل المستثمرين، رغم استمرار تدفقات مالية كبيرة إلى صناديق الأسهم.
- يتوقع المستثمرون تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الضرائب، لكن يحذر المحللون من التضخم وتقلبات السوق، مع التركيز على الشركات الصغيرة ذات التوجه المحلي.

رغم التحذيرات من أن الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن تاريخياً، وأن الزخم الذي اكتسبته فور اكتساح دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية قد ينحسر خلال الفترة المقبلة، لكن عشرات مليارات الدولارات تتدفق على صناديق الأسهم، وسط رهان على ارتفاع سعر كل شيء من أسهم شركات التكنولوجيا والتصنيع العملاقة إلى العملات المشفرة، إذ يراهن العديد من المستثمرين على أن هذه الأصول ما يزال لديها مجال للركض.

وتتجه الأنظار إلى سوق الأسهم، هذا الأسبوع، بعدما انخفضت مؤشرات السوق، يوم الجمعة الماضي، لتختتم أسوأ أسبوع منذ أكثر من شهرين، إذ فقدت ما تعرف بـ "تجارة ترامب" زخمها، فضلاً عن رهانات المستثمرين على أن البنك الفيدرالي سيضطر إلى إبطاء وتيرة تيسير السياسة النقدية.

وتتوقع مؤسسات مالية ومحللون أن يتراجع زخم ارتفاع الأسهم الأميركية خلال فترة ما بعد الانتخابات، وسط شروع المستثمرين في جني الأرباح. ومع بدء تلاشي النشوة الأولية بشأن أجندة ترامب الداعمة لقطاع الأعمال، بدأ المستثمرون بحساب تكاليف خططه المالية وإمكانية تأثيرها على التضخم ومؤشرات الاقتصاد الكلي.

وانخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 2.1% خلال الأسبوع الماضي، وتراجع مؤشر "ناسداك 100" لأسهم التكنولوجيا بأكثر من 3%، وسجلا أكبر انخفاض أسبوعي منذ الفترة المنتهية في 6 سبتمبر/أيلول. وفي تعاملات، الجمعة وحده، انخفضت أسهم جميع الشركات العملاقة التي توصف بـ"العظماء السبعة" باستثناء "تسلا" التابعة للملياردير إيلون ماسك، مع تراجع أسعار أسهم "أمازون" و"إنفيديا" و"ميتا" بأكثر من 3%. وعانت شركة "بلايد ماتيريالز"، أكبر شركة أميركية لتصنيع معدات تصنيع الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات)، أسوأَ انخفاض لسعر سهمها خلال شهر بعد توقعات مخيبة للآمال للإيرادات.

وذكر بنك "سيتي غروب" في مذكرة أن "ارتفاع أرباح مؤشري (إس آند بي) و(راسل)، قد يدفع نحو جني الأرباح في المدى القريب، ما قد يقلص فرص حدوث مزيد من الارتفاع". وكان المستثمرون قد رفعوا رهاناتهم على صعود أسعار الأسهم الأسبوع الماضي، ليرتفع الانكشاف على مؤشر "إس آند بي 500" إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات، ويتركز الشراء في مؤشر "ناسداك 100" ذي الثقل لشركات التكنولوجيا، ومؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة.

وارتفع مؤشر "إس آند بي 500" إلى مستوى قياسي بدعم التفاؤل من استفادة الأصول المحلية من مقترحات "أميركا أولاً" التي قدمها ترامب، كما أعطت ما يُطلق عليها "عمليات التداول المرتبطة بفوز ترامب" دفعة لأسهم الشركات قليلة رأس المال، التي يُرجح أن تحظى بدعم من موقفه المؤيد للحمائية التجارية.

لكن المحلل في "بلومبيرغ"، جون أوثرز، أشار في مقال له إلى ضرورة الحذر في ما يتعلق بتعامل سوق الأسهم مع فوز ترامب، لافتاً إلى أن الأسهم التي كان من المرجح أن تستفيد خلال إدارة ترامب، وليس من البديل الديمقراطي، شهدت ارتفاعاً كبيراً، بينما "لا ينبغي للسياسيين أن يحكموا على أنفسهم من خلال أداء سوق الأوراق المالية".

وأضاف: "من الضروري توخي الحذر في هذا الشأن، إذ إن أسعار الأصول متقلبة بالفعل إلى الحد الذي يجعل من غير الحكمة استخلاص الكثير من الاستنتاجات في الوقت الحالي، رغم ارتفاعها بقوة بعد الانتخابات".

ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد توافد على صناديق الأسهم في الأسبوع التالي لإعلان فوز ترامب رؤوس أموال بوتيرة نادرة منذ عام 2008. فقد أدى ارتفاع السوق الصاخب منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إلى ارتفاع سعر كل شيء من أسهم شركات التكنولوجيا والتصنيع العملاقة إلى العملات المشفرة. ورغم التحذيرات من توجه السوق إلى التصحيح، واعتبار تداولات يوم الجمعة الماضي مؤشراً على ذلك، لا يزال العديد من المستثمرين يراهنون على أن لدى سوق الأسهم مجالاً للركض.

واستقطبت صناديق الأسهم المتداولة في البورصة والصناديق المشتركة الأميركية ما يقرب من 56 مليار دولار في الأسبوع المنتهي، يوم الأربعاء الماضي، وهو ثاني أكبر حصاد أسبوعي في السجلات يعود إلى عام 2008، وفقًا لبيانات لمؤسسة "إي.بي.إف.آر غلوبال" التي تتعقب تحركات الأموال. واجتذبت مثل هذه الصناديق تدفقات لمدة سبعة أشهر متتالية.

وأبدى العديد من المستثمرين تفاؤلاً باستمرار السوق في الصعود، إذ يتوقعون ضرائب أقل وقيوداً تنظيمية أقل خلال فترة ولاية ترامب الثانية. وقال دومينيك ريزو، مدير محفظة التكنولوجيا في شركة "تي رو برايس غروب" للخدمات المالية، إن التعريفات الجمركية يمكن أن تعزز التصنيع الأميركي، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي. ويشرف ريزو على أسهم "إنفيديا" للرقائق الإلكترونية وشركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى. وبعد ارتفاع كبير لأسهم هذه الشركات، لا يزال متفائلاً.

كما قال المستثمر في سوق الأسهم جو جونسون (37 عاماً)، وفق "وول ستريت جورنال" إنه خاض في أسهم ساخنة بما في ذلك "إنفيديا" و"تسلا" و"مايكروستراتيجي" للعملات المشفرة. وقد تضخمت محفظته هذا العام، وهو يشعر بالرضا عن السوق لدرجة أنه يفكر في ضخ أمواله في الأسهم.

وأضاف: "أنا متفائل بشأن السوق.. النشوة التي يشعر بها الجميع مبررة". وأعرب عن تحمسه لرئاسة ترامب، متوقعاً أن تفيد سياساته أعماله الصغيرة في ولاية ماريلاند، حيث ينشط في بيع أدوات صيانة القوارب وأجزاء المحركات والأغطية الواقية.

لكن بعض مراقبي السوق يحذرون من أن المستثمرين قد يكونون سريعين للغاية في التمسك بالسياسات التي يمكن أن تعزز الأسواق، بينما يتجاهلون الخطط التي قد تثير التضخم وتقلبات السوق. وقال البعض إن الأسهم تبدو باهظة الثمن بعد ارتفاعها الأخير. وقد وصفت سافيتا سوبرامانيان، المحللة الاستراتيجية في "بنك أوف أميركا"، معنويات السوق والمواقف في مذكرة للعملاء بأنها "صعودية بشكل خطير".

وبين المراهنين على مواصلة السوق الصعود والخائفين من موجة تصحيحية تدفع الأسهم إلى الهبوط، هناك من يتحركون بحذر خلال هذه الفترة عبر انتقاء القطاعات التي ستحقق دعماً مستداماً، وفق محللين. على سبيل المثال، ربما تؤجج التعريفات الجمركية التضخم وتضر الشركات متعددة الجنسيات الكبرى، في حين قد تستفيد الشركات الصغيرة ذات التوجه المحلي.

إلا أن تشديد قوانين الهجرة قد يؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة، ما يضغط على الشركات الصغيرة. كما أنه يمكن أن يعزز موقف ترامب المؤيد للطاقة التقليدية الإنتاج، ما قد يخفض أسعار النفط، بينما قد تجد الجهود الرامية إلى إلغاء سياسات الرئيس جو بايدن الداعمة للطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية صعوبة في الحصول على موافقة الكونغرس.

وتوقع إريك كلارك، مدير محفظة في شركة "أكيوفست غلوبال أدفيزورز" لإدارة الأصول والخدمات المالية، أن يبدأ المستثمرون النشطون باستخدام أدوات تحليل دقيقة للتمييز بين الصناعات لمعرفة الشركات والصناعات التي قد تستفيد الآن. وأقدم كلارك بالفعل على تحركات من هذا القبيل، حيث باع بعض أسهم شركات التكنولوجيا والخدمات المالية بعد ارتفاع أسهم البنوك والصناعات والطاقة والتكنولوجيا الكبرى، خلال الأيام الماضية، واشترى أسهماً في شركات التجزئة الفاخرة والسلع الاستهلاكية الأساسية التي كانت منخفضة وسط هذا الارتفاع، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ.

وشهدت أسهم الشركات الصغيرة ارتفاعاً في الأيام التالية لإعلان فوز ترامب، ويبدو أنها في وضع مناسب، حيث يقيّم المتداولون تأثير سياسات الرئيس المنتخب المحتملة. وتستفيد هذه الشركات التي تعتمد على السوق المحلي من دعوات الحمائية الاقتصادية، كما أن تخفيضات الضرائب على الشركات قد تكون مفيدة لها. واقترح ترامب فرض ضريبة تراوح بين 10% و20% على الواردات عامةً من مختلف دول العالم، لتصل إلى 60% على السلع المصنعة في الصين.

المساهمون