استمع إلى الملخص
- تأتي هذه الخطوة ضمن جهود المملكة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، مع تمويل مشاريع ضخمة مثل بناء مدينة جديدة وشركة طيران عالمية، وتعزيز الاستثمار في الرياضة وألعاب الفيديو.
- البنوك المشاركة في الطرح تتلقى طلبات المستثمرين حتى يوم الخميس، مع تسعير الأسهم في اليوم التالي وبدء التداول بالبورصة السعودية يوم الأحد، مما يؤكد على مكانة الطرح كحدث مالي عالمي ودور السعودية المحوري في سوق الطاقة.
جذبت عملية الطرح الثانوي لأسهم شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" طلبات من المستثمرين تزيد على الأسهم المعروضة للبيع خلال ساعات من بدء تلقي الطلبات اليوم الأحد، في صفقة تاريخية يمكن أن تجمع ما يصل إلى 13.1 مليار دولار، ما اعتبر اختباراً مهما لقياس الإقبال العالمي على أصول المملكة. وأرامكو شركة سعودية حكومية عملاقة تعمل في مجال استخراج وتكرير وتوزيع النفط والغاز الطبيعي، تأسست عام 1933، وتعد أكبر شركة منتجة للنفط في العالم من حيث احتياطيات النفط المؤكدة وقدرتها الإنتاجية.
وينظر المستثمرون إلى أرامكو باعتبارها درة تاج الاقتصاد السعودي وشركة النفط الأكثر قيمة في العالم. ومن شأن العرض الذي طال انتظاره أن يخفف الضغط على المملكة على المدى القريب لجمع الأموال المطلوبة لتمويل عدد كبير من المشاريع الضخمة، تشمل بناء مدينة جديدة وشركة طيران عالمية، وكلها تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. ونفذت السعودية عملية بيع ديون بقيمة 12 مليار دولار في وقت سابق من هذا العام، وحولت المليارات من احتياطياتها من العملات الأجنبية إلى صندوق ثروتها السيادية. وتمتلك السعودية حاليًا أكثر من 82% من شركة النفط الحكومية، المعروفة باسم أرامكو، والمدرجة في بورصة تداول للأوراق المالية في البلاد. ويمتلك صندوق الثروة في المملكة – صندوق الاستثمارات العامة، 16% أخرى. أما الباقي فيتم التداول عليه في البورصة.
وتم طرح أرامكو للاكتتاب العام في عام 2019، وجمعت وقتها 29.4 مليار دولار، فيما كان أكبر طرح عام أولي في العالم. ومن الممكن لبيع حصة جديدة من الشركة أن يضعها بالقرب من مستوى مبيعات الأسهم القياسي، الذي تم تحقيقه في الاكتتاب العام الأولي لشركة علي بابا الصينية في عام 2014. وقال بعض الأشخاص إن حجم الطرح سيعتمد إلى حد كبير على رغبة المستثمرين الدوليين في الاستحواذ على أجزاء كبيرة من أسهم أرامكو.
وكانت السعودية، تحت حكم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تفكر في بيع أسهم إضافية في أرامكو منذ فترة طويلة، وأجلت الخطط مرارًا وتكرارًا بسبب الظروف الاقتصادية والسوقية غير المؤكدة. ويقول محللون إن الوقت يبدو أخيراً قد حان، مع اقتراب أسواق الأسهم العالمية من مستويات قياسية، بينما استقرت أسعار النفط فوق 80 دولاراً للبرميل لعدة أشهر. وسيكون أي عرض لأسهم أرامكو كبيرًا بالنسبة لسوق الأسهم السعودية الصغيرة نسبيًا، لكنه لن يوفر سوى جزء صغير من تكلفة المشاريع والمبادرات التي أعلنتها البلاد، والتي يمكن أن يصل إجماليها إلى تريليونات الدولارات إذا تم تنفيذها بالكامل.
يتجسد طموح محمد بن سلمان للمملكة في مدينة الخيال العلمي المخطط لها، والتي يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين وأطلق عليها اسم نيوم. ويتميز المشروع البالغة تكلفته 500 مليار دولار ببعض المباني المغطاة بالزجاج العاكس، والتي يقال إنها تمتد على مسافة 110 أميال. لكن وكالة بلومبيرغ قالت في تقرير لها قبل عدة أسابيع إن السعودية قلصت طموحاتها المتعلقة بمشروع "نيوم"، الذي يعد الأكبر ضمن خطط ولي العهد محمد بن سلمان الرامية لتنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط. وسعى بن سلمان أيضًا إلى إطلاق شركة طيران عالمية، ولديه استثمارات كبيرة في مجال الرياضة وألعاب الفيديو.
ومن المقرر أن تتلقى البنوك المشاركة في العملية طلبات المستثمرين من المؤسسات حتى يوم الخميس، وستقوم بتسعير الأسهم في اليوم التالي، ليبدأ التداول يوم الأحد المقبل في البورصة السعودية بالرياض. وسيكون الطرح مقياسا لجاذبية الرياض للمستثمرين الأجانب، وهو عنصر رئيسي في خطة المملكة الطموح لتنويع موارد اقتصادها. وسبق أن أخفقت المملكة مرارا في تحقيق أهدافها الخاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر.
وقال محللون ومصادر إن البيع سيعزز أيضا جهود الحكومة للتخلص مما وصفه ولي العهد السعودي ذات يوم "بإدمان النفط". ورجحوا أن صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي والأداة المفضلة لقيادة الأجندة الضخمة التي ضخت عشرات المليارات من الدولارات في كل شيء من الرياضة إلى المدن الصحراوية المستقبلية، سيكون المستفيد من هذه الأموال. وانخفض سهم أرامكو نحو 2% اليوم الأحد إلى 28.4 ريال (7.53 دولارات) بحلول الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش. وتعرض السعودية على المستثمرين نحو 1.545 مليار سهم أو 0.64% من أسهم أرامكو بسعر يتراوح بين 26.7 و29 ريالا للسهم، بإجمالي يقل قليلا عن 12 مليار دولار عند بلوغ الحد الأقصى للنطاق. وأعلن أحد مديري الدفاتر للطرح الثانوي لأرامكو تغطية الدفاتر بالحجم الكامل للصفقة ضمن النطاق السعري، مما يعني أن الطلب تجاوز المعروض في الطرح. ويمكن للبنوك زيادة العرض بمليار دولار أخرى. وإذا بيعت جميع الأسهم، فستخفض الحكومة السعودية حصتها في أكبر شركة مصدرة للنفط في العالم 0.7%.
وتساعد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم في إدارة عملية البيع، وهي سيتي وغولدمان ساكس وإتش.إس.بي.سي وجيه.بي مورغان وبنك أوف أميركا ومورغان ستانلي، إلى جانب مؤسسات محلية هي البنك الأهلي السعودي والراجحي المالية والرياض المالية والسعودي الفرنسي. وتضطلع كل من إم.كلاين أند كومباني ومويليس بدوري المستشارين الماليين المستقلين للطرح. وأفاد إفصاح للبورصة اليوم بأن وحدة كريدي سويس السعودية التابعة لمجموعة يو.بي.إس إلى جانب بي.إن.بي باريبا وبنك أوف تشاينا إنترناشونال وتشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن تساعد في البحث عن مشترين للأسهم. وسيتم تخصيص حوالي 10% من الطرح الجديد للمستثمرين الأفراد، على حسب الطلب.
وتبدأ عملية البيع في الوقت الذي اجتمعت فيه مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط اليوم لتحديد سياسة الإنتاج، وتقول مصادر في المجموعة إن بعض وزراء المجموعة سيجتمعون في الرياض. وتخفض أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية وحلفاء بقيادة روسيا، الإنتاج بإجمالي 5.86 ملايين برميل يوميا، أي ما يعادل حوالي 5.7% من الطلب العالمي.
وقال مصدران في أوبك+ اليوم الأحد إن المجموعة اتفقت على تمديد تخفيضات إنتاج النفط الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا لتشمل الربع الثالث من 2024. وأضافا أن المحادثات بشأن التخفيضات في الربع الرابع وعام 2025 مستمرة. وتسعى المجموعة إلى دعم السوق وسط تياطؤ النمو في الطلب العالمي وارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الإنتاج الأميركي. غير أن أرامكو، وهي منذ فترة طويلة مصدر دخل قوي للدولة، رفعت توزيعات أرباحها، إذ أدخلت آلية توزيع جديدة مرتبطة بالأداء العام الماضي، على الرغم من انخفاض الأرباح نفسها نتيجة لتقليص حجم الإنتاج. وتنتج السعودية نحو تسعة ملايين برميل يوميا من النفط الخام، أي ما يقرب من 75% من طاقتها القصوى.
(الدولار = 3.7507 ريالات)
(رويترز، العربي الجديد)